كُلُّ مَا عِنْدَ الأَئِمَّةِ (ع) هُوَ مِنْ اللهِ وَبِإِذْنِهِ. 

أَبُو حُسَيْن الشّوهَانِي /: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ.. جَاءَ فِي كِتَابِ الإحْتِجَاجِ مَا مَضْمُونُهُ: "عَنْ أَبِي الحَسَنِ عَليِّ بنِ أحْمَدَ الدّلَالِ الْقُمِّيِّ قَالَ: اخْتَلَفَ جَمَاعَةٌ مِنْ الشِّيعَةِ فِي أَنَّ اللهَ (عَزَّ وَجَلَّ) فَوَّضَ إِلَى الأَئِمَّةِ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ) أَنْ يَخْلُقُوا وَيَرْزُقُوا، فَقَالَ قَوْمٌ :هَذَا مَحَالٌّ لَا يَجُوزُ عَلَى اللهِ تَعَالَى، لأَنَّ الأَجْسَامَ لَا يَقْدِرُ عَلَى خَلْقِهَا غَيْرُ اللهِ (عَزَّ وَجَلَّ). وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ اللهُ أَقْدَرَ الأَئِمَّةَ عَلَى ذَلِكَ وَفَوَّضَ إِلَيْهِمْ فَخَلَقُوا وَرَزَقُوا، وَتَنَازَعُوا فِي ذَلِكَ نِزَاعاً شَدِيداً. فَقَالَ قَائِلٌ: مَا بَالُكمْ لَا تَرْجِعُونَ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ عُثمَانَ فَتَسْأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ لِيُوَضِّحَ لَكُمْ الحَقَّ فِيهِ، فَإِنَّهُ الطَّرِيقُ إِلَى صَاحِبِ الأَمْرِ. فَرَضِيَتْ الجَمَاعَةُ بَأبِي جَعْفَرٍ وَسَلَّمَتْ وَأَجَابَتْ إِلَى قَوْلِهِ، فَكَتَبُوا المَسْأَلَةَ وَأَنْفَذُوهَا إِلَيْهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ مِنْ جِهَتِهِ تَوْقِيعٌ، نُسْخَتُهُ: أنَّ الله تَعَالَى هُوَ الَّذِي خَلَقَ الأَجْسَامَ، وَقَسَّمَ الأَرْزَاقَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِجِسْمٍ وَلَا حَالٍّ فِي جِسْمٍ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ، وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ.  وَأَمَّا الأَئِمَّةُ (عَلَيْهُمْ السَّلَامُ) فَإِنَّهُمْ يَسْأَلُونَ اللهَ تَعَالَى فَيَخْلُقُ، وَيَسْأَلُونَهُ فَيَرْزُقُ إِيجَاباً لِمَسْأَلَتِهِمْ، وإعظَاماً لِحَقِّهِمْ". هَلْ جَوَابُ الإمَامِ فِي قَوْلِهِ: "وَأَمَّا الأَئِمَّةُ (عَلَيْهُمْ السَّلَامُ)، فَإِنَّهُمْ يَسْأَلُونَ اللهَ تَعَالَى فَيَخْلُقُ، وَيَسْأَلُونَهُ فَيَرْزُقُ إِيجَاباً لِمَسْأَلَتِهِمْ" فِيهِ إِنْكَارٌ لِتَصَدِّيهِمْ أَنْفُسِهِمْ لِتِلْكَ الأَفْعَالِ سَوَاءٌ كَانَ بِاللهِ أَمْ مِنْ دُونِ اللهِ؟ أَوْ هَلْ هُوَ إِنْكَارٌ لِاِسْتِقْلَالِ الأَئِمَّةِ فِي ذَلِكَ مِنْ دُونِ اللهِ؟

: اللجنة العلمية

     الأَخُ أَبُو حُسَيْن المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ. 

     لَقَدْ أُوضَحَ الحَقُّ سُبْحَانَهُ هَذِهِ المَسْأَلَةَ فِي كِتَابِهِ الكَرِيمِ بِأَشَدِّ الوُضُوحِ، وَلَيْسَ بَعْدَ كَلَامِ اللهِ كَلَامٌ، قَالَ جَلَّ وَعَلَا حِكَايَةً عَنْ عِيسَى (عَلَيْهِ السَلَامُ): (أَنَّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنَّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ وأُبْرِىءُ الأَكَمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأحْيِ المَوْتَى بِإِذْنِ اللهِ) [سُورَةُ آلِ عُمْرَانٍ: 49].

     وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ آتِينَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أُوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَألَنَّا لَهُ الحَدِيدَ أَنْ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (11)} [ سُورَةُ سَبَأ: 10-11 ] فَكُلُّ مَا يُجْرِيهِ سُبْحَانَهُ مِنْ مَعاجِزَ وكَرَامَاتٍ عَلَى يَدِ أَنْبِيَائِهِ أَوْ الأَئِمَّةِ (عَلَيْهُمْ السَّلَامُ) إِنَّمَا هُوَ بِإِرَادَتِهِ وَإِذْنِهِ، وَلَا يُوجَدُ فِي ذَلِكَ قُدْرَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لِلأَنْبِيَاءِ أَوْ الأَئِمَّةِ (عَلَيْهُمْ السَّلَامُ). 

     وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.