هَلْ لِلإِسْلَامِ عِلَاقَةٌ بِالحَضَارَاتِ السَّابِقَةِ ؟
بَاقِرٌ حَسَنٌ المُوسَوِيُّ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ. طَالَمَا يَقُولُ المَلَاحِدَةُ: إِنَّ الأَدْيَانَ مُقْتَبَسَةٌ مِنَ الحَضَارَاتِ القَدِيمَةِ. مَا هُوَ رَدُّكُمْ... وَهَلْ اقْتِبَاسُ النَّصْرَانيَةِ وَاليَهُودِيَّةِ مِنَ الوَثَنِيِّينَ يُعَدُّ حُجَّةً عَلَى الإِسْلَامِ؟ أَمْ أَنَّ الإِسْلَامَ هُوَ التَّعْدِيلُ لِلإِعْوِجَاجِ؟
الإِسْلَامُ دِينُ الفِطْرَةِ وَالعَقْلِ، وَكُلُّ مَا فِيهِ جَاءَ مُنْسَجِمًا مَعَ الحَقِّ، وَلَمْ نَجِدْ فِي التَّارِيخِ الإِنْسَانِيِّ دِينًا اشْتَمَلَ عَلَى مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الإِسْلَامُ مِنْ كَمَالٍ وَجَمَالٍ، وَفِي المُقَابِلِ نَجِدُ أَنَّ الإِنْسَانَ كُلَّما ابْتَعَدَ عَنِ الأَنْبِيَاءِ كُلَّما كَانَ عُرْضَةً لِلجَهْلِ وَالفَسَادِ وَالظُّلْمِ وَالإِنْحِرَافِ، وَالتَّارِيخُ الإِنْسَانِيُّ شَاهِدٌ عَلَى المَآسِي الَّتِي ارْتَكَبَتْهَا الإِنْسَانِيَّةُ بِجَهْلِهَا وَغُرُورِهَا، وَبِالتَّالِي كُلُّ القِيَمِ الحَضَارِيَّةِ وَكُلُّ المُنْعَطَفَاتِ الإِيجَابِيَّةِ فِي تَارِيخِ الإِنْسَانِ كَانَتْ مِنْ آثَارِ الأَنْبِيَاءِ وَإِرْشَادَاتِ الرُّسُلِ، وَعَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ فِي الإِسْلَامِ مَا يُؤَكِّدُ عَلَى القِيَمِ الحَضَارِيَّةِ الَّتِي عَرَفَتْهَا البَشَرِيَّةُ مِنْ قَبْلُ، فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى كَمَالِهِ وَنُضْجِهِ، وَلَا يُعَدُّ هَذَا مَصْدَرَ إِشْكَالٍ وَإِنَّمَا مَصْدَرُ تَمَيُّزٍ وَإِشَادَةٍ.
أَمَّا القَوْلُ: إِنَّ النَّصْرَانيَةَ وَاليَهُودِيَّةَ مُسْتَمَدَّةٌ مِنَ الوَثَنِيِّينَ، لاَبُدَّ أَنْ نُفَرِّقَ بَيْنَ الدِّيَانَاتِ السَّمَاوِيَّةِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللهُ عَلَى أَنْبِيَائِهِ مُوسَى وَعِيسَى (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) وَبَيْنَ مَا وَقَعَ فِيهِمَا مِنْ تَحْرِيفٍ لَاحِقًا، فَالدِّيَانَاتُ السَّمَاوِيَّةُ تُمَثِّلُ الحَقَّ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللهُ عَلَى العِبَادِ، وَبِالتَّالِي لَا عِوَجَ فِيهَا وَلَا انْحِرَافَ، أَمَّا مَا عَلَيْهِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى اليَوْمَ فَلَا يُمَثِّلُ مَا أَرَادَهُ اللهُ، وَلِذَا كَانَ الإِسْلَامُ هُوَ الدِّينُ الَّذِي جَاءَ لِكَيْ يُعِيدَ النَّاسَ مِنْ جَدِيدٍ إِلَى الهُدَى وَالرَّشَادِ.
اترك تعليق