أدوارُ ومَقاماتُ الزَّهراءِ (ع) في حَديثِ الكِساءِ.

على خُطى الزَّهراء: السَّلامُ عَليكُم .. سُؤالٌ في حَديثِ الكِساءِ المُباركِ ، يُقالُ هُناكَ سِتةُ أدوارٍ تَجلَّتْ لِحياةِ الزَّهراءِ (ع ) هَلْ مِنَ المُمكنِ أنْ نَعرِفَها 

: اللجنة العلمية

الأخُ المُحترَمُ، السَّلامُ عليكُم ورَحمةُ اللهِ وبَركاتُهُ

هُنَاكَ عِدَّةُ مَقَامَاتٍ وَأَدْوَارٍ خاصّةٍ تَجَلَّتْ لِلزَّهْرَاء ِ(عَلَيْهَا السَّلامُ) مِنْ خِلَالِ حَديثِ الْكِسَاءِ نَذكُرُهَا عَلَى عُجَالَةٍ هُنَا.

الْمَقَامُ الْأَوَّلُ: مَقَامُ الإصطِفاء.

فَهِيَ الْمَرْأَةُ الْوَحِيدَةُ الَّتِي كَانَتْ فِي هَذَا الْحَديثِ الْمُبَارَكِ، فَنَالَتْ مَقَامَ الصَّفْوَةِ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، وَكَانَتْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ أهْلِ الْجَنَّةِ بِلَا مُنَازِعٍ، كَمَا يَنُصُّ عَلَيْهِ الْبُخَارِي وَغَيْرِهِ.

الْمَقَامُ الثّاني: مَقَامُ الْمِحْوَرِيَّةِ.

حِينَ تَمَّ الْإِخْبَارُ عَنْ سؤالِ جَبرَئيلَ (يا رَبِّ وَمَنْ تَحتَ الكِساءِ؟) جَاءَ الجَوابُ مِنْ خِلالِ النِّدَاءِ السَّمَاوِيّ: (هُمْ فَاطِمَةُ وَأَبُوهَا وَبَعلُها وَبَنوها)، فَجُعِلَتْ هِيَ الْمِحْوَرُ بَيْنَ النُّبُوَّةِ وَالْإمَامَةِ، وبالتّالي كَانَتِ الْقُطْبَ الَّذِي يَدُورُ عَلَيْهِ فَلَكُ الْوُجُودِ تَكْوينًا وَتَشْرِيعًا، وَهُوَ الْمَعنى الَّذِي يُشِيرُ إِلَيْهِ الْحَديثُ الْقُدْسِيُّ: (يَا أَحَمدُ لولاكَ لَما خَلَقتُ الْأَفْلَاك، وَلَوْلَا عَليّ لَما خَلَقتُك، وَلَوْلَا فَاطِمَةَ لَمَّا خَلَقتُكما).

الْمَقَامُ الثَّالِثُ: مَقَامُ الْمَحَبَّةِ الْعُظْمَى.

حِينَ صَدَحَ الْمَوْلَى سُبْحَانَهُ بِقَوْلِهِ: (يا مَلائِكَتي وَيا سُكَّانَ سَماواتي إِنّي ما خَلَقتُ سَماءً مَبنَّيةً وَلا أرضاً مَدحيَّةً وَلا قَمَراً مُنيراًوَلا شَمساً مُضيِئةً وَلا فَلَكاً يَدُورُ وَلا بَحراً يَجري وَلا فُلكاً يَسري إِلاّ في مَحَبَّةِ هؤُلاءِ الخَمسَةِ الَّذينَ هُم تَحتَ الكِساءِ )، عَرَفْنَا أَنَّ الْمَحَبَّةَ الْعُظْمَى هِيَ مِنْ نَصِيبِ هَؤُلَاءِ الْخَمسَةِ مِنْ أَصْحَابِ الْكِسَاءِ (عَلَيْهِمُ السَّلامُ) فَقَط ، الَّذِينَ هُمْ: (فَاطِمَةُ وَأَبُوهَا وَبَعلُها وَبَنوها).

الْمَقَامُ الرَّابعُ: إنْحِصَارُ مَعنى (أهْلِ الْبَيْتِ) فِي بَعْلِهَا وَبَنيها.

عِنْدَمَا قَالَ النَّبِيّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلهِ وَسَلَّمَ) فِي حَديثِ الْكِسَاءِ: (اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أهْلُ بَيْتِي)، بِبَيَانِ مُعَرَّفِ الجُزأينِ ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ (هَؤُلَاءِ) مَعْرِفَةٌ، وَكَلِمَةَ (أَهَّلُ بَيْتي) مَعْرِفَةٌ، وَتَعْرِيفُ الجزأين (الْمُسْنَدُ وَالْمُسْنَدُ إِلَيْهِ) يُدُلُّ عَلَى الْحَصْرِ بَلَاغِياً [ كَمَا يَنُصُّ عَلَيْهِ السُّيُوطِيُّ فِي كِتَابِهِ " إتقانُ الْقُرْآن"]، عَرَفْنَا أَنَّ الزَّهْرَاءَ (عَلَيْهَا السَّلامُ) وَأَميرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلامُ) وَذَرِّيَتَهُمَا هُمْ أهْلُ بَيْتِ النُّبُوَّةِ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنَ الْأَزْوَاجِ وَالْأَقْرِبَاءِ.

 الْمَقَامُ الْخَامِسُ: مَقَامُ الْمُبَاهَاةِ.

حِينَ ذَكَرَ الْمَوْلَى سُبْحَانَهُ أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُ مِنْ سَمَاوَاتٍ وَأرْضٍ وَقَمَرٍ وَشَمْسٍ وَبِحَارٍ قَدْ وُجِدَ فِي مَحَبَّةِ هَؤُلَاءِ الْخَمسَةِ مِنْ أَصْحَابِ الْكِسَاءِ، اِشْرَأَبَّتْ أَعْنَاقُ الْمَلآئِكَةِ لِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي يُبَاهِي اللهُ سُبْحَانَهُ بِهَا ملآِئكتَهُ حَتَّى تَمَنَّى جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلامُ) أَنْ يَكُونَ سَادِسَهُمْ تَحْتَ الْكِسَاءِ.

الْمَقَامُ السَّادِسُ: مَقَامُ الشَّفَاعَةِ الْعُظْمَى.

مِنَ الْأُمُورِ الثَّابِتَةِ فِي الشَّرْعِ هُوَ مَقَامُ الشَّفَاعَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَبِهَذِهِ الْحُظْوَةِ الَّتِي نَالَهَا أَصْحَابُ الْكِسَاءِ (عَلَيْهِمُ السَّلامُ)، سَتَكُونُ لَهُمُ الشَّفَاعَةُ الْعُظْمَى عِنْدَهُ سُبْحَانَهُ.

وَذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤتيهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ.

وَدُمْتُم سَالِمِينَ.