رجعة النساء بعد ظهور الإمام المهدي (ع)
السؤال: هل يمكن للمرأة المؤمنة المنتظرة لإمام زمانها في حال التزمت بتكاليفها وأدَّت وظائفها وأدركها الموت قبل الظهور أنْ تنال شرف الرجعة عند ظهور الإمام لتشارك بجيشه وخدمته؟ أم الرجعة مختصةٌ بالرجال؟ وهل يمكن الاستناد في إمكان الرجعة للنساء على ما روي في فضل المداومة على دعاء العهد عن الإمام الصادق (عليه السلام)؟
الجواب:
نعم، روى ابن المشهديّ والسيد ابن طاووس في فضل دعاء العهد عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) أنه قال: «من دعا إلى الله أربعين صباحاً بهذا العهد كان من أنصار قائمنا، فإن مات قبله أخرجه الله تعالى من قبره وأعطاه بكلّ كلمةٍ ألف حسنةٍ، ومحا عنه ألف سيئة» [المزار الكبير ص663، مصباح الزائر ص520].
والرواية مطلقةٌ، فهي تشمل بإطلاقها الرجال والنساء على حدٍّ سواء، وعلى ضوئها يمكن أنْ تنال المرأة المؤمنة الصالحة المنتظرة لإمام زمانها شرف الرجوع والمشاركة المباشرة في دولة الإمام (عج) والتشرّف بخدمته. نعم، مع التحفظ على اختلاف طبيعة دورها عن دور الرجل.
ويعضد إمكان الرجعة للنساء وعدم اختصاصها بالرجال جملةٌ من الأمور:
أولاً: ما ورد في بعض الروايات الشريفة من إمكان الرجعة لعنوان المؤمن المنتظر، وهي مطلقة:
عن المفضل بن عمر قال: ذكرنا القائم (عليه السلام) ومن مات من أصحابنا ينتظره، فقال لنا أبو عبد الله (عليه السلام): «إذا قام أتى المؤمن في قبره فيقال له: يا هذا! إنه قد ظهر صاحبك، فإن تشأ أنْ تلحق به فالحق، وإن تشأ أنْ تقيم في كرامة ربِّك فأقم» [الغيبة للطوسيّ ص479].
وعن أبي جعفر (عليه السلام): «... وأن لأهل الحق دولة إذا جاءت ولاها الله لمن يشاء منَّا أهل البيت، فمن أدركها منكم كان عندنا في السنام الأعلى، وإنْ قبضه الله قبل ذلك خار له...» [الغيبة للنعمانيّ ص199].
وثانياً: ما ورد في فصول بعض الزيارات والأدعية ممَّا يدلُّ على ذلك أيضاً وهي مطلقة، منها: ما أورده الكفعميُّ (رض) في بعض زيارات الإمام المهدي (عج)؛ حيث جاء فيها: «... وإنْ أدركني الموت قبل ظهورك فأتوسل بك إلى الله سبحانه أنْ يصلي على محمدٍ وآل محمد، وأنْ يجعل لي كرَّةً في ظهورك، ورجعةً في أيامك، لأبلغ من طاعتك مرادي، وأشفي من أعدائك فؤادي ...» [المصباح ص580].
ومنها: ما أورده الشيخ الطوسيُّ فيما يستحبُّ الدعاء به يوم الخامس والعشرين من ذي القعدة؛ حيث جاء فيه: «... اللَّهم وعجِّلْ فرج أوليائك، واردد عليهم مظالمهم، وأظهر بالحق قائمهم، واجعله لدينك منتصراً، وبأمرك في أعدائك مؤتمراً، اللَّهم احففه بملائكة النصر، وبما ألقيت إليه من الأمر في ليلة القدر منتقما لك حتى ترضى، ويعود دينك به وعلى يديه جديداً غضاً، ويمحض الحق محضاً، ويرفض الباطل رفضاً، اللَّهم صلِّ عليه وعلى جميع آبائه واجعلنَّا من صحبه وأسرته، وابعثنا في كرَّتِهِ حتى نكون في زمانه من أعوانه...» [مصباح المتهجد ص466].
وثالثاً: ما ورد في الدلالة على وجود دور لبعض المؤمنات الصالحات في دولة الإمام (عج) ورجوع بعضهنَّ: عن جابر الجعفيّ عن أبي جعفر (عليه السلام) في روايةٍ طويلةٍ أنَّه قال: «... ويجيء ـ والله ـ ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، فيهم خمسون امرأة يجتمعون بمكة على غير ميعاد قزعاً كقزع الخريف يتبع بعضهم بعضا، وهي الآية التي قال الله تبارك وتعالى: {أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ...» [تفسير العياشي ج1 ص164].
عن المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «يكرّ مع القائم (عليه السلام) ثلاث عشرة امرأة. قلت: وما يصنع بهنَّ؟ قال: يداوينَ الجرحى، ويقمنَ على المرضى، كما كان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله). قلت: فسمّهِنَّ لي. فقال القنواء بنت رشيد، وأم أيمن، وحَبَابَة الوالبيَّة، وسميَّة أم عمار بن ياسر، وزبيدة، وأم خالد الأحمسيَّة، وأم سعيد الحنفيَّة، وصبانة الماشطة، وأم خالد الجهنيَّة» [دلائل الإمامة ص484].
وقد يقال: إنَّ في دعاء العهد قرينةً على أنَّ ما ورد في فضل المداومة عليه من الرجعة عند الظهور ناظرٌ إلى خصوص الرجال وهي قوله (عليه السلام): «اللَّهم إنْ حال بيني وبينه الموت الذي جعلته على عبادك حتماً مقضياً، فأخرجني من قبري مؤتزراً كفني شاهراً سيفي، مجرِّداً قناتي، ملبيَّاً دعوة الداعي في الحاضر والباد» [البلد الأمين ص124]. بتقريب أنَّ هذه الفقرة من الدعاء كنايةٌ عن دورٍ مختصٍّ بالرجال عادة، أي: حمل السلاح والمشاركة المباشرة في العمل العسكريّ من قتال الظالمين ومقارعتهم.
والجواب عنه: ما سبق حاكمٌ على إمكان الرجعة للنساء ووجود دور لبعضهنَّ في دولة الإمام (عج) فضلاً عن عدم اقتصار المشاركة في دولة الإمام (عج) على العمل العسكريّ. ثم وجود هذا المقطع لا ينافي ذلك؛ وذلك لأنّه إما من باب التغليب لجانب الرجال، أو كناية عن طلب التوفيق من الله تعالى لتحصيل الجهوزيَّة والاستعداد التامين للفداء والعمل الجاد في خدمة الإمام (عج) ومشروعه، مشروع إقامة دولة العدل الإلهيّ.
اترك تعليق