هَلْ قَضِيَّةُ ظُلْمِ الزَّهْرَاءِ (ع) قَضِيَّةٌ عَقَائِدِيَّةٌ أَمْ تَارِيخِيَّةٌ؟!!

عَلِيٌّ رِضا: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ.. هَلْ قَضِيَّةُ ظُلْمِ السَّيِّدَةِ الزَّهْرَاءِ {ع} تَارِيخِيَّةٌ أَمْ عَقَائِدِيَّةٌ؟ وَهَلْ تُعْتَبَرُ مِنْ أَسَاسِيَّاتِ المَذْهَبِ؟

: اللجنة العلمية

   الأَخُ عَلِيٌّ المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ. 

     حُبُّ أَهْلِ البَيْتِ (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ) هُوَ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الدِّينِ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ القُرْآنُ الكَرِيمُ وَالسُّنَّةُ الشَّرِيفَةُ.

      قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الشُّورَى: ﴿... قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى... ﴾، قَالَ البَغويُّ فِي تَفْسِيرِهِ بِالإِسْنَادِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ﴿... قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى... ﴾ يَعْنِي: أَنْ تَحْفَظُوا قَرَابَتِي وَتَوَدُّونِي وَتَصِلُوا رَحِمِي. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ والسديُّ والضَّحَّاكُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ. انْتَهَى [تَفْسِيرُ البَغويِّ 4: 125].

     وَعَنْ ابْنِ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ: وَالحَقُّ تَفْسِيرُ هَذِهِ الآيَةِ: ﴿... قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى... ﴾ بِمَا فَسَّرَهَا بِهِ حِبْرُ الأُمَّةِ وَتَرْجُمَانُ القُرْآنِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ كَمَا رَوَاهُ عَنْهُ البُخَارِيُّ، وَلَا تُنْكَرُ الوِصَايَةُ بِأَهْلِ البَيْتِ وَالأَمْرِ بِالإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ وَاحْتِرَامِهِمْ وَإِكْرَامِهِمْ فَإنَّهُمْ مِنْ ذُرِّيَّةٍ طَاهِرَةٍ، مِنْ أَشْرَفِ بَيْتٍ وُجِدَ عَلَى الأَرْضِ فَخْرًا وَحَسَبًا وَنَسَبًا، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانُوا مُتَّبِعِينَ لِلسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ الصَّحِيحَةِ الوَاضِحَةِ الجَلِيَّةِ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ سَلَفُهُمْ كَعَلِيٍّ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَذُرِّيَّتِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ. انْتَهَى [تَفْسِيرُ ابْنِ كَثِيرٍ 7: 365]. 

     وَجَاءَ عَنْ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قَوْلُهُ: (سِتَّةٌ لَعَنَهُمْ اللهُ وَكُلُّ نَبِيِّ مُجَابٍ: الزَّائِدُ فِي كِتَابِ اللهِ (عَزَّ وجَلَّ)، والمُكَذِّبُ بقَدَرِ اللهِ (عَزَّ وجَلَّ) وَالمُتَسَلِّطُ بِالجَبَرُوتِ يُذِلُّ بِهِ مَنْ عَزَّ اللهُ (عَزَّ وجَلَّ) وَيُعِزُّ بِهِ مَنْ أَذَلَّ اللهُ (عَزَّ وجَلَّ)، والتَّارِكُ لِسُنَّتِي، والمُسْتَحِلُّ لِحَرَمِ اللهِ (عَزَّ وجَلَّ)، والمُسْتَحِلُّ مِنْ عِتْرَتِي مَا حَرَّمَ اللهُ (عَزَّ وَجَلَّ)). [خَرَّجَهُ الذَّهَبِيُّ فِي كِتَابِهِ الكَبَائِرِ: 294 مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَقَالَ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ].

     وَجَاءَ فِي أَجْوِبَةِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ عَلَى أَسْئِلَةِ مقدم المَغُوليِّ:

     قَالَ: فَمَا تُحِبُّونَ أَهْلَ البَيْتِ؟

     قُلْتُ :مَحَبَّتُهُمْ عِنْدَنَا فَرْضٌ وَاجِبٌ يُؤْجَرُ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عِنْدَنَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: {خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِغَدِيرٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ الثِّقْلَيْنِ، كِتَابَ اللهِ - فَذَكَرَ كِتَابَ اللهِ وَحَضَّ عَلَيْهِ - ثُمَّ قَالَ: وعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمْ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي}. 

     قُلْتُ لِمقدم: وَنَحْنُ نَقُولُ فِي صَلَاتِنَا كُلَّ يَوْمٍ:" اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مُجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مُجِيدٌ ".

     قَالَ مقدم: فَمَنْ يُبْغِضُ أَهْلَ البَيْتِ؟

     قُلْتُ: مَنْ أَبْغَضَهُمْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا [مَجْمُوعُ فَتَاوَى ابْنِ تَيْمِيَّةَ 4: 487].

     وَقَدْ جَاءَ فِي خُصُوصِ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) - كَمَا يَرْوِي ذَلِكَ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَغَيْرُهُ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ )صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: (فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي فَمَنْ أَغْضَبَهَا فَقَدْ أَغْضَبَنِي). انْتَهَى.

      وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ: (إِنَّمَا فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي يُؤْذِينِي مَا آذَاهَا). انْتَهَى.

     فَحُبُّ أَهْلِ البَيْتِ (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ) وَلُزُومُ مَوَدَّتِهِمْ وَحُرْمَةُ انْتِهَاكِ حُرُمَاتِهِمْ مِنْ ثَوَابِتِ الدِّينِ عِنْدَ المُسْلِمِينَ جَمِيعًا حَتَّى اشْتَهَرَ عَنْ الشَّافِعِيِّ قُولُهُ:

     يَا آلَ بَيْتِ رَسُولِ اللَهِ حُبُّكُمُ فَرْضٌ مِنَ اللَّهِ فِي القُرْآنِ أَنْزَلَهُ. يَكْفِيكُمُ مِنْ عَظِيمِ الفَخْرِ أَنَّكُمُ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْكُمْ لَا صَلَاةَ لَهُ. 

     وَمِنْ هُنَا نَقُولُ: إِنَّ مَا جَرَى عَلَى الزَّهْرَاءِ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) مِنْ انْتِهَاكِ حُرْمَتِهَا بِالهُجُومِ عَلَى دَارِهَا وَحَرْقِهَا، وَكَسْرِ ضِلْعِهَا، وَإِسْقَاطِ جَنِينِهَا (فِيمَا ثَبَتَ مِنْ مَصَادِرِ الفَرِيقَيْنِ: رَاجِعْ مَقَالَةَ مَظْلُومِيَّةِ الزَّهْرَاءِ عَلَى مَوْقِعِنَا) يَنْبَغِي ذَمُّ فَاعِلِيهِ وَالبَرَاءَةُ مِنْ فِعْلِهِمْ هَذَا إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ، لِأَنَّهُ مُخَالَفَةٌ صَرِيحَةٌ لِلقُرْآنِ الكَرِيمِ وَالسُّنَّةِ الشَّرِيفَةِ مَعًا، لِمَا ثَبَتَ مِنْ لُزُومِ مَوَدَّتِهِمْ )عَلَيْهِمْ السَّلَامُ) وَحُرْمَةِ انْتِهَاكِ حُرْمَتِهِمْ، وَأَنَّ المُؤْمِنَ لِيُثَابَ عَلَى هَذِهِ المَوَدَّةِ لَهُمْ (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ) والتَّبَرِّي مِنْ ظَالِمِيهِمْ.

     وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.