حَوْلَ صِحَّةِ القِراءاتِ القُرْآنِيَّةِ وَمَوْقِفِ الأئِمَّةِ (ع) مِنْها.
مرتضى / العراق: السَّلامُ عليْكُمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ .. ما صِحَّةُ القِراءاتِ العَشْرِ؟ وهلْ أيَّدَها الأئمَّةُ - عليهمُ السَّلامُ -؟ وهلْ تُوجِبُ الاختلافَ في القرآنِ؟ وعلى أيِّ قراءةٍ يعتمدُ المفسِّرونَ؟
الأخُ مرتضى المحترمُ، السَّلامُ عليْكُمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ.
قالَ السَّيِّدُ الخُوئيُّ - قُدِّسَ سِرُّهُ -: (لقدِ اخْتلفَتِ الآراءُ حولَ القِراءاتِ السَّبْعِ المشهورَةِ بينَ النّاسِ، فذَهَبَ جَمْعٌ مِنْ عُلماءِ أهلِ السُّنَّةِ إلى تواتُرِها عَنِ النَّبِيِّ - صَلّى اللهُ عليْهِ وآلِهِ -، ورُبَّما يُنسبُ هذا القولُ إلى المشهورِ بينَهُمْ. ونُقِلَ عنِ السُّبْكِيِّ القولُ بتواتُرِ القِراءاتِ العَشْرِ، وأفرَطَ بعضُهُمْ فَزَعَمَ أنَّ مَنْ قالَ إنَّ القراءاتِ السَّبْعَ لا يلزَمُ فِيها التَّواتُرُ فقولُهُ كُفْرٌ. ونُسِبَ هذا الرَّأيُ إلى مُفْتِي البِلادِ الأندلسيَّةِ أبي سعيدٍ فرجِ بنِ لُبٍّ.
والمَعْرُوفُ عندَ الشِّيعَةِ أنَّها غَيْرُ مُتواتِرَةٍ، بَلِ القراءاتُ بينَ ما هوَ اجتهادٌ منَ القارئِ، وبينَ ما هوَ منقولٌ بِخَبَرِ الواحِدِ، واختارَ هذا القولَ جَماعَةٌ مِنَ المُحَقِّقينَ مِنْ عُلماءِ أهْلِ السُّنَّةِ. وَغَيْرُ بَعِيدٍ أنْ يَكُونَ هذا هوَ المَشْهُورَ بينَهُمْ ... وهذا القولُ هوَ الصَّحِيحُ ). [البيانُ في تفسيرِ القرآنِ: 123]
أمّا عنْ موقفِ الأئِمَّةِ - عَلَيْهِمُ السَّلامُ - منْ هذهِ القِراءاتِ فقالَ السَّيِّدُ الخُوئِيُّ - قُدِّسَ سِرُّهُ-: (وأمّا بالنَّظَرِ إلى ما ثَبَتَ قطعيّاً منْ تقريرِ المَعْصُومِينَ - عليهمُ السَّلامُ - شِيعَتَهُمْ عَلى القِراءَةِ بأيَّةِ واحِدَةٍ منَ القِراءاتِ المَعْرُوفةِ في زَمانِهِمْ، فلا شكَّ في كِفايَةِ كُلِّ واحِدَةٍ مِنْها. فقدْ كانتْ هذِهِ القِراءاتُ مَعْرُوفةً في زَمانِهِمْ، ولمْ يَرِدْ عَنْهُمْ أنَّهُمْ رَدَعُوا عَنْ بَعْضِها، ولوْ ثبتَ الرَّدْعُ لَوَصَلَ إليْنا بِالتَّواتُرِ، ولا أقلَّ مِنْ نقلِهِ بِالآحادِ، بلْ وَرَدَ عَنْهُمْ - عليهمُ السَّلامُ - إمْضاءُ هذِهِ القِراءاتِ بِقولِهِمْ: "اقرَأْ كَما يَقْرَأُ النّاسُ. اقْرَؤُوا كما عُلِّمْتُمْ". وعَلى ذلكَ فلا مَعْنى لِتَخْصِيصِ الجَوازِ بِالقِراءاتِ السَّبْعِ أوِ العَشْرِ، نَعَمْ، يُعْتَبَرُ فِي الجَوازِ أنْ لا تكونَ القِراءَةُ شاذَّةً، غيرَ ثابِتَةٍ بِنَقْلِ الثِّقاتِ عِنْدَ عُلماءِ أهلِ السُّنَّةِ، ولا مَوْضُوعَةً، أمّا الشّاذَّةُ فمِثالُها قِراءَةُ "مَلَكَ يَوْمَ الدِّينِ" بِصِيغَةِ الماضِي ونَصْبِ يَوْمٍ، وأمّا المَوْضُوعَةُ فمِثالُها قِراءَةُ "إنَّما يَخْشى اللهُ مِنْ عِبادِهِ العُلماءَ" بِرَفْعِ كلمَةِ "الله" وَنَصْبِ كلمَةِ "العُلماء" عَلى قِراءَةِ الخُزاعِيِّ عَنْ أبِي حَنِيفَةَ. وصَفْوَةُ القولِ: أنَّهُ تَجُوزُ القِراءَةُ فِي الصَّلاةِ بِكُلِّ قِراءَةٍ كانَتْ مُتَعارَفَةً فِي زَمانِ أهْلِ البَيْتِ - عليهمُ السَّلامُ -). [البيانُ في تفسيرِ القرآنِ: 167 - 168]
ودُمْتُمْ سالمينَ.
اترك تعليق