اتِّهَامُ الشِّيعَةِ بِالتَّعَاوُنِ مَعَ الغُزَاةِ ضِدَّ المُسْلِمِينَ!!

عَ م /: مَا رَدُّكُمْ عَلَى اتِّهَامِ الشِّيعَةِ بِمُسَانَدَتِهِمْ لِلغُزَاةِ ضِدَّ المُسْلِمِينَ علول التَّارِيخِ، فَهُمْ مُتَّهَمُونَ بِالتَّحَالُفِ مَعَ المَغُولِ ضِدَّ الدَّوْلَةِ العَبَّاسِيَّةِ عَنْ طَرِيقِ ابْنِ العَلْقَمِيِّ، وَمُتَّهَمُونَ بِالتَّحَالُفِ مَعَ الفَرَنْجةِ وَ...، فَهَلْ هَذِهِ الإتِّهَامَاتُ صَحِيحَةٌ؟

: اللجنة العلمية

 الأَخُ المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

 هَذِهِ التُّهَمُ بَاطِلَةٌ وَعَارِيَةٌ عَنْ الصِّحَّةِ تَمَامًا، وَقَدْ كَشَفَ عَنْ بُطْلَانِهَا مُحِقُّو أَهْلِ السُّنَّةِ وَمُؤَرِّخُوهُمْ قَبْلَ غَيْرِهِمْ، فَالشِّيعَةُ كَانُوا وَمَا زَالُوا يَسِيرُونَ عَلَى نَهْجِ أَئِمَّتِهِمْ (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ) فِي الحِفَاظِ عَلَى دَوْلَةِ الإِسْلَامِ مَا لَمْ تُخَالِفْ الثَّوَابِتَ فِي الدِّينِ، فهَا هُو إِمَامُهُمْ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَمُدُّ يَدَ العَوْنِ وَالمُسَاعَدَةِ لِمَنْ سَبَقُوهُ فِي الحُكْمِ بِالمَشْوَرَةِ وَالنَّصِيحَةِ حِفَاظًا عَلَى بَيْضَةِ الإِسْلَامِ ضِدَّ الغُزَاةِ المُعْتَدِينَ حَتَّى صَرَّحَ عُمَرُ بِمَقُولَتِهِ المَشْهُورَةِ حَوْلَ ذَلِكَ: (لَوْلَا عَلِيٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ)، وَكَذَلِكَ كَانَ نَهْجَ الأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ) فِي كُلِّ تَأْرِيخِهِمْ، وَشِيعَتُهُمْ عَلَى نَهْجِهِمْ هَذَا سَائِرُونَ، وَلَيْسَ فَتْوَى عُلَمَاءِ الشِّيعَةِ فِي أَوَائِلِ القَرْنِ المَاضِي بِالجِهَادِ ضِدَّ الغُزَاةِ البِرِيطَانِيِّينَ وَالدِّفَاعِ عَنْ الدَّوْلَةِ العُثْمَانِيَّةِ السُّنِّيَّةِ فِي الثَّوْرَةِ المُسَمَّاةِ بِثَوْرَةِ العِشْرِينَ إِلَّا إنْمُوذَجًا وَاحِدًا لِهَذِهِ السِّيرَةِ المَعْرُوفَةِ عَنْ الشِّيعَةِ وأئِمَّتِهِمْ (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ).

 أَمَّا دَعْوَى تَعَاوُنِ وَخِيَانَةِ الوَزِيرِ ابْنِ العَلْقَمِيِّ مَعَ الغُزَاةِ ضِدَّ الدَّوْلَةِ العَبَّاسِيَّةِ فَقَدْ فَنَّدَهَا مُحَقِّقُو أَهْلِ السُّنَّةِ ومُؤَرِّخُوهُم قَبْلَ غَيْرِهِمْ، نَذْكُرُ مِنْهُمْ:

      مَا جَاءَ فِي كِتَابِ "الفَخْرِيِّ فِي الآدَابِ السُّلْطَانِيَّةِ" لِلمُؤَرِّخِ السُّنِّيِّ ابْنِ الطَّقْطَقِيِّ (المُتَوَفَّى: 709 ه) الَّذِي كَانَ مُعَاصِرًا لِتِلْكَ الفَتْرَةِ فِي ص 334 وَ 335: (... فِي آخِرِ أَيَّامِ المُسْتَعْصِمِ قَوِيَتْ الأَرَاجِيفُ بِوُصُولِ عَسْكَرِ المَغُولِ صُحْبَةَ السُّلْطَانِ هَوْلَاكُو، فَلَمْ يُحَرِّكْ ذَلِكَ مِنْهُ - أَي المُسْتِعْصِم - عَزمًا ولا نَبَّهَ مِنْهُ هِمَّةً، وَلَا أَحْدَثَ عِنْدَهُ همًّا، وَكَانَ كُلَّمَا سَمِعَ عَنْ السُّلْطَانِ مِنْ الإحْتِيَاطِ وَالإسْتِعْدَادِ شَيْئًا ظَهَرَ مِنْ الخَلِيفَةِ نَقِيضُهُ مِنْ التَّفْرِيطِ وَالإِهْمَالِ، وَلَمْ يَكُنْ يَتَصَوَّرُ حَقِيقَةَ الحَالِ فِي ذَلِكَ. وَكَانَ وَزِيرُهُ مُؤَيِّدُ الدِّينِ بْنُ العَلْقَمِيِّ يَعْرِفُ حَقِيقَةَ الحَالِ فِي ذَلِكَ وَيُكَاتِبُهُ بِالتَّحْذِيرِ وَالتَّنْبِيهِ وَيُشِيرُ عَلَيْهِ بِالتَّيَقُّظِ وَالإحْتِيَاطِ وَالإسْتِعْدَادِ وَهُوَ لَا يَزْدَادُ إِلَّا غُفُولًا، وَكَانَ خَوَاصُّهُ يُوهِمُونَهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا كَبِيرُ خَطَرٍ وَلَا هُنَاكَ مَحْذُورٌ، وَأَنَّ الوَزِيرَ إِنَّمَا يُعَظِّمُ هَذَا لِيَنْفقَ سُوقُهُ وَلِتَبْرُزَ إِلَيْهِ الأَمْوَالُ لِيُجَنِّدَ بِهَا العَسَاكِرَ فَيَقْتَطِعَ مِنْهَا لِنَفْسِهِ.... وَمَا زَالَتْ غَفْلَةُ الخَلِيفَةِ تُنْمَى، وَيَقْظَةُ الجَانِبِ الآخَرِ تَتَضَاعَفُ حَتَّى وَصَلَ العَسْكَرُ السُّلطَانِيُّ إِلَى هَمَدَانَ وَأَقَامَ بِهَا مَدِيدَةً.                                         

      ثُمَّ تَوَاتَرَتْ الرُّسُلُ السُّلْطَانيَّةُ - الهُولَاكيَّةُ - إِلَى الدِّيوَانِ المُسْتَعْصِمِي فَوَقَعَ التَّعْيِينُ مِنْ دِيوَانِ الخَلِيفَةِ عَلَى وَلَدِ أُسْتَاذِ الدَّارِ، وَهُوَ شَرَفُ الدِّينِ عَبْدُ اللهِ بْنُ الجَوزِي، فَبَعَثَ رَسُولًا إِلَى خَدَمَةِ الدَّركَاه السُّلْطَانيَّةِ بِهَمَدَانَ. فَلَمَّا وَصَلَ وَسَمِعَ جَوَابَهُ عَلِمَ أَنَّهُ جَوَابُ مُغَالَطَةٍ وَمُدَافَعَةٍ. فَحِينَئِذٍ وَقَعَ الشُّرُوعُ فِي قَصْدِ بَغْدَادَ وَبَثَّ العَسَاكِرَ إِلَيْهَا. فَتَوَجَّهَ عَسْكَرٌ كَثِيفٌ مِنْ المَغُولِ وَالمُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ باجو، إِلَى تَكْرِيتَ لِيَعْبُرُوا مِنْ هُنَاكَ إِلَى الجَانِبِ الغَرْبِيِّ وَيَقْصُدُوا بَغْدَادَ مَنْ غَرْبِيهَا وَيَقْصِدُهَا العَسْكَرُ السُّلْطَانيُّ مِنْ شَرْقِيهَا. فَلَمَّا عَبَرَ عَسْكَرُ باجو مِنْ تَكْرِيتَ وَانْحَدَرَ إِلَى أَعْمَالِ بَغْدَادَ أَجْفَلَ النَّاسُ مِنْ دُجَيْل والإسْحَاقيِّ وَنَهْرِ مَلِكٍ وَنَهْرِ عِيسَى وَدَخَلُوا إِلَى المَدِينَةِ بِنِسَائِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ، حَتَّى كَانَ الرَّجُلُ أَوْ المَرْأَةُ يَقْذِفُ بِنَفْسِهِ فِي المَاءِ، وَكَانَ المَلَّاحُ إِذَا عَبَّرَ أَحَدًا فِي سَفِينَةٍ مِنْ جَانِبٍ إِلَى جَانِبٍ يَأْخُذُ أُجْرَتَهُ سُوَارًا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ طِرَازًا مِنْ زَرْكَش أَوْ عِدَّةً مِنْ الدَّنَانِيرِ....). انْتَهَى.

      فَهُنَا فِي هَذَا النَّصِّ التَّارِيخِيِّ يُبَرِّئُ ابْنُ الطَّقْطَقيِّ - وَهُوَ المُؤَرِّخُ السُّنِّيُّ المُعَاصِرُ لِتِلْكَ الحُقْبَةِ - سَاحَةَ الوَزِيرِ ابْنِ العَلْقَمِيِّ تَمَامًا وَيَجْعَلُ اللَّوْمَ فِي حَقِّ الخَلِيفَةِ العَبَّاسِيِّ الَّذِي تَقَاعَسَ وَتَغَافَلَ فِي الدِّفَاعِ عَنْ دَوْلَةِ الإِسْلَامِ.

      وَهُنَا قَدْ يُبْرِزُ البَعْضُ أَمَامَنَا دَعْوَى بِأَنَّ ابْنَ الطَّقْطَقيِّ هُوَ رَجُلٌ شِيعِيٌّ بِدَعْوَى نَسَبِهِ العَلَوِيِّ؟

      الجَوَابُ: 

      ابْنُ الطَّقْطَقيِّ لَيْسَ شِيعِيًّا، دَلَّ عَلَى ذَلِكَ كِتَابُهُ نَفْسُهُ الَّذِي نَنْقُلُ مِنْهُ، فَهُوَ يَتَرَضَّى فِيهِ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَالخُلَفَاءِ، وَلَنْ تَجِدَ شِيعِيًّا وَاحِدًا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ يَتَرَضَّى عَلَى مُعَاوِيَةَ، قَالَ فِي كِتَابِهِ "الفَخْرِيِّ" ص57: (وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَكَانَ عَاقِلًا فِي دُنْيَاهُ لَبِيبًا عَالِمًا حَلِيمًا مَلِكًا قَويًّا جَيِّدَ السِّيَاسَةِ حَسَنَ التَّدْبِيرِ لِأُمُورِ الدُّنْيَا عَاقِلًا حَكِيمًا فَصِيحًا بَلِيغًا يَحْلُمُ فِي مَوْضِعِ الحُلُمِ، وَيَشْتَدُّ فِي مَوْضِعِ الشِّدَّةِ، إِلَّا أَنَّ الحُلُمَ كَانَ أَغْلَبَ عَلَيْهِ، وَكَانَ كَرِيمًا بَاذِلًا لِلمَالِ مُحبًّا للرِّيَاسَةِ مَشْغُوفًا، كَانَ يُفَضَّلُ عَلَى أَشْرَافِ رَعِيَّتِهِ كَثِيرًا). اِنْتَهَى.

      فَمِثْلُ هَذَا الكَلَامِ لَا يَصْدُرُ مِنْ شَيِّعِي قِطُّ يَعْتَقِدُ بإمَامَةِ الأَئِمَّةِ المَعْصُومِينَ (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ)، وَيَعْرِفُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ هُوَ إِمَامُ الفِئَةِ البَاغِيَةِ الَّتِي قَاتَلَتْ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ عَلِيًّا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي صِفِّينَ وَأَنَّهُ كَانَ يَدْعُو إِلَى النَّارِ بِنَصِّ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الَّذِي يَرْوِيهِ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَلَا يَجْتَمِعُ عِنْدَ الشِّيعَةِ التَّرضِّي وَالدَّعْوَةُ إِلَى النَّارِ، كَمَا حَاوَلَ غَيْرُهُمْ أَنْ يَجْمَعَهَا فِي أَدَبِيَّاتِهِ وَعَقِيدَتِهِ!!

      وَذَكَرَ المُؤَرِّخُ ابْنُ العِبْرِيِّ (المُتَوَفَّى: 685 هُ) - وَهُوَ مِنْ المُعَاصِرِينَ لِلأَحْدَاثِ كَذَلِكَ- فِي كِتَابِهِ "تَارِيخِ مُخْتَصَرِ الدُّوَلِ" ص 235، مَا نَصُّهُ: (إنَّ هولَاكُو كَانَ فِي أَيَّامِ مُحَاصَرَتِهِ قِلَاعَ المَلَاحِدَةِ قَدْ سَيَّرَ رَسُولًا إِلَى الخَلِيفَةِ المُسْتَعْصِمِ يَطْلُبُ مِنْهُ نَجْدَةً، فأرَادَ أَنْ يَسِيرَ وَلَمْ يَقْدِرْ وَلَمْ يُمَكِّنْهُ الوُزَرَاءُ وَالأُمَرَاءُ وَقَالُوا :إِنَّ هولَاكُو رَجُلٌ صَاحِبُ احْتِيَالٍ وَخَدِيعَةٍ وَلَيْسَ مُحْتَاجًا إِلَى نَجْدَتِنَا وَإِنَّمَا غَرَضُهُ إِخْلَاءُ بَغْدَادَ عَنْ الرِّجَالِ فَيَمْلِكَهَا بِسُهُولَةٍ، فَتَقَاعَدُوا بِسَبَبِ هَذَا الخَيَالِ عَنْ إِرْسَالِ الرِّجَالِ، وَلَمَّا فَتَحَ هولَاكُو تِلْكَ القِلَاعَ أَرْسَلَ رَسُولًا آخَرَ إِلَى الخَلِيفَةِ وَعَاتَبَهُ عَلَى إِهْمَالِهِ تَسْيِيرَ النَّجْدَةِ، فَشَاوَرُوا الوَزِيرَ ابْنَ العَلقَمِيِّ فِيمَا يَجِبُ أَنْ يَفْعَلُوهُ فَقَالَ: لَا وَجْهَ غَيْرَ إِرْضَاءِ هَذَا المَلَكِ الجَبَّارِ بِبَذْلِ الأَمْوَالِ وَالهَدَايَا وَالتُّحَفِ لَهُ وَلِخَوَاصِّهِ...). انْتَهَى.

      فَمَا الَّذِي نَسْتَفِيدُهُ مِنْ هَذَا النَّصِّ التَّارِيخِيِّ؟!!

      مِنْ الوَاضِحِ جِدًّا أنَّنَا نَسْتَفِيدُ تَقْدِيمَ النَّصِيحَةِ المَحْضَةِ مِنْ قِبَلِ الوَزِيرِ ابْنِ العَلقَمِيِّ لِلخَلِيفَةِ العَبَّاسِيِّ بِمُدَارَاةِ هَذَا المُلِكِ الغَاشِمِ هولَاكُو حَتَّى يُحَافِظَ عَلَى دَوْلَةِ الإِسْلَامِ مِنْ بَطْشِهِ وَغَضَبِهِ، وَهَذَا خِلَافُ مَا أَشَارَ بِهِ بَعْضُ الحَاشِيَةِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ الَّذِينَ قَالُوا لِلخَلِيفَةِ: إِنَّ الوَزِيرَ إِنَّمَا يُرِيدُ بِهَذَا مُصَانَعةَ مَلِكِ التَّترِ بِمَا يَبْعَثُهُ إِلَيْهِ مِنْ الأَمْوَالِ وَأَشَارُوا بِأَنْ يَبْعَثَ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ، فَأَرْسَلَ شَيْئًا مِنْ الهَدَايَا فَأَحْتَقَرَهَا هولَاكُو، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ عَزْمِهِ عَلَى غَزْوِ بَغْدَادَ!! (رَاجِعْ المَصْدَرَ المُتَقَدِّمَ).

     وَهَذَا يَكْشِفُ عَنْ مَدَى حِرْصِ هَذَا الوَزِيرِ عَلَى دَوْلَةِ الإِسْلَامِ وَالخَشْيَةِ مِنْ انْهِيَارِهَا عَلَى يَدِ الجَبَابِرَةِ مِنْ أَمْثَالِ هولَاكُو، حَتَّى وَصْفَهُ المُؤَرِّخُ السُّنِّيُّ ابْنُ الجَوزِي فِي كِتَابِهِ "مِرْآةِ الزَّمَانِ" ج2 ص 747 بِأَنَّهُ كَانَ "رَجُلًا وَرِعًا تَقيًّا مُسْتَقِيمًا قَارِئًا لِكِتَابِ اللهِ". انْتَهَى.

      وَمِنْ المُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ نَذْكُرُ الدُّكْتُورَ سَعْدَ بْنَ حُذَيْفَةَ الغَامِدِي أُسْتَاذَ التَّارِيخِ الإِسْلَامِيِّ وَالدِّرَاسَاتِ الشَّرْقِيَّةِ بِكُلِّيَّةِ الآدَابِ بِجَامِعَةِ المَلِكِ سَعُودٍ بِالرِّيَاضِ فِي كِتَابِهِ (سُقُوطُ الدَّوْلَةِ العَبَّاسِيَّةِ وَدُورُ الشِّيعَةِ بَيْنَ الحَقِيقَةِ وَالإتِّهَامِ) الَّذِي فَنَّدَ فِيهِ هَذِهِ الفِرْيَةِ تَمَامًا بِحَقِّ الوَزِيرِ ابْنِ العَلقَمِيِّ، فَقَدْ تَتَبَّعَ المَصَادِرَ العِلْمِيَّةَ الَّتِي تَحَدَّثَتْ عَنْ تَارِيخِ المَغُولِ فِي العَالَمِ بِكَافَّةِ اللُّغَاتِ الحَيَّةِ وَاللُّغَاتِ القَدِيمَةِ كَالصِّينِيَّةِ والمَغُولِيَّةِ وَاليَابَانِيَّةِ وَالرُّوسِيَّةِ والجِرجَانِيَّةِ وَالأَرْمِينِيَّةِ وَالسِّرْيَانِيَّةِ وَاللَّاتِينِيَّةِ إِلَى جَانِبِ لُغَاتٍ تُرْكِيَّةٍ، وَسَافَرَ لِهَذَا الغَرَضِ إِلَى المَكْتَبَةِ السُّلَيْمانِيَّةِ، وَمَكْتَبَةِ مُتْحَفِ قَصْرِ طوبقابي فِي اسْطَنْبُولَ، وَالمَكْتَبَةِ الظَّاهِرِيَّةِ بِدِمَشْقَ، وَدَارِ الكُتُبِ بِالقَاهِرَةِ، وَجَامِعَةِ انْقِلَابٍ (الثَّوْرَة) بِطَهْرَانَ، وَمَكْتَبَةِ مَجْلِسِ الشُّورَى الوَطَنِيِّ الإِيرَانِيِّ، وَمَكْتَبَةِ جَامِعَةِ طَهْرَانَ، وَمَكْتَبَةِ إِيرَانَ الوَطَنِيَّةِ، وَمَكْتَبَةِ مَدْرَسَةِ الدِّرَاسَاتِ الشَّرْقِيَّةِ وَالأَفْرِيقِيَّةِ بِجَامِعَةٍ لنْدن.

      وَحَصِيلَةُ مَا أَفَادَهُ الدُّكْتُورُ الغَامِدِيُّ: (أَنَّ هَذِهِ الإتِّهَامَاتِ ضِدَّ ابْنِ العَلقَمِيِّ وَمَا أُلْصِقَ بِهِ مِنْ أُمُورِ الغَدْرِ والتَّشْنِيعِ بِهِ مَا هِيَ إِلَّا نَتِيجَةً لِذَلِكَ العَدَاءِ المُسْتَحْكَمِ الَّذِي كَانَ يَسُودُ العَلَاقَاتِ بَيْنَ هَذَا الوَزِيرِ والدَّواة دَار الصَّغِيرِ، وَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ إِلَّا اتِّهَامَاتٍ مُضَادَّةً قَامَ بِتَوْجِيهِهَا الأَخِيرُ ضِدَّ خَصْمِهِ الوَزِيرِ، وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ هُوَ أَنَّ ابْنَ العَلقَمِيِّ والدَّواة دَار الصَّغِيرِ كَانَا مُتَنَافِسَيْنِ، كَمَا أَنَّ الأَوَّلَ قَدْ سَبَقَ وَاتَّهَمَ الأَخِيرَ بِأَنَّهُ كَانَ يُخَطِّطُ لِلثَّوْرَةِ ضِدَّ الخَلِيفَةِ المُسْتَعْصِمِ لِلإِطَاحَةِ بِهِ، وَمِنْ ثَمَّ تَنْصِيبُ ابْنِهِ الأَكْبَرِ أَبُو العَبَّاسِ فِي مَكَانِهِ عَلَى كُرْسِيِّ الخِلَافَةِ) ص 334.

      وَحَوْلَ بِدَايَةِ القِصَّةِ يَذْكُرُ الغَامِدِيُّ فِي صَفْحَةِ 346 مِنْ كِتَابِهِ: (أَنَّ المُؤَرِّخَ السُّورِيَّ أَبَا شَامَةَ - الَّذِي عَاشَ فِي الشَّامِ وَمَاتَ بِهَا سَنَةَ 665 لِلهِجْرَةِ - هُوَ أَوَّلُ مُؤَرِّخِ عَرَبِي سُنِّيٍّ - حَسَبَ مَعْلُومَاتِنَا - يَذْكُرُ هَذِهِ الاِدِّعَاءَاتِ)، وَيُضِيفُ أَنَّهُ (جَاءَ المُؤَرِّخُ قَطْبُ الدِّينِ اليُونيني بَعْدَ أَبِي شَامَةَ فَنَقَلَ عَنْهُ مَقَالَتَهُ تِلْكَ وَأَضَافَ عَلَيْهَا بِضْعَ كَلِمَاتٍ، بَعْدَ ذَلِكَ جَاءَ مُؤَرِّخٌ شَامِيٌّ ثَالِثٌ هُوَ شَمْسُ الدِّينِ الذَّهَبِيُّ فَنَقَلَ تِلْكَ الرِّوَايَةَ الَّتِي أَوْرَدَهَا اليُونيني بِحَذَافِيرِهَا، وَالذَّهَبِيُّ كَانَ مِمَّنْ نَقَلَ عَنْ اليُونيني الكَلِمَةَ بِالكَلِمَةِ إِلَى حَدٍّ كَبِيرٍ، وَفِي ذَاتِ الوَقْتِ جَاءَ ابْنُ شَاكِرٍ الْكتبِي، فَنَقَلَ عَنْ المُؤَرِّخِينَ السَّابِقِينَ، وَهَكَذَا أَخَذَ كُلُّ مُؤَرِّخٍ عَنْ سَابِقِيهِ، مَعَ إِضَافَةِ كَلِمَاتٍ مِنْ عِنْدِهِ تُنَاسِبُ المَقَامَ، فَكَانَتْ بِمَثَابَةِ لَبْنَةٍ فِي بِنَاءٍ أَوْ عُودِ حَطَبٍ لِإِبْقَاءِ النَّارِ مُتَّقِدَةً، وَبِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ وَبِمُرُورِ الوَقْتِ اكْتَسَبَتْ هَذِهِ القِصَّةُ مَادَّةً تَارِيخِيَّةً عَنْ طَرِيقِ رِوَايَاتِ المُؤَرِّخِينَ فَاتَّخَذَتْ شَكْلًا وَكَأَنَهَا حَقِيقَةٌ ثَابِتَةٌ لَا تَقْبَلُ الجَدَلَ).

      وَبِالنِّسْبَةِ لِلإتِّهَامِ الشَّنِيعِ لِابْنِ العَلقَمِيِّ بِمُكَاتَبَةِ المَغُولِ يَقُولُ الغَامِدِيُّ فِي صَفْحَةِ 336) :أَنَّهُ يَظْهَرُ لَنَا بِجَلَاءٍ وَاضِحٍ مِنْ الرِّوَايَاتِ الَّتِي أَوْرَدَتْ لَنَا الكَيْفِيَّةَ الَّتِي تَمَّتْ بِمُوجِبِهَا المُرَاسَلَاتُ المَزْعُومَةُ بَيْنَ الوَزِيرِ ابْنِ العَلقَمِيِّ والمَغُولِ مُمَثِّلِينَ بِقَائِدِ حَمْلَتِهِمْ هولَاكُو خَانَ أَنَّ هَذِهِ المَسْأَلَةَ مَا هِيَ إِلَى الأُسْطُورَةِ المُخْتَلَقَةِ أَقْرَبُ مِنْهَا إِلَى الحَقِيقَةِ وَالوَاقِعِ، بَلْ وَيُضِيفُ الغَامِدِيُّ قَوْلُهُ: إِنَّ المُؤَرِّخِينَ الَّذِينَ اتَّهَمُوا الوَزِيرَ ابْنَ العَلقَمِيِّ وَعَلَى رَأْسِهِمْ الجَوْزجَانِي كَانُوا مُؤَرِّخِينَ مُتَطَرِّفِينَ، فَقَدْ وَجَّهُوا إِلَيْهِ تِلْكَ التُّهَمَ أَصْلًا بِدَافِعٍ مِنْ التَّعَصُّبِ المَذْهَبِيِّ تُمْلِيهِ حَوَافِزُ عُدْوَانِيَّةٌ وَعَوَاطِفُ تَحَامُليَّةٌ يُكِنُّونَهَا تُجَاهَ هَذَا الوَزِيرِ المُسْلِمِ الشِّيعِيِّ المَذْهَبِ، لِهَذَا فَإنَّ المَرْءَ لِيَقِفَ عِنْدَ رِوَايَاتٍ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَوْقِفَ الشَّكِّ، هَذَا إِذَا لَمْ يَرْفُضْهَا رَفْضًا قَاطِعًا وَأَنَّ مَا أَوْرَدَهُ أُولَئِكَ المُؤَرِّخُونَ فِي تَقَارِيرِهِمْ حَوْلَ هَذَا الشَّأْنِ لَا يَقُومُ عَلَى أَسَاسٍ عِلْمِيٍّ دَقِيقٍ وَمُحَقَّقٍ).

      وَيُورِدُ الدُّكْتُورُ الغَامِدِيُّ العَدِيدَ مِنْ الأَدِلَّةِ والشَّوَاهِدِ التَّالِيَةِ الدَّالَّةِ عَلَى صِحَّةِ مَا تَوَصَّلَ إِلَيْهِ مِنْ نَتَائِجَ فِي صَفْحَةِ 342:

     1 - امْتِدَاحُ المُؤَرِّخِ السُّنِّيِّ ابْنِ الجَوزِي الَّذِي يُعْتَبَرُ مُعَاصِرًا لِلغَزْوِ المَغُوليِّ ضِدَّ بَغْدَادَ الوَزِيرَ ابْنَ العَلقَمِيِّ وَأَشَادَ بِهِ، إِذْ وَصَفَهُ بِأَنَّهُ رَجُلٌ وَرِعٌ تَقِيٌّ مُسْتَقِيمٌ، وَأَنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللهِ الكَرِيمِ، وَلَمْ تَرِدْ فِي مُؤَلِّفِ سِبْطِ ابْنِ الجَوزِي لَا مِنْ قَرِيبٍ أَوْ بِعِيدٍ أَيَّةُ إِشَارَةٍ قَدْ يُسْتَدَلُّ مِنْهَا عَلَى انْتِقَاصٍ مِنْ حَقِّ هَذَا الوَزِيرِ أَوْ الطَّعْنِ فِي وَلَائِهِ وَإِخْلَاصِهِ فِي وَظِيفَتِهِ [رَاجِعْ: سِبْطَ ابْنِ الجَوزِي - مِرْآةُ الزَّمَانِ ج2 ص 747 – 762].

     2 - الإتِّهَامَاتُ الَّتِي وُجِّهَتْ ضِدَّ الوَزِيرِ لَمْ تَكُنْ قَدْ جَاءَتْ مِنْ مُؤَرِّخِينَ عِرَاقِيِّينَ مُعَاصِرِينَ لِتِلْكَ الإِحْدَاثِ فِي بَغْدَادَ، بَلْ جَاءَتْ مِنْ مُؤَرِّخِينَ مِنْ خَارِجِ الأَرَاضِي العِرَاقِيَّةِ كَالمُؤَرِّخِ الفَارِسِيِّ الجَوْزجَانيِّ الَّذِي كَانَ يَعِيشُ فِي دَلْهِي بِالهِنْدِ، وَأَبِي شَامَةً صَاحِبِ "الذَّيْلِ عَلَى الرَّوْضَتَيْنِ" كَانَ يَعِيشُ فِي أَرَاضِي الشَّامِ وَرُبَّمَا كَانَ فِي دِمَشْقَ، وَفِي الحَقِيقَةِ لَا يُوجَدُ أَيُّ شَاهِدِ عيَانٍ يُثْبِتُ أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ الرَّسُولَ المَزْعُومَ الَّذِي أَرْسَلَهُ الوَزِيرُ لِمُقَابَلَةِ هولَاكُو.

     3 - حَمْلَةُ المَغُولِ العَسْكَرِيَّةُ كَانَتْ مُقَرَّرَةً عَلَى الأَقْطَارِ الغَربِيَةِ قَبْلَ أَنْ يَبْدَأَ ذَلِكَ العَدَاءُ الَّذِي نَشَبَ بَيْنَ الوَزِيرِ وَأيْبِك الدَّوَاة دَار بِمُدَّةٍ لَا تَقِلُّ عَنْ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ.

     4 - لَمْ يُفَرِّقْ المَغُولُ بَيْنَ المُسْلِمِينَ أتْبَاعِ المَذْهَبِ السُّنِّيِّ وَإِخْوَانِهِمْ أتْبَاعِ المَذْهَبِ الشِّيعِيِّ أَثْنَاءَ اقْتِحَامِ بَغْدَادَ، حَيْثُ ارْتَكَبَ المَغُولُ دُونَ حَيَاءٍ مِنْ الشَّنَاعَاتِ وَأَعْمَالِ القَتْلِ وَالنَّهْبِ وَالسَّلْبِ ضِدَّ أتِّبَاعِ المَذْهَبِ الشِّيعِيِّ وَالْسُّنِّيِّ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ دُونَ تَمْيِيزٍ.

    5 -كَانَ الوَزِيرُ عَلَى ثِقَةٍ وَيَقِينٍ بِعَدَمِ مَقْدِرَةِ الخِلَافَةِ العَبَّاسِيَّةِ عَنْ القِيَامِ بِأَيِّ دِفَاعٍ عَنْ أَيِّ قُوَّةٍ مُهَاجِمَةٍ، فَمَا بَالُكَ بِقُوَّةِ عَمَالِقَةٍ، وَقَدْ قَامَ بِإِنْذَارِ الخَلِيفَةِ مِنْهُمْ وَاطِّلَاعِهِ عَلَى حَقِيقَةِ قُوَّتِهِمْ مُنْذُ أَنْ شَرَعَ المَغُولُ فِي حِصَارِهِمْ ضِدَّ الإسْماعِيلِيِّينَ وَقِلَاعِهِمْ المَنِيعَةِ فِي إِيرَانَ.

    6 - طَلَبَ هولَاكُو بَعْدَ وُصُولِهِ لِمِنْطَقَةِ هَمَدَانَ مُقَابَلَةَ الخَلِيفَةِ المُسْتَعصِمِ أَوْ أَيٍّ مِنْ وُزَرَائِهِ وَلَمْ يَكُنْ هولَاكُو يُفَرِّقُ بَيْنَ الوَزِيرِ الشِّيعِيِّ أَوْ السُّنِّيِّ، وَذَاتُ المُسْتَعْصِمِ تَوَسَّلَ لِابْنِ العَلقَمِيِّ أَنْ يَخْرُجَ لهولَاكُو لِيَعْرِفَ مَطَالِبَهُ فَقَبِلَ ابْنُ العَلقَمِيِّ وَلَمْ يَقْبَلْ الدَّوَاة دَار وَسُلَيْمَانُ شَاه، بَلْ عَانَدَا وَلَمْ يَسْتَجِيبَا لِرَأيِ الخَلِيفَةِ لَعَلَّهُ يُخَفِّفُ مِنْ مَوْقِفِهِ المُتَطَرِّفِ تُجَاهَ سُكَّانِ بَغْدَادَ.

    7 - ابْنُ العَلقَمِيِّ خَدَمَ الدَّوْلَةَ العَبَّاسِيَّةَ قُرَابَةَ ثُلُثِ قَرْنٍ، وَخِلَالَ تِلْكَ السَّنَوَاتِ لَمْ نَعْثُرْ فِي مَرَاجِعِنَا عَلَى أَنَّ أَحَدًا قَدْ اتَّهَمَهُ بِأَيَّةِ خِيَانَةٍ أَوْ بِأَيَّةِ مَسْأَلَةٍ قَدْ تُقَلِّلُ مِنْ مَكَانَةِ هَذَا الوَزِيرِ أَوْ مِنْ كَفَاءَتِهِ وَوَفَائِهِ وَإِخْلَاصِهِ.

    8 -تَهْدِيدُ المَغُولِ لَمْ يَكُنْ بِالشَّيْءِ الجَدِيدِ، فَقَدْ تَعَرَّضَتْ بَغْدَادُ لِتَهْدِيدٍ سَابِقٍ أَيَّامَ الإِطَاحَةِ بِالسُّلْطَانِ مُحَمَّدِ خَوَارِزم شَاه، ثُمَّ مَجِيءِ جَلَالِ الدِّينِ خَوَارِزم الَّذِي حَالَ دُونَ تَقَدُّمِ المَغُولِ سَنَةَ 629 ه ثُمَّ فَتْرَةُ حُكْمِ المُسْتَنْصِرِ، وَهُنَا مَا مَعْنَى اتِّهَامِ الوَزِيرِ فِي هَذِهِ الفَتْرَةِ بِالذَّاتِ، لِمَاذَا لَمْ يَقُمْ الوَزِيرُ خِلَالَ كُلِّ تِلْكَ الحُقَبِ بِالتَّعَاوُنِ مَعَ المَغُولِ؟!!

      وَفِي الخِتَامِ يُشَدِّدُ المُؤَلِّفُ عَلَى أَنَّهُ قَبْلَ إِصْدَارِ الأَحْكَامِ فِي مَسْأَلَةٍ مِثْلِ هَذِهِ، عَلَى المَرْءِ أَنْ يَأْخُذَ فِي الحُسْبَانِ اعْتِبَارَاتٍ كَثِيرَةً:

      أَوَّلُهَا: دِرَاسَةُ الأَسَاسِ الَّذِي بُنِيَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ المَسْأَلَةُ.

      وثَانِيها: التَّحَرِّي عَنْ القَائِلِ وَمُيُولِهِ الكِتَابِيَّةِ وَالمَذْهَبِيَّةِ ثُمَّ الشَّخْصِيَّةِ الَّتِي يُعَالِجُ أَمْرَهَا.

      وثَالِثُها: دِرَاسَةُ الأَوْضَاعِ الدَّاخِلِيَّةِ وَالخَارِجِيَّةِ وَحَيْثِيَّاتُ المَوْضُوعِ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِ.

      انْتَهَى مَا أَفَادَهُ الدُّكْتُورُ الغَامِدِيُّ بِاخْتِصَارٍ.

      فَهَذِهِ حَقِيقَةٌ تَارِيخِيَّةٌ وَاحِدَةٌ حَصَلَ فِيهَا اللَّغَطُ الكَثِيرُ وَقَدْ فَنَّدَهَا أَهْلُ السُّنَّةِ أَنْفُسِهِمْ، كَمَا فَنَّدُوا مِنْ قَبْلُ خُرَافَةَ ابْنِ سَبَأٍ الَّتِي غَرَّدَ فِيهَا المُفْلِسُونَ كَثِيرًا عَبْرَ التَّأْرِيخِ، وَلَيْسَ العَيْبُ فِي التَّأْرِيخِ المُزَيَّفِ، فَهُوَ ذَنْبُهُ عَلَى مَنْ يُزَيِّفُهُ وَسَيُلَاقِي حِسَابَهُ عِنْدَ اللهِ، وَلَكِنَّ العَيْبَ عَلَى مَنْ يُصَدِّقُ هَذِهِ التُّرَّهَاتِ وَلَا يَذْهَبُ لِلتَّحَقُّقِ مِنْهَا فِي عَصْرِ العِلْمِ وَالإنْتِرْنِت.

       وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.