هل ضرب عمر للزهراء(ع) واسقاط جنينها في حادثة فدك ام في حادثة الباب؟

"المفيد - الإختصاص - رقم الصفحة : ( 185 ) - أبو محمد ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله (ع) قال : ... إلى أن قال .... فدعا بكتاب فكتبه لها برد فدك ، فقال : فخرجت والكتاب معها ، فلقيها عمر فقال : يا بنت محمد ما هذا الكتاب الذي معك ، فقالت : كتاب كتب لي أبو بكر برد فدك ، فقال : هلميه إلي ، فأبت أن تدفعه إليه ، فرفسها برجله وكانت حاملة بإبن إسمه المحسن فأسقطت المحسن من بطنها ثم لطمها فكأني أنظر إلى قرط في أذنها حين نقفت ثم أخذ الكتاب فخرقه فمضت ومكثت خمسة وسبعين يوماً مريضة مما ضربها عمر ، ثم قبضت .... ألخ." يعني سوالي بختصار المفيد يقول عمر اصقط المحسن بغير الرواية التي تقول عصرها بل باب في يقول المفيد ضربها برجله؟

: اللجنة العلمية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : إنَّ أصلَ الحادثةِ ثابتٌ بلا إشكال، فأحاديثُ هجومِ القومِ على دارِ عليٍّ عليهِ السلام وإحراقِ دارِه، وضربِ سيّدةِ نساءِ العالمينَ عليها السلام، وإسقاطِها للمُحسنِ عليهِ السلام، أمرٌ متواترٌ لا لبسَ فيه. أمّا الاختلافُ في زمانِ ومكانِ الضربِ أو الإسقاطِ فلا يضرُّ بأصلِ المطلبِ بعدَ ثبوتِه بالتواتر.  لأنَّ هذا الاختلافَ منَ الاختلافِ في الجُزئياتِ والتفاصيلِ التي لا تؤثّرُ في ثبوتِ أصلِ المطلب، ولا تكادُ حادثةٌ مِن حوادثِ التاريخِ المُتواترةِ تنجو مِن ذلك. فواقعةَ الغديرِ مثلاً أمرٌ مُسلّمٌ عندَ جميعِ المُسلمين، غيرَ أنَّ الرواياتِ فيها تختلفُ في بعضِ الجُزئيّات، فبعضُ الرواياتِ تُعطي تفاصيلَ دقيقةً، لم تذكُرها روايات أخرى، وبعضُها لم يذكُر تلكَ التفاصيلَ أصلاً، أو أنّه ذكرَها بألفاظٍ مُغايرة. فمن خلال مُقارنةٍ بسيطةٍ بينَ ما نقلَه ابنُ حنبل وما نقلَه الخطيبُ البغدادي في تلكَ الواقعة يتضح لك الأمر جلياً، فعن البراءِ بنِ عازب قالَ: كُنّا معَ رسولِ الله صلّى اللهُ عليهِ وسلّم في سفرٍ فنزَلنا بغديرِ خُم فنُوديَ فينا الصلاةُ جامعة وكُسحَ لرسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم تحتَ شجرتين فصلّى الظهرَ وأخذَ بيدِ عليّ رضيَ اللهُ تعالى عنه فقالَ ألستُم تعلمونَ أنّى أولى بالمؤمنينَ مِن أنفسِهم قالوا بلى قالَ ألستُم تعلمونَ أنّى أولى بكلِّ مُؤمنٍ مِن نفسِه قالوا بلى قالَ فأخذَ بيدِ عليٍّ فقالَ مَن كنتُ مولاهُ فعليٌّ مولاه اللهمَّ والِ مَن والاه وعادِ مَن عاداه قالَ فلقيهُ عُمر بعدَ ذلكَ فقالَ هنيئاً يا بنَ أبي طالب أصبحتَ وأمسيتَ مولى كلِّ مُؤمنٍ ومؤمنة.                                                                              مُسنَدُ أحمدَ بنِ حنبل (ج4/ص281) عَن أَبِي هُرَيرَةَ، قَالَ: مَن صَامَ يَومَ ثَمَانِ عَشرَةَ مِن ذِي الحِجَّةِ كُتِبَ لَهُ صِيَامُ سِتِّينَ شَهرًا، وَهُوَ يَومُ غَدِيرِ خُمٍّ لَمَّا أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِيَدِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: " أَلَستُ وَلِيُّ المُؤمِنِينَ؟ "، قَالُوا: بَلَى يا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: " مَن كُنتُ مَولاهُ فَعَلِيٌّ مَولاهُ "، فَقَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: بَخٍ بَخٍ لَكَ يَا بنَ أَبِي طَالِبٍ أَصبَحتَ مَولايَ وَمَولَى كُلِّ مُسلِمٍ)                                                                         تاريخُ بغداد ت بشار-الخطيبُ البغدادي- (ج9/ص221) فروايةُ أحمدَ بنِ حنبل ذكرَت قولَه صلّى اللهُ عليهِ وآله (اللهمَّ والِ مَن والاه وعادِ مَن عاداه) وهذا المقطعُ منَ الكلامِ لم يذكُره البغدادي. وروايةُ الخطيبِ البغدادي ذكرَت قولَ عُمر بصيغةِ: (فَقَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: بَخٍ بَخٍ لَكَ يَابنَ أَبِي طَالِبٍ) في حينِ أنَّ روايةَ حنبل تقول: (فلقيهُ عُمَر بعدَ ذلكَ فقالَ هنيئاً يا بنَ أبي طالب). إنَّ هذا الاختلافَ في التفاصيلِ الجُزئيّةِ للحادثةِ لا تضرُّ بأصلِ ثبوتِها. والاختلافُ في حادثةِ الضربِ وإسقاطِ المُحسن، اختلافٌ مِن هذا القبيل، معَ أنّها ثابتةٌ متواترة، وإن اختلفَتِ الرواياتُ في بعضِ الجُزئيّات. ففي سؤالٍ وُجّهَ إلى السيّدِ الخُوئي رحمَه الله حولَ الرواياتِ التي يذكرُها خطباءُ المِنبر، وبعضُ الكُتّابِ عن كسرِ ((عُمر)) لضلعِ السيّدةِ فاطمة (عليها السلام) صحيحةٌ برأيكم؟ الخوئي: ذلكَ مشهورٌ معروف، واللهُ العالِم                                                               صراطُ النجاة - استفتاءاتُ السيّدِ الخوئي (ج3/ص314)  قالَ السيّدُ العاملي: (إنَّ المطلوبَ هوَ إثباتُ سقوطِ الجنين بفعلِ المُعتدينَ المُهاجمين، وهذا ثابتٌ بالتواتر، وقد لهجَت به كتبُ السنّةِ وكتبُ الشيعةِ على حدٍّ سواء، فالاختلافُ في المكانِ الذي سقطَ فيه الجنينُ لا يضرُّ في أصلِ حصولِ هذا الأمرِ مِنهم).                            مُختصَرُ مُفيدِ أسئلةٍ وأجوبةٍ في الدينِ والعقيدة –السيّدُ جعفَر مُرتضى العاملي- (ج9/ص41) قالَ ابنُ جرير: وقُبضَت (فاطمةُ سلامُ اللهِ عليها) في جمادى الآخرة يومَ الثلاثاء لثلاثٍ خلونَ مِنه، سنةَ إحدى عشرةَ منَ الهجرة. وكانَ سببُ وفاتِها أنَّ قُنفذاً مولى عُمر لكزَها بنعلِ السيفِ بأمرِه، فأسقطَت مُحسِناً ومرضَت مِن ذلكَ مرضاً شديداً، ولم تدَع أحداً ممَّن آذاها يدخلُ عليها.                                                                                 دلائلُ الإمامةِ (ج10/ص9) ابنُ جريرٍ الطبري ونقلَ الشهرستانيُّ قولَ إبراهيم النظام : إنَّ عُمرَ ضربَ بطنَ فاطمةَ يومَ البيعةِ حتّى ألقَت الجنينَ مِن بطنِها وكانَ يصيحُ : أحرِقوا دارَها بمَن فيها وما كانَ في الدارِ غيرَ عليٍّ وفاطمةَ والحسنِ والحُسين .المِللُ والنِّحلُ للشهرستاني (ص: 15) وفي سؤالٍ للشيخِ جواد التبريزي قدّسَ سرُّه عمَّن يُشكّكُ في شهادةِ الزهراءِ (عليها السّلام) منَ الفُقهاء.أجابَ: بسمِه تعالى; لا يجوزُ تأييدُ مَن يشكُّ في شهادةِ الزهراءِ (عليها السلام) ولا نعتقدُ بفقاهتِه; لأنّهُ لو كانَ فقيهاً لاطّلعَ على الروايةِ الصحيحةِ المُصرّحةِ بشهادتِها (عليها السلام) وسائرِ الرواياتِ المُتعرّضةِ لسببِ شهادتِها (عليها السلام)، واللّهُ الهادي إلى سواءِ السبيل.                                          الأنوارُ الإلهيّةِ في المسائلِ العقائديّة (12/ 5) للميرزا جوادٍ التبريزي رحمَه الله.  وخلاصةُ القول: إنَّ اختلافَ بعضِ الرواياتِ ببعضِ الجُزئيّاتِ لا يضرُّ بثبوتِ أصلِ المطلبِ بعدَ أن كانَ متواتراً معروفاً بينَ المُسلمينَ قاطبةً. سدّدَ اللهُ خطاكَم ووفّقكَم لعملِ الخير.