فَدَكٌ مَغْصُوبَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
جَلِيلٌ: فَدَكٌ وَهَبَهَا رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) لِلسَّيِّدَةِ الزَّهْرَاءِ فِي سَبَبِ نُزُولِ آيَةِ ((وَآتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ)) (الإسْرَاءُ:26) وَلَكِنْ أَشْكَلَ عَلَيَّ بَعْضُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ، وَفَدَكًا بَعْدَ الهِجْرَةِ، فَهَلْ أَوْضَحْتُمْ لِي ذَلِكَ أَرْجُوكُمْ؟
إِنَّ أَصْلَ هَذِهِ الشُّبْهَةِ لَيْسَ جَدِيدًا، بَلْ هُوَ مَطْرُوحٌ مِنْ قِبَلِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ وَتَلَامِيذِهِ النَّوَاصِبِ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ (3 / 39):
وَقَالَ الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ البَزَّارُ: حَدَّثَنَا عَبّادٌ عَنْ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى التَّيْمِيُّ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ (وَآتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ) دَعَا رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَاطِمَةَ فَأَعْطَاهَا فَدَكًا، ثُمَّ قَالَ: لَا نَعْلَمُ حَدَّثَ بِهِ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ إِلَّا أَبُو يَحْيَى التَّيْمِيُّ، وَحَمِيدُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ الخوارِ، وَهَذَا الحَدِيثُ مُشْكِلٌ لَوْ صَحَّ إِسْنَادُهُ لِأَنَّ الآيَةَ مَكِّيَّةٌ، وَفَدَكٌ إِنَّمَا فُتِحَتْ مَعَ خَيْبَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ مِنْ الهِجْرَةِ، فَكَيْفَ يَلْتَئِمُ هَذَا مَعَ هَذَا؟ فَهُوَ إِذًا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ الأَشْبَهُ أَنَّهُ مِنْ وَضْعِ الرَّافِضَةِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
عِلْمًا أَنَّ سَنَدَهُ صَحِيحٌ وَلَيْسَ فِيهِ كَذَّابٌ أَوْ وَضَّاعٌ، وَلَكِنَّ النَّصْبَ وَالْعُقَدَ مِنْ فَضَائِلِ أَهْلِ البَيْتِ (ع) هُوَ الحَاكِمُ عَلَى المَوَاقِفِ مَعَ الأَسَفِ!
وَنَقُولُ فِي رَدِّ هَذِهِ الشُّبْهَةِ تَفْصِيلًا:
1- إِنَّ غَصْبَ حَقِّ الزَّهْرَاءِ (عَلَيْهَا السَّلَامَ) فِي فَدَكٍ وَخُمْسِ خَيْبَرٍ وَإِرْثِهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ (صَلّى الله عليهِ وآلهِ) أَمْرٌ ثَابِتٌ وَمَفْرُوغٌ مِنْهُ سَوَاءٌ قُلْنَا بِثُبُوتِهِ نِحْلَةً وَهِبَةً أَمْ إِرْثًا، فَقَدْ طَالَبَتْ الزَّهْرَاءُ (عَ) بِإِرْثِهَا بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ (صَلّى اللهُ عليهِ وآلهِ ) وَأَصَرَّتْ عَلَى انْتِزَاعِهِ لِتُؤَكِّدَ لِلأُمَّةِ انْحِرَافَها بَعْدَ رَسُولِ اللهِ (صَلّى الله عليهِ وآلهِ ) وَاغْتِصَابَ حَقِّهَا فِي ذَلِكَ وَحَقِّ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عَ) كَخَلِيفَةٍ شَرْعِيٍّ لِرَسُولِ اللهِ لِقِيَادَةِ الأُمَّةِ بَعْدَهُ؛ فَقَادَتْ ثَوْرَةً ضِدَّ الظُّلْمِ وَالظَّالِمِينَ المُغْتَصِبِينَ كَوْنَهُمْ كَانُوا يَقْصِدُونَ التَّآمُرَ عَلَى الإِسْلَامِ وَعَلَى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عَ) لِيُضْعِفُوهُ وَيُضْعِفُوا مَوْقِفَهُ أَمَامَهُمْ كَيْ يَعْجَزَ (عَ) عَنْ التَّصَدِّي لَهُمْ، وَقَدْ رَوَوْا أَنَّ الزَّهْرَاءَ (عَ) طَالَبَتْ بِإِرْثِهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ (ص) وَلَكِنَّ أَبَا بَكْرٍ مَنَعَهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَفِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ (5 / 82) وَمُسْلِمٍ (5 / 154) عَنْ عَائِشَةَ: إنَّ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) بِنْتَ النَّبِيِّ (ص) أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ (ص) مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْهِ بِالمَدِينَةِ وَفَدَكًا وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمْسِ خَيْبَرٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ (ص) قَالَ: لَا نُوَرِّثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةً، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا المَالِ وَإِنِّي وَاللهِ لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللهِ (ص) عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ (ص) وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللهِ (ص) فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا، فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ فَهَجَرَتْهُ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ. وَعَاشَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ (ص) سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ دَفَنَهَا زَوْجُهَا عَلِيٌّ لَيْلًا وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ وَصَلَّى عَلَيْهَا، وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنْ النَّاسِ وَجْهٌ حَيَاةَ فَاطِمَةَ...
2- أَمَّا الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ المَرْوِيَّةُ عِنْدَ القَوْمِ فِي مَرْجِعِيَّةِ فَدَكٍ للزَّهْرَاءِ (عَ) نِحْلَةً وَهَدِيَّةً فَهِيَ مَا رَوَوْهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ((وَآتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ)) دَعَا رَسُولُ اللهِ (ص) فَاطِمَةَ فَأَعْطَاهَا فَدَكًا وَالعَوَالِيَ وَقَالَ: (هَذَا قِسْمٌ قَسَمَهُ اللهُ لَكِ وَلِعَقِبِكِ).
(رَاجِعْ: مَجْمَعَ الزَّوَائِدِ لِلهَيْثَمِيِّ 7 / 49 نَقَلَهُ عَنْ الطَّبَرَانِيِّ، عِلْمًا أَنَّ أَبَا يَعْلَى أَخْرَجَهُ أَيْضًا فِي مُسْنَدِهِ (2 / 334) كَالطَّبَرَانِيِّ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَهُ الهَيْثَمِيُّ مَعَهُ كَعَادَتِهِ، مَعَ أَنَّهُ ضَعَّفَهُ بِعَطِيَّةَ العَوْفِيِّ، وَعَطِيَّةُ لَيْسَ ضَعِيفًا فِي الحَقِيقَةِ، وَعَلَى التَّحْقِيقِ كَوْنُهُ طُعِنَ فِيهِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ رِوَايَتُهُ التَّفْسِيرَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ إِذَا لَمْ يَقُلْ الخُدْرِيَّ لِأَنَّهُ يُكَنِّي الكَلْبِيَّ أَبَا سَعِيدٍ، وَلَا يَكْذِبُ حِينَمَا يُصَرِّحُ بِكَوْنِ أَبِي سَعِيدٍ هُوَ الخُدْرِيُّ وَبِذَلِكَ يَنْتَفِي ضَعْفُ رِوَايَتِهِ هَذِهِ كَوْنُ تَضْعِيفِ مَرْوِيَّاتِهِ بِسَبَبِ الكَلْبِيِّ الَّذِي يُدَلِّسُهُ عَادَةً وَلَيْسَ ضَعْفُهُ ذَاتِيًّا، وَكَذَا فِي كَنْزِ العُمَّالِ 3 / 767، تَفْسِيرِ القُرْآنِ العَظِيمِ لِابْنِ كَثِيرٍ 3 / 39، السِّيرَةِ الحَلَبِيَّةِ 3 / 36).
وَقَالَ السُّيُوطِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ الدُّرِّ المَنْثُورِ (4 / 177): وَأَخْرَجَ البَزَّارُ وَأَبُو يَعْلَى، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ مُرْدَوَيْهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: (وَآتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ) دَعَا رَسُولُ اللهِ (ص) فَاطِمَةَ فَأَعْطَاهَا فَدَكًا* وَأَخْرَجَ ابْنُ مُرْدَوَيْهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: (وَآتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ) أَقْطَعَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَاطِمَةَ فَدَكًا.
3- تَصْرِيحُ أَكْثَرِ المُفَسِّرِينَ عَلَى كَوْنِ هَذَا الحَقِّ الَّذِي أَمَرَ رَسُولُ اللهِ (ص) بِإِعْطَائِهِ لِذَوِي قُرْبَاهُ هُوَ مِنْ الحَرْبِ وَالغَنِيمَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ لَا يُمْكِنُ تَصَوُّرُهُ فِي مَكَّةَ أَبَدًا، كَمَا رَوَى ذَلِكَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ (7/ 2325):... وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ): هُمْ قَرَابَةُ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، أَمَرَ (ص) بِإِعْطَائِهِمْ حُقُوقَهُمْ مِنْ بَيْتِ المَالِ، أَيْ: مِنْ سَهْمِ ذَوِي القُرْبَى مِنْ الغَزْوِ وَالغَنِيمَةِ، وَيَكُونُ خِطَابًا لِلْوُلَاةِ أَوْ مَنْ قَامَ مَقَامَهُمْ.
وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ فِي تَفْسِيرِهِ زَادِ المَسِيرِ (5/21): ...وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ قَرَابَةُ الرَّسُولِ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامَ) وَالسَّديُّ. فَعَلَى هَذَا يَكُونُ حَقَّهُمْ إِعْطَاؤُهُمْ مِنْ الخُمْسِ، وَيَكُونُ الخِطَابُ لِلْوُلَاةِ.
وَقَالَ العِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (2 / 217): (القُرْبَى) قَرَابَةُ الرَّسُولِ (ص)، أَمَرَ الوُلَاةَ بِدَفْعِ حِصَّتِهِمْ مِنْ الفَيْءِ وَالغَنِيمَةِ، أَوْ قَرَابَةُ المَرْءِ مِنْ قِبَلِ أَبَوَيْهِ يَدْفَعُ لَهُ نَفَقَتَهُ الوَاجِبَةَ، أَوْ الوَصِيَّةَ لَهُمْ عِنْدَ الوَفَاةِ.
وَقَالَ القُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ الجَامِعِ لِأَحْكَامِ القُرْآنِ (10 / 247):
فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
الأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَآتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ) أَيْ كَمَا رَاعَيْتَ حَقَّ الوَالِدَيْنِ فَصِلْ الرَّحِمَ، ثُمَّ تَصَدَّقْ عَلَى المِسْكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَآتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ): هُمْ قَرَابَةُ النَّبِيِّ (ص)، أَمَرَ (ص) بِإِعْطَائِهِمْ حُقُوقَهُمْ مِنْ بَيْتِ المَالِ، أَيْ مِنْ سَهْمِ ذَوِي القُرْبَى مِنْ الغَزْوِ وَالغَنِيمَةِ، وَيَكُونُ خِطَابًا لِلْوُلَاةِ أَوْ مَنْ قَامَ مَقَامَهُمْ.
وَكُلُّ هَذِهِ الأَقْوَالِ وَالتَّفَاسِيرِ وَالنَّقْلِ وَخُصُوصًا قَوْلُ إِمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ البَيْتِ (عَ) وَهُوَ الإِمَامُ زَيْنُ العَابِدِينَ بِأَنَّ ذَلِكَ الأَمْرَ يَخُصُّ إِعْطَاءَ حَقِّ أَهْلِ البَيْتِ (عَ) مِنْ بَيْتِ المَالِ وَمِنْ الغَزْوِ وَالغَنِيمَةِ وَهُوَ الخُمْسُ، وَهَذَا لَا يُتَصَوَّرُ إِلَّا فِي المَدِينَةِ بَعْدَ الغَزَوَاتِ وَالحُرُوبِ وَتَشْرِيعِ الخُمْسِ.
4- أَمَّا كَوْنُ الآيَةِ مَكِّيَّةً فَهَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ بِهِ لِمَا قُلْنَاهُ آنِفًا مِنْ كَوْنِ احْتِوَاءِ سُورَةِ الإِسْرَاءِ آيَاتٍ تَذْكُرُ الكَثِيرَ مِنْ الأَحْكَامِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَدَنِيَّتِهَا، وَهَذَا عَيْنُ مَا نَقَلَهُ الآلُوسِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ رُوحِ المَعَانِي (15 / 2) حَيْثُ قَالَ: سُورَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَتُسَمَّى الإِسْرَاءُ وَسُبْحَانَ أَيْضًا، وَهِيَ كَمَا أَخْرَجَ ابْنُ مُرْدَوَيْهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ مَكِّيَّةٌ، وَكَوْنُهَا كَذَلِكَ بِتَمَامِهَا قَوْلُ الجُمْهُورِ، وَقَالَ صَاحِبُ الغَنيانِ بِإِجْمَاعٍ، وَقِيلَ: إِلَّا آيَتَيْنِ... وَقِيلَ: إِلَّا أَرْبَعًا... وَعَنْ الحَسَنِ: إِلَّا خَمْسَ آيَاتٍ: (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ) وَ(وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا) وَ(أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ) وَ(أَقِمْ الصَّلَاةَ) وَ(وَآتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ)، وَقَالَ قَتَادَةُ: إِلَّا ثَمَانِيَ آيَاتٍ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ) إِلَى آخِرِهِنَّ. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. أَه
نَقُولُ: وَمِمَّا يُقَوِّي هَذِهِ الإِسْتِثْنَاءَاتِ مِنْهَا هُوَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الآيَةُ مَكِّيَّةً لَمَا تَكَلَّمَتْ عَنْ أَحْكَامٍ وَحُقُوقٍ وَحَلَالٍ وَحَرَامٍ وَأَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالخُمْسِ مِنْ الحُقُوقِ المَالِيَّةِ وَتَحْرِيمِ الزِّنَا وَقَتْلِ النَّفْسِ وَغَيْرِهَا مِنْ الأُمُورِ الَّتِي إتَّفَقَ الجَمِيعُ عَلَى أَنَّهَا مِنْ المُمَيِّزَاتِ وَالعَلَامَاتِ الفَارِقَةِ لِلآيَاتِ أَوْ السُّوَرِ المَدَنِيَّةِ وَلَيْسَتْ المَكِّيَّةَ.
5- عُمُومًا هُمْ مَنْ نَقَلُوا هَدِيَّةَ رَسُولِ اللهِ (ص) فَدَكًا للزَّهْرَاءِ (عَ) وَلَمْ نَنْفَرِدْ بِنَقْلِهِ، وَتَضْعِيفُهُمْ لِتِلْكَ الرِّوَايَاتِ عَلَى غَيْرِ القَوَاعِدِ العِلْمِيَّةِ الَّتِي هُمْ وَضَعُوهَا كَمَا بَيَّنَّا ذَلِكَ، وَبِالتَّالِي تَصِحُّ رِوَايَاتِ النِّحْلَةِ وَالإِقْتِطَاعِ وَالإِعْطَاءِ الَّتِي رَوَوْهَا وَبَيَّنَّا ذِكْرَهَا وَالإِشَارَةَ إِلَيْهَا فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ مِنْ القُرْآنِ وَتَفْسِيرِهِ، وَكَذَلِكَ السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ، وَهَذَا يَكْفِي فِي إِذْعَانِ المُنْصِفِ وَمَنْ لَدَيْهِ رُوحٌ مُخْلِصَةٌ طَالِبَةٌ لِلْحَقِيقَةِ.
هَدَانَا اللهُ تَعَالَى وَإِيَّاهُمْ لِإِتْيَانِ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّهِ (صَلّى اللهُ عليهِ وآلهِ ) حَقَّهُمْ.
اترك تعليق