وثائق: الجمع بين حديث الثقلين وحديث الخلفاء من بعدي اثنا عشر.
جاء في حديث صحيح عن النبي (ص) قوله : { إني تارك فيكم خليفتين : كتاب الله ، حبل ممدود ما بين الأرض والسماء،وعترتي أهل بيتي ، وأنهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض }[ صحيح الجامع الصغير للألباني 1: 482، مسند أحمد بن حنبل ، برقم : 21654، تصحيح شعيب الأرنؤوط].
ففي هذا الحديث توجد أربع دلالات :
الأولى : أنّ العترة هم الخلفاء بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
الثانية : أنّ العترة تكون هادية مهدية إلى يوم القيامة ، وهذا هو معنى عدم الافتراق عن القرآن الذي نصّ عليه علماء أهل السنة عند شرحهم للحديث المذكور .
الثالثة : استمرار خلافة العترة إلى يوم القيامة ، كما نصّ على ذلك علماء أهل السنة أنفسهم عند شرحهم لهذا الحديث.
الرابعة : كونهم من قريش ، لأنّ العترة من بني هاشم ، وبنو هاشم من قريش .
فإذا لاحظنا هذا الحديث الصحيح بما فيه من دلالات أربع ولاحظنا حديثا آخر متظافر روته صحاح المسلمين ومسانيدهم ، وهو حديث الخلفاء من بعدي اثنا عشر ننتهي إلى نتيجة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار .
فحديث الخلفاء من بعدي اثنا عشر يشير إلى استمرار خلافتهم إلى يوم القيامة ، حيث جاء فيه : { لا يزال الدين قائماً حتّى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة، كلّهم من قريش }[ صحيح مسلم 6: 4 كتاب الإمارة عن جابر بن سمرة].
يقول ابن كثير في تاريخه : (( قال ابن تيميّة: وهؤلاء المبشّر بهم في حديث جابر بن سمرة وقرّر أنّهم يكونون مفرّقين في الاُمّة ولا تقوم الساعة حتّى يوجدوا))[ تاريخ ابن كثير 6 : 249 ـ 250]. انتهى
وعن ابن حجر في "فتح الباري" : (( ولا بدّ من تمام العدة قبل قيام الساعة)[ فتح الباري 13: 211]. انتهى
وأيضا يشير هذا الحديث إلى أنّ هؤلاء الخلفاء هم من الصالحين : { لا يزال هذا الأمر صالحا }[ انظر مسند أحمد 5: 97، 107].
يقول ابن كثير في تفسيره : (( ومعنى هذا الحديث البشارة بوجود اثني عشر خليفة صالحا يقيم الحق ويعدل فيهم ولايلزم من هذا تواليهم وتتابع أيامهم... ولاتقوم الساعة حتى تكون ولايتهم لا محالة والظاهر أن منهم المهدي المبشر به في الأحاديث الواردة بذكره))[ تفسير ابن كثير 33- 34]. انتهى
فحديث الخلفاء من بعدي اثنا عشر فيه دلالات أربع : الصلاح ، النص على خلافتهم ،استمرار هذه الخلافة إلى يوم القيامة ، وأنهم من قريش... وهي نفسها دلالات حديث الثقلين المتقدمة من دون زيادة ولا نقيصة ... وبمقتضى الجمع بين الحديثين الشريفين ( الثقلين والخلفاء من بعدي اثنا عشر )ننتهي إلى نتيجة واضحة جدا وضوح الشمس في رابعة النهار ،حاصلها :أنّ الخلفاء الأثني عشر الذين تستمر خلافتهم إلى يوم القيامة هم من عترة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا غير ..ولم يصرّح جماعة أو فرقة من فرق المسلمين جميعها بموالاة اثني عشر خليفة أو إماما من العترة سوى الشيعة الإمامية ، وبهذا يثبت المطلوب ... والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
اترك تعليق