لا يَعنِي وُجودُ بَعضِ أحكَامِ الحَنفِيةِ في القُرآنِ أنَّه مِن تَأليفِ البَشرِ.
ما ردُّكم على ما طَرحَه بَعضُ المُستَشرِقينَ منْهم تسدال إلى أنَّ الحَنفِيةَ ورِجَالَها قبلَ البِعثةِ المُحمَّدِيةِ هم أحدُ مَصادرِ القُرآنِ بدَليلِ وُجودِ تَوافُقٍ وتَشابُهٍ بينَ بَعضِ أحكَامِ القُرآنِ وبينَ ما كانَ يَدعُو إليْه الحنفَاءِ. مِثل: 1- الدَّعوةُ لإفرادِ اللهِ بوَحدَانيَّتِه سُبحانَه وتعالى. 2- رَفضُ عِبَادةِ الأصْنامِ. 3- الوَعدُ بالجِنانِ. 4- الوَعيدُ بالعِقابِ في جَهنَّم. 5- اخْتِصاصُ المَولَى بأسمَاءِ "الرَّحمن، الرَّب"، الغَفُور. 6- مَنعُ وأْدِ البنَاتِ، والإقرَارُ بالبَعثِ والنُّشُورِ والحِسابِ.
الأخُ المحتَرمُ.. السَّلامُ علَيكم ورَحمةُ اللهِ وبرَكاتُه.
يُحاوِلُ المُستَشرِقونَ دَائماً الطَّعنَ بالقُرآنِ الكَريمِ والقَولَ إنَّه مِن تأليفِ البَشرِ وليس وَحياً سَماوِياً، وذلك من خِلَالِ دَعوَى وُجودِ تَشابُهٍ بينَ ما يَقُولُه وبينَ ما هو مَوجُودٍ في جَزِيرةِ العَربِ منَ الحَنفِيةِ الإبرَاهِيميةِ وما هو مأثُورٌ منَ الدِّيانَاتِ السَّابِقةِ، وفي الرَّدِّ على هذِه المَزاعمِ كلِّها نَقُول:
لم يأتِ الإسْلامُ لِيَهدِمَ كلَّ ما كانَ قبلَه مِن دِيانَاتٍ وأخلَاقٍ وعَادَاتٍ ومَكارمٍ بِشكْلٍ مُطلَقٍ، بل أثْبتَ منْها ما هو مُوافقٌ لعَقِيدةِ الإسْلامِ، وأبطلَ منْها ما هو مُحرَّمٌ وغَيرُ مَقبُولٍ، وقد صرَّحَ النَّبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذا المَوضُوعِ بِشكْلٍ وَاضحٍ وصَريحٍ حينَ قَال: "إنَّما بُعِثتُ لأُتمِّمَ مَكارِمَ الأخلَاقِ".. فهُناك أخلَاقٌ وعَادَاتٌ كَرِيمةٌ وفَاضِلةٌ كَانتْ في الجَاهِليةِ أبقَى عليْها الإسْلامُ كَالكَرمِ وعِزَّةِ النَّفسِ والحِلمِ والوَفاءِ بالعَهدِ ونَحوِها، وهُناك عَادَاتٌ وأخلَاقٌ نَهى عنْها وسَعى إلى مُحارَبتِها وتَخلِيصِ النَّاسِ منْها، كالطَّوافِ عُراةٍ نحوَ البَيتِ الحَرامِ أو وَأدِ البَناتِ ونَحوِها.
فالإسْلامُ له مَنهَجُه الوَاضحُ في عَقائِدِه وتَشرِيعَاتِه، ومَن ألمَّ به بِشكْلِه المَوسُوعِيِّ العامِّ وَجدَه شَرِيعةً سَماوِيةً مُترَامِيةَ الأطرَافِ غَطَّتْ بتَنوُّعِها المُتفرِّدِ كلَّ أبعَادِ الحَياةِ البَشرِّيةِ وحَاجَاتِها الدُّنيوِيةِ والأخْرَوِيةِ بِشكْلٍ لم يُسبَقْ له نَظِيرٌ في تَارِيخِ الدِّيانَاتِ والدَّساتِيرِ الوَضعِيةِ.
ودُمتُم سَالِمينَ.
اترك تعليق