إشكَالَاتٌ حَولَ النَّهضَةِ الحُسَينيَّةِ وجَوابُها.

علي الخُزاعِي/: السَّلامُ علَيكم ورَحمةُ اللهِ وبرَكاتُه. طَرحَ أحدُ أتبَاعِ ابنِ تَيمِيةَ سُؤالاً وقد رَددْنَا عليْه ولم يَقتَنِعْ بها، هل يُمكِنُ ردٌّ شَافٍ مِن مَصَادِرِهم (# نَسْف العِصمَةِ المَزعُومَةِ!؟ لمَاذا أخذَ سيِّدُنا الحُسَينُ معَه النَّساءَ والأطفَالَ إلى (كرٍّ) و ( بَلاءٍ)؟ إنْ قُلتَ يا شِيعِيَّ: إنَّه لم يَكُنْ يَعلَمُ ما سَيحْصَلُ لهم.  فقَد نَسفْتَ العِصمَةَ المَزعُومَةَ التي تَقُولُ: إنَّ الحُسَينَ يَعلَمُ الغَيبَ!!؟؟، وإنْ قُلتَ: إنَّه يَعلَمُ. فسَأقُولُ لك: هل خَرجَ الحُسَينُ ليُقتَلَ أبنَاؤُه وتُسبَى نِسَاؤُه؟ وإنْ قُلتَ: إنَّ الحُسَينَ خَرجَ ليُنقِذَ الإسْلامَ كمَا يُردِّدُ عُلمَاءُ العَمائِمِ. فسَأقُولُ لك: وهل كانَ الإسْلامُ مُنحَرِفاً في عَهدِ الحَسنِ؟ وهل كانَ الإسْلامُ مُنحَرِفاً في عَهدِ عليٍّ؟ ولمَاذا لم يُخرِجَا لإعَادةِ الإسْلامِ؟ فأمَّا أنْ تَشهَدَ بعَدالَةِ الخُلفَاءِ وصِدقِهِم ورِضَى عليٍّ بهِم أو تَشهَدَ بخِيانَةِ عليٍّ والحَسنِ للإسْلامِ؟؟!!))) وشُكراً لكم.

: اللجنة العلمية

     الأخُ عَلِي المحتَرمُ.. السَّلامُ علَيكم ورَحمةُ اللهِ وبرَكاتُه. 

     أمَّا الإشكَالُ: لمَاذا خَرجَ الحُسَينُ (عليه السلام) إلى كَربَلاءَ بنِسَائِه وهو يَعلَمُ أنَّه سَيُقتَلُ فيْها وهو رَميٌ للنَّفسِ في التَّهلُكَةِ، وهذا مُحرَّمٌ شَرعاً؟!

     جَوابُه: لقد رَوَى أهلُ السُّنةِ بأسَانِيدَ صَحِيحَةٍ أنَّ النَّبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أخبَرَ عن مَقتَلِ وَلَدِه الحُسَينِ (عليه السلام) في كَربَلاءَ ولم يَرِدْ منْه (صلى الله عليه وآله وسلم) نَهيٌ لوَلَدِه منَ الذَّهَابِ إلى كَربَلاءَ مع عِلْمِه بمَقتَلِه فيْها [راجِعْ: إتحَافَ الخيرةِ المهرة للبوصيري ، ح 6755.  ومَجمَعَ الزَّوائدِ للهَيثَمِي 9: 187 و219 وغَيرَهُما].

     ورَوَوْا أيضاً بشِكْلٍ مُتوَاتِرٍ أنَّ النَّبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قَالَ بأنَّ ابْنَه الحُسَينَ (عليه السلام) سيَّدُ شَبابِ أهلِ الجنَّةِ [راجِعْ: سِلسِلةَ الأحَادِيثِ الصَّحِيحةِ للألبَانِي 2: 796] .

      فهُنا نَقُولُ: إمَّا أنْ يَكُونَ خُرُوجُه (عليه السلام) لكَربَلاءَ مَشرُوعاً واسْتحَقَّ معَه مَنصِبَ السِّيادَةِ لشَبابِ أهلِ الجنَّةِ بحَسَبِ حَدِيثِ رسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) المُتوَاتِرِ، أو يَكُونَ ما قَالَه النَّبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) مُخالِفاً للشَّرِيعةِ.. ولا شقَّ ثَالِثٌ في البَينِ!!!

     وليَختَارَ الطَّرفُ الآخَرُ ما يَشَاءُ منَ الشِّقَّينِ!!

     أمَّا الإشكَالُ: لمَاذا خَرجَ الحُسَينُ (عليه السلام) ليُنقِذَ الأمَّةَ منَ الإنحِرَافِ مع أنَّ الحَسنَ (عليه السلام) لم يَخرُجْ، بل نَجِدُه قد صَالَحَ ولم يُحارِبْ؟!!

     الجَوابُ: نَفسُ هذا الإشكَالِ يَرِدُ على سُلُوكِ النَّبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فإنَّا وَجدْنَا النَّبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قد صَالحَ المُشرِكِينَ في فَترَةٍ ما، وحَارَبَهم في فَترَةٍ أُخرَى.. فهَل تَرى النَّبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) حِينَ صَالحَ المُشرِكِينَ في فَترَةٍ ما مع بقَائِهِم على شِرْكِهِم وضَلَالِهِم أنَّه كانَ مُخطِئاً؟!! 

     إنْ قُلتَ: نعم. كَفرْتَ، وإن قلت: لا. انتَفَى إشكَالُك في خُرُوجِ الحُسَينِ وصُلْحِ الحَسنِ (عليهما السلام)؛ لأنَّ السِّلمَ والحَربَ يَدُورَانِ مَدارَ المَصالِحِ والمَفاسِدِ، وتَشخِيصُ المَفاسِدِ والمَصالِحِ يَرجِعُ للظُّرُوفِ التي يَعيِشُها الأنبِيَاءُ والأئمَّةُ (عليهم السلام)، فهُم أعرَفُ بالمَفاسِدِ والمَصالِحِ في زَمانِهِم.

     وبلِحَاظِ ما تَقدَّمَ، لا نَجِدُ إشكَالاً نَاهِضاً يُمكِنُ للطَّرَفِ الآخَرِ الإعتِرَاضُ به على مَشرُوعِيةِ الثَّورَةِ الحُسَينيَّةِ ومُحاوَلةِ تَصحِيحِ الخِلَافةِ لمُغتَصِبِي حُقُوقِهم، بل الأدِلَّةُ كُلُّها في غَيرِ صَالِحِهم، ويُمكِنُكُم مُراجَعةُ مَقَالِ: "الشَّعائِر الحُسَينيَّة"، على مَوقِعِنا حتى تَطَّلِعُوا على أدِلَّةٍ أكثَرَ ممَّا ذَكرْنَاه هُنا. 

     ودُمتُم سَالِمينَ.