ما مدى صحة الخطبة الافتخارية ( التطنجية ) ؟؟

: السيد رعد المرسومي

السّلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته  

ما يتعلّقُ بالخطبةِ الإفتخاريّة، فقد أوردَها إبنُ شهرِآشوب في مناقبِ آلِ أبي طالب، ورجبُ البُرسيّ في مشارقِ أنوارِ اليقينِ ونقلها عنهُما جملةٌ منَ الأعلامِ كالمجلسيّ في البحارِ والشيخِ عليّ النّمازيّ في مُستدركِ سفينةِ البحّارِ والشيخِ أبو الحسنِ المرنديّ في مجمعِ النّورين وآخرين. 

وهذهِ الخُطبةُ تشبهُ في مضامينِها خطبةَ البيانِ المنسوبةِ إليه (عليه السّلام) وتشبهُ ما وردَ في حديثِ النّورانيّةِ الذي ذكرَه الشيخُ المجلسيّ في بحارِ الأنوار. 

والخطبةُ مِن جهةِ السّندِ ضعيفةٌ، ولكنّ ضعفَ السّندِ لا يمنعُ منَ الإعتمادِ عليها خصوصاً إذا توفّرَت لدى المُحقّقِ قرائنُ تُثبتُ صحّتَها، وهو منهجٌ معروفٌ بينَ الإماميّةِ وغيرِهم منَ المذاهبِ الإسلاميّةِ مِـمّن يعتمدُ على القرائنِ الخاصّةِ المُحيطةِ بالرّواية التي يتداولها المُحقّقونَ مِن أهلِ العلمِ لبيانِ مدى صحّتها، ولا يردّون الرّوايةَ أو الخبرَ لكونِه ضعيفَ السّندِ، والمسألةُ مُبيّنة بإسهابٍ في مظانِّها في بابِ حُجّيّةِ الخبرِ في علمِ الأصولِ وعلمِ الرّجالِ، فإذا تبيّنَ هذا الأمرُ، فنقولُ: إنّ هذا الخطبةَ وإن كانَت ضعيفةَ السّندِ، لكن هناكَ قرائنُ داخليّةٌ في متنِها جعلَت المُحقّقينَ من أهلِ العلمِ يطمئنّون إليها، وهذهِ القرائنُ مُتمثّلة في أسلوبِ نظمِ الخُطبةِ وبلاغتِها الذي يقاربُ كثيراً مِن أسلوبِ خطبِ أميرِ المؤمنينَ (عليه السّلام) الأخرى الواردة في نهجِ البلاغة.. 

ومِـمّا يؤيّدُ صحّةَ نسبةِ هذهِ الخُطبةِ إلى أميرِ المؤمنينَ (عليه السّلام) من جهةِ المتنِ هوَ أنّ مَن كانَ لديه مُمارسةٌ وأنسٌ وإطّلاعٌ واسعٌ على الأخبارِ سيرى في أخبارٍ مُتفرّقةٍ كلماتٍ لا تختلفُ معنىً عمّا وردَ في الخُطبةِ الإفتخاريّة أو خطبةِ البيانِ، وكذلكَ إشتملَت على جانبٍ مِن مضامينِ هذهِ الخُطبةِ بعضُ الأدعيةِ والزّياراتِ، كدعاءِ الحُجّةِ (في كلِّ يومٍ مِن شهرِ رجب) وكالزّيارةِ الجامعةِ الكبيرةِ وغيرِها، ومنها زيارتُه (عليه السّلام) التي وردَت في كتبِ الزّيارةِ المشهورةِ، فقدَ جاءَ في زيارتِه في إقبالِ الأعمالِ: ((السّلامُ عليكَ يا عينَ اللهِ النّاظرةِ في العالمينَ ويدهُ الباسطةُ ولسانُه المُعبّرُ عنه)) وفي كتابِ المزارِ للمجلسيّ ((السّلام عليكَ يا عينَ اللهِ الناظرةَ ويدهُ الباسطةَ وإذنَه الواعيةَ وحكمتَه البالغةَ ونعمتَه السّابغة... الخ))  

فمَن يعتقدُ بصحّةِ هذهِ المعاني ولا ينكرُها لا يسعُه أن ينكرَ ما وردَ في خُطبةِ الإفتخارِ وخُطبةِ البيان. 

ومِن جُملةِ ما يوجّهُ الإعتقادَ بصحّةِ نسبتِها إليه (عليه السّلام) الإطّلاعُ على ما وردَ في كتبِ الحديثِ مِن عظيمِ منزلةِ آلِ محمّدٍ (صلواتُ اللهِ تعالى عليهم أجمعين) ومقاماتِهم العاليةِ وكذا ما جاءَ في الأخبارِ الكثيرةِ مِن أنّ لهُم أحاديثَ صعبةً مُستصعبةً لا يؤمنُ بها إلّا ملكٌ مُقرّبٌ أو نبيٌّ مُرسل أو مؤمنٌ إمتحنَ اللهُ قلبَه بالإيمانِ، وهيَ مبثوثةٌ في مصادرِنا المُعتبرةِ كالكافي وبصائرِ الدّرجاتِ ومناقبِ آلِ أبي طالب والثاقبِ في المناقبِ ومُختصرِ البصائرِ وغيرِها. ودمتُم سالِمين.