ما الفرق بين صفات الله تعالى وبين اسمائه الحسنى؟ وهل أنّ جميع أسمائه المقدسة هي صفاته؟ أي هل أنّ كل صفة هي أسم وصفة؟
أرجو الاجابة بالتفصيل لكوني مشرفا تربويا اختصاص تربية إسلامية وقرآن كريم ولم يثبت لدي الجواب الكافي جزاكم الله عن هذه القناة المباركة التي تنير طريق الأجيال من أتباع مذهب أهل بيت العصمة وتشق طريقهم إلى التوحيد والهداية.
الأخ المحترم احمد سليمان حسين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الجواب عن السؤالين معاً:
لقد أجمعت المدرستان (الكوفيّة والبصرّية) على انّ معنى الإسم والصفة واحد، وهو العلامة والأمارة للمسمى والموصوف.
غير أنً الإسم يشمل كلّ علامة وأَمارة، وأَمّا الصفة، فهي علامة مخصّصة ومقيّدة، وعليه فالأسماء أعم مطلقاً من الصفات، بمعنى انّ كل صفة هي اسم وليس كل اسم صفة، فزيد وبكر أَسماء وليست صفات. أَمّا الأَسماء الدالّة على الأَوصاف كالعالم والعلم فهي اسم وصفة.
وإذا رجعنا إلى الأَحاديث الواردة عن أهل بيت العصمة (عليهم السلام) في بيان أَسماء الله وصفاته فلم يؤخذ فيها بنظر الإعتبار التفاوت الموجود في الإصطلاحات المختلفة للإسم والصفة، وأُطلق الإسم والصفة كلاهما على الكمالات من قبيل " العلم " الذي هو اسم، وعلى الصفات المتّصفة بالكمالات مثل " العالم "، وقد صرّحت بعض الأَحاديث بأنّ الاسم والصفة على مَعنى
واحد، فقد روى الكليني (رحمه الله) عَن الإمام الباقر (عليه السلام) ما هذا لفظه:
(علي بن إبراهيم، عن العباس بن معروف، عن عبد الرحمن بن أبي نجران قال: كتبت إلى أبي جعفر (عليه السلام) أو قلت له: جعلني الله فداك، نعبد الرحمن الرحيم الواحد الأحد الصمد؟ قال: فقال: إنّ من عبد الإسم دون المسمى بالأسماء أشرك وكفر وجحد، ولم يعبد شيئاً، بل أعبد الله الواحد الاحد الصمد المسمى بهذه الأسماء دون الأسماء، إنّ الأسماء صفات وصف بها نفسه)(1) .
وعندما سأَل محمّد بن سنان الإمام الرضا (عليه السلام): (مَا الاِسمُ؟ قالَ: " صِفَةُالمَوصوفِ)(2)
وروى هِشامِ بنِ الحَكَمِ أَنَّهُ سَأَلَ أَبا عَبدِ اللهِ (عليه السلام) عَن أَسماءِ اللهِ وَاشتِقاقِها :( " الله " مِمّا هُوَ مُشتَقٌّ؟فَقالَ: يا هِشامُ، " اللهُ " مُشتَقٌّ مِن إِله، وإِلهٌ يَقتَضي مَألوهاً، والاِسمُ غَير المُسَمّى، فَمَن عَبَدَ الاِسمَ دونَ المَعنى فَقَد كَفَرَ ولَم يَعبُد شَيئاً، ومَن عَبَدَ الاِسمَ وَالمَعنى فَقَد أَشرَكَ وعَبَدَ اثنَينِ، ومَن عَبَدَ المَعنى دونَ الاِسم فَذاكَ التَّوحيدُ، أَفَهِمتَ يا هِشامُ؟!
قالَ: قُلتُ: زِدني!
قالَ: للهِ تِسعَةٌ وتِسعونَ اسماً، فَلَو كانَ الاِسمُ هُوَ المُسَمّى لَكان كُلُّ اسم مِنها إِلهاً، ولكِنَّ " اللهَ " مَعنىً يُدَلُّ عَلَيهِ بِهذِهِ الأَسماءِ، وكُلُّها غَيرُهُ.
يا هِشامُ، الخُبزُ اسمٌ لِلمَأَكولِ، وَالماءُ اسمٌ لِلمَشروبِ، وَالثَّوبُ اسمٌ لِلمَلبوسِ، وَالنَّارُ اسمٌ لِلمُحرِقِ. أَفَهِمتَ يا هِشامُ فَهماً تَدفَعُ بِهِ وتُناضِلُ بِهِ أَعداءَنا المُتَّخِذينَ مَعَ اللهِ عزّ وجلّ غَيرَهُ؟
قُلتُ: نَعَم.
فَقالَ: نَفَعَكَ اللهُ بِهِ وثَبَّتَكَ يا هِشامُ.
قالَ: فَوَ اللهِ ما قَهَرَني أَحَدٌ فِي التَّوحيدِ حَتّى قُمتُ مَقامي هذا)(3)
بناءً على ما ذكرنا من اجماع أهل اللغة، ومن الإستعمالات الواردة في الروايات نستطيع القول بإنّ جميع أَسماء الله صفاتُه، وكلّ صفاته أَسماؤه. وأَنّه تعالى ليس له أَسم إِلاّ ويحمل صفة من صفاته.
ومن هنا فإنّ الله سبحانه وتعالى ليس له اسم عَلَم جامد غير مشتقّ جاء كعلامة له فقط من غير أَن ينطوي على وصف من أَوصافه.
خلاصة الجواب:
انّ أسماءه تبارك وتعالى وصفاته واحدة، فكلها تدلّ على معنى واحد، وليس لكل منها معنى يختلف عن الآخر، فانه يلزم تعدد الموصوف والمسمى وهو كفر بالله تعالى.
ودمتم في حفظ الله ورعايته
اللجنة العلمية في مركز الرصد العقائدي
_______________________
(1) الكافي الكليني - ج 1 / ص 121
(2) عيون اخبار الرضا ج 1 / ص 129 / ح 25
(3) الاحتجاج للطبرسي ج 2 / ص 72
اترك تعليق