أين خبّأ محمد وأبو بكر الجمل في قصة غار حراء؟

نص الشبهة: تروي كل مناهج التدريس الخاصة بالتربية الإسلامية قصة هجرة محمد وأبي بكر وهي قصة أو أكذوبة مغلوطة من أولها لآخرها ولا دلالة لها من الصحة بتاتا, والكل يعتمد على روايات البخاري التي تسيء للعقلانية الإسلامية أو العربية فهذا الرجل الذي لم يكن يعرف العربية جيدا كانت معظم أحاديثه مغلوطة ومسيئة للإسلام, وكلنا يعرف اختصار القصة حيث اختبأ أبو بكر ومحمد في مغارة يقال لها (غار حراء) وهذه أسطورة لا دلالة لها من الصحة, حيث تقول القصة بأن عنكبوتا بنا عشا أو خيوطا وبأن حمامة باضت على باب المغارة فقالت قريش: لماذا ندخل المغارة لو دخلها محمد وأبو بكر لتمزقت خيوط العنكبوت ولطارت الحمامة. هنا قبل أن ندخل في تضعيف الحديث علينا أن نسأل أساتذة المدارس الذين درسوا هذه القصة والذين ما زالوا يعلمونها لأبنائنا في المدارس، نعم، علينا أن نسألهم هذا السؤال: حين هاجر محمد وأبو بكر(بيك) وهربا من مكة لم يكونا قد هاجرا مشيا على الأقدام بل كان معهم جملا، نعم، جملا، الجمل الذي دخل عليه محمد راكبا إلى يثرب واستقبله أهل يثرب، كلنا شاهدنا هذا المشهد في القصص المصورة التلفزيونية والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: أين اختبأت جمالهم؟ أو جملهم، أو ناقتهم التي كانوا يركبونها، من الممكن أن يختبأ محمد وأبو بكر في المغارة ولكن أين خبئوا جملهم (ناقتهم,بعيرهم)!!؟؟؟. اختبأ الرجلان في غار حراء ولكن لم يذكر تاريخ الطبري شيئا عن وسيلة النقل التي كانوا يركبونها، لم يذكر البخاري شيئا عن وسيلة النقل أين خبأها محمد وأبو بكر؟ والذي أصبح هذا الرجل أحد أهم جنرالات الجيش الإسلامي بعد محمد. لم يبنِ العنكبوت عليها عشا ولم تبض حمامة بجوارها ولم يأكلها وحشٌ كاسر من السنوريات التي كانت منتشرة في الصحراء، كانت مدة المكوث 3 ثلاثة أيام بلياليها، فأين الجمل؟ الناقة؟ لماذا المسلمون حتى اليوم لا يشغلون عقولهم، اسألوا أنفسكم هذا السؤال: أين اختبأ الجمل؟ الجمل واضح وضوح الشمس وحين تبعت قريش آثار محمد والجنرال أبو بكر لم يكونا قد تبعا آثار أقدامهم بل كانوا يتبعون آثار الجمل وهو وسيلة النقل التي هربوا عليها. قبل أن يتهمني أحدكم هذا الحديث من الممكن مراجعته في صحيح البخاري وهو يحمل رقم (3905) و(3653) ورواه الإمام أحمد ورقم الحديث (3241) وقد اختلف أغلبية العلماء حول نوعية مثل هذا الحديث الذي كله كذب واستهتار بعقول الناس العاقلة، ولكن وحده من أحسن إسناده الحافظ ابن حجر في “فتح الباري” وابن كثير في “البداية والنهاية” (3/222) ونفسه ابن كثير قال عنه أيضا بأنه حديث غريب جدا ومعظم الذين حققوا كتاب (البداية والنهاية) لإبن كثير ضعفوا وشككوا في صحة هذا الحديث. وضعفه الإمام الألباني في السلسلة الضعيفة المشهورة له عند أغلب السلفيين، وقال عنه المحقق أحمد شاكر في تحقيق المسند (3251): في إسناده نظر اهـ. وقال محققو المسند (3251): إسناده ضعيف. ومما يحيرني حتى الذين ضعفوا هذا الحديث لم يسأل أي رجلٍ أو أي عالمٍ منهم نفسه عن الجمل أين كان؟ أين ذهب محمد وأبو بكر بيك في الجَمل الذي كانوا يركبونه؟ فالجَمل ليس عصفورا صغيرا من الممكن لهما أن يضعاه في جيوبهم؟ أو بين أمتعتهم، أين الجمل…أين الجَمل. ما زال أولادنا يتعلمون قصصا وأساطير ليست لها علاقة لا بالمنطق ولا بالتاريخ ولكن فقط من أجل إضافة نوع من الهالة والرهبة في نفوس وعقول الكبار قبل الصغار, فالكل ما زال مرعوبا من هذه القصة ويتخذها مثلا على صدق النبوة والرسالة في الوقت الذي تكون فيه العقول مغلقة عن الفهم والاستقراء والاستنتاج, القصة أكذوبة من أولها لآخرها ولا بد بأن محمدا وأبا بكر قد هاجرا من خلال قصة ما زالت إلى اليوم غير مدروسة وغير معروفة وسكت عنها التاريخ, فمن الممكن أنهما قدما رشوة للذين لحقوا بهم فقد كان أبا بكر غنيا ومن الممكن أنهما لم يقدما رشوة وهاجرا سرا ولم يعرف أحد بهجرتهم إلا بعد أن وصلا إلى يثرب المدينة المنورة, هذا سؤال لكل علماء المسلمين..

: اللجنة العلمية

تقرير الشبهة:

 إنّ التاريخ حدّثنا عن حادثة الغار، وأنّ النبي اختفى مع أبي بكر في (غار حراء)، وتبعه المشركون ولم يعثروا عليهم، لان الله أرسل العنكبوت والحمامة لحماية نبيه، الإشكال هو:

 كيف خفي الجملان والدليل الذيَن كانوا مع النبي؟ إنّ التاريخ لم يحدّثنا عن وسيلة النقل التي كانوا يركبونها (الجمل)، مع أنّ كل من مرّ بحديث الغار يضعفه. 

جواب الشبهة إجمالاً:

أولاًً: إنّ النبي (صلى الله عليه وآله) اختفى في غار  ثور، وليس غار حراء، والفرق بين الغارين أوضح من أنْ يخفي على أبسط الناس.

ثانياً: لم تكن لديهم راحلة ولا دليل، لأنهما ليسا بحاجة إليهما، لكونهما لم يخرجا عن مكة. 

ثالثاً: عدم ذكر البخاري وأرباب التاريخ للراحة كان من باب السالبة بانتفاء الموضوع.

رابعاً: الأحاديث التي ذكرها المستشكل وادعى أنها ضعيفة ما هو إلا كذب محض.

جواب الشبهة بالتفصيل: 

أولاً: يبدو لي من خلال مطالعتي للإشكال أنّ المستشكل قد جمع بين التحامل والجهل والإستجهال، فهو لم يميز بين غار حراء الذي يقع في جبل النور شرق مكة المكرمة، وبين غار ثور، الذي يقع في جبل ثور غرب مكة المكرمة.

ثانياً: إنّ إشكال المُستشكل الذي أوجع رأسه فيه حول الراحلة والدليل، وأنهم أين اختفيا، جوابه سهل يسير، وهو الآتي:

 لم يكن هنالك راحلة أو دليل، والسبب واضح لو أنّه تأمل قليلاً، إذ جبل ثور في مكّة وضمن حدودها، حتى أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج إليه سيراً على الأقدام ليلاً متخفيا, ووصله في نفس الليلة أيضاً.

ثالثاً: وأما ضعف الحديث فهاذا كذب مخجل، حيث قال المستشكل بنفسه أنّه رواه البخاري في صحيحه، فكيف يمكن أنْ يكون ضعيفاً؟ 

رابعاً: ما جاء به المستشكل من الأحاديث المرقّمة عن مسند أحمد بن حنبل، وأنّ العلماء قد ضعفوها، فهو من الكذب الصريح والإفك المبين الذي لا يروج إلا على السذج والسقطة، لأنّ الأرقام التي جاء بها كلها لا علاقة لها بحادثة الغار، وقد نقلنا لك كل النسخ من المسند، واليك التحقيق:

1- أما قوله: (من الممكن مراجعته في صحيح البخاري وهو يحمل رقم (3905) و(3653) ) فهذه حقيقتها:

3905 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها .....- قَالَتْ - ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِى جَبَلِ ثَوْرٍ فَكَمَنَا فِيهِ ثَلاَثَ لَيَالٍ ، يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ وَهْوَ غُلاَمٌ شَابٌّ ثَقِفٌ لَقِنٌ ، فَيُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا بِسَحَرٍ ، فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ ، فَلاَ يَسْمَعُ أَمْرًا يُكْتَادَانِ بِهِ إِلاَّ وَعَاهُ ، حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلاَمُ ، وَيَرْعَى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ ، فَيُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا حِينَ يَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنَ الْعِشَاءِ ، فَيَبِيتَانِ فِى رِسْلٍ وَهْوَ لَبَنُ مِنْحَتِهِمَا وَرَضِيفِهِمَا ، حَتَّى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بِغَلَسٍ ، يَفْعَلُ ذَلِكَ فِى كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ تِلْكَ اللَّيَالِى الثَّلاَثِ ، وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلاً مِنْ بَنِى الدِّيلِ ، وَهْوَ مِنْ بَنِى عَبْدِ بْنِ عَدِىٍّ هَادِيًا خِرِّيتًا - وَالْخِرِّيتُ الْمَاهِرُ بِالْهِدَايَةِ - قَدْ غَمَسَ حِلْفًا فِى آلِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِىِّ ، وَهْوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ فَأَمِنَاهُ ، فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا ، وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاَثِ لَيَالٍ بِرَاحِلَتَيْهِمَا صُبْحَ ثَلاَثٍ ، وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَالدَّلِيلُ فَأَخَذَ بِهِمْ طَرِيقَ السَّوَاحِلِ . 

نقول: وهذا الحديث صريح جداً بأنّه (صلى الله عليه واله) لم يصطحب الدليل ولا الراحلة حين توجهه إلى غار ثور.

وأما الحديث الثاني الذي هو برقم (3653) فهو كذلك. 

2- وأما قوله: ورواه الإمام أحمد ورقم الحديث (3241)، فهو كذب محض لأنّه أجنبي عن الحادثة تماما، وقد تصفحت ونقلت لك كل النسخ، واليك الخبر في الهامش . 

3- وأما قوله: وقال محققو المسند (3251): إسناده ضعيف، فكذب كذلك، لأنّه رقمٌ لحديثٍ آخر لا علاقة له بالقضيّة، وفي جميع نسخ المسند وإليك اليقين في الهامش .

وأخيراً ننصح المستشكل بالمطالعة – ولو سطحية - قبل الإشكال، فنحن لا نتخوف من أي إشكال، ونتمنى على كل مُشكل أنْ يهضم الفكرة جيد، ثم بعد ذلك يُبدي ما لديه من الإشكالات.

خلاصة الجواب:

1- إنّ النبي (صلى الله عليه واله) اختفى في غار ثور الذي يقع في جبل ثور، وهو غار يقع غرب مكة وضمن حدودها، وليس غار حراء الذي يقع على جبل النور، شرق مكة المكرمة.

2- إنّ النبي (صلى الله عليه وآله) لم يصطحب دليلاً ولا راحلة، لأن الغار في مكة، وقد أراد الإختباء فيه ثلاثة أيام حتى يدخل اليأس في نفوس قريش، ثمّ بعد ذلك يخرج إلى المدينة التي نُورت به (صلى الله عليه وآله).

3- الأحاديث التي ذكرها المستشكل نقلاً عن البخاري صحيحة ولم يضعفها أحد، والأحاديث التي ذكرها نقلاً عن مسند أحمد، لا علاقة لها بالموضوع، وواضح جداً ان المستشكل أضاف أرقاما للأحاديث من عندياته, لظنه أنّ القرّاء لا يتبعون أثار أكاذيبه.

__________________

1- يقع غار حراء في مدينة مكّة، في جبل النور أو جبل الإسلام، ويقع في شرق مكة المكرمة، ويكون على جهة اليسار لمن يقصد عرفات. غار حراء عبارة عن فجوة في جبل النور، يتجه بابه إلى جهة الشمال، ولا يتسع لأكثر من خمسة أشخاص في الوقت نفسه، ويبلغ طول الغار أربعة أذرع، بينما يصل عرض الغار إلى ذراع وثلاثة أرباع، ويشرف الغار على منطقة الحرم كاملة ومناطق من مكة المكرمة. 

واما غار ثور: فهو الغار الذي اختبأ به الرسول -صلى الله عليه واله - أثناء هجرته إلى المدينة المنورة، يقع غار ثور في غرب مكة المكرمة.

2- صحيح البخاري - (ج 13 / ص 244)

3- مسند أحمد بن حنبل - (ج 1 / ص 347)

 3241 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن شعبة قال حدثني قتادة عن جابر بن زيد عن بن عباس قال يحيى كان شعبة يرفعه: يقطع الصلاة الكلب والمرأة الحائض 

تعليق شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين 

 * ذكر الأرناؤوط شواهد لحديث " لا يقطع الصلاة شيء " وقال هذه الشواهد يشد بعضها بعضا فيقوي بها الحديث

- مسند أحمد - (ج 7 / ص 267)

3241- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ أَقْبَلْتُ رَاكِباً عَلَى أَتَانٍ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الاِحْتِلاَمَ وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّى بِالنَّاسِ فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَىْ بَعْضِ الصَّفِّ فَنَزَلْتُ وَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ فَدَخَلْتُ فِى الصَّفِّ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَىَّ أَحَدٌ. تحفة 5834 معتلى 3526

- مسند أحمد - (ج 7 / ص 274)

3241 - حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ سَلْمٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا مُسَاعَاةَ فِي الْإِسْلَامِ مَنْ سَاعَى فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَدْ أَلْحَقْتُهُ بِعَصَبَتِهِ وَمَنْ ادَّعَى وَلَدَهُ مِنْ غَيْرِ رِشْدَةٍ فَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ

- مسند أحمد - (ج 5 / ص 293)

3241- حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي قَتَادَةُ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ يَحْيَى كَانَ شُعْبَةُ يَرْفَعُهُ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْكَلْبُ وَالْمَرْأَةُ الْحَائِضُ

 4-   -مسند أحمد - (ج 7 / ص 277)

3251- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ أَنَّ امْرَأَةً رَفَعَتْ صَبِيًّا لَهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِهَذَا حَجٌّ قَالَ «نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ». تحفة 6336 ل معتلى 3824 ل