السيدة فاطمة (ع) لم تسمع حكم عدم توريث الأنبياء إلا من أبي بكر، وهو أمر طبيعي.

محب آل البيت/: السيدة فاطمة (عليها السلام) لم تسمع بحديث: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا...) من الرسولِ صلى الله عليه وسلم، فبعد موته (عليه الصلاة والسلام) ذهبت السيدة فاطمة كأمر طبيعي تطالب بميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرها أبو بكر بحكم الرسول (صلى الله عليه وسلم) .

: اللجنة العلمية

  دعوى أن السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) لم تسمع هذا الحديث من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هي دعوى باطلة؛ لأن فيه اتهام للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالتقصير في تبليغ الأحكام، فهذا الحكم بعدم التوريث - على فرض ثبوت الحديث المذكور- موضوعه فاطمة الزهراء (عليها السلام)، لأنها هي ابنة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الوحيدة في الأرض، فهي وريثته، بالإضافة إلى زوجاته (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان ينبغي إيصال الحكم الخاص بها، حتى لا تقع في إشكال شرعي مع غيرها فيما يخصها، هذا أولاً . 

  وثانياً: لو سلمنا أن السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) لم تسمع بهذا الحديث، فهل أزواجه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يسمعن به كذلك، فهذا الحديث يثبت تقصير النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع زوجاته أيضاً، لأنه لم يبلغهن الأحكام الخاصة بهن، فقد نقل البخاري عن عروة بن الزبير، عن عائشة، أن أزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعثن عثمان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهن (راجع صحيح البخاري ج5 ص 115 كتاب المغازي باب حديث بني النضر) .

 وثالثاً: وراثة الأنبياء ثابتة بصريح آيات القرآن الكريم، كقوله تعالى: (وورث سليمان داود)، وقوله تعالى: (فهب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب) .

 وهذا الثبوت بأن الأنبياء يورثون يناقض ما قاله أبو بكر في حديث: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث) .

 فالآيات القرآنية تقول: معاشر الأنبياء يورثون . وحديث أبي بكر يقول: لا يورثون .. فمن نتبع ومن نترك ؟!!

 من الواضح أننا نتبع القرآن الكريم، ونرد حديث أبي بكر، لأن القرآن مقطوع السند، وحديث أبي بكر ظني السند، لأنه من أخبار الآحاد . 

ودعوى الجمع بين الآيات القرآنية وحديث أبي بكر  بحمل  الآيات على وراثة العلم دون المال،  فهذا مخالف للغة ومخالف للظاهر، فليراجع من شاء تفاسير المسلمين لقوله تعالى: (يرثني ويرث من آل يعقوب) أنهم يقولون: المراد منها  وراثة المال .

  فانظر تفسير الطبري، وتفسير القرطبي، وتفسير ابن كثير وغيرهم .

  رابعاً: حتى لو سلمنا بصدور هذا الحديث عن (النبي صلى الله عليه وآله وسلم)، وغضضنا النظر عن النقاط الثلاث المتقدمة، نقول: ليس المراد من الحديث هو ما فهمه أبو بكر بأن ماتركه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يكون صدقة وليس إرثاً، بل يكون المراد منه - كما ينقل السرخسي في المبسوط  ج1 ص 29 عن بعض مشائخه  - أن معنى الحديث هو أن ما تركنا صدقة، لا يورث ذلك عنا، وليس المراد أن أموال الأنبياء (عليهم الصلاة والسلام) لا تورث، وقد قال الله تعالى: (و ورث سليمان داود)، وقال تعالى: (فهب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب)،  فحاشا أن يتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلاف المنزل . انتهى .

 ومثل هذا الإشتباه في الفهم ليس جديداً عند الصحابة، وخلاف عمر وعائشة في البكاء على الميت معلوم مشهور، فعمر يدعي أنه سمع النهي في البكاء على الميت من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعائشة تتهمه أنك اشتبهت في فهمك، فليس معنى حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)  كما تقول !!

هذا كله بالإضافة إلى أن راوي الحديث هو أبو بكر وحده فقط؛ إذ لم يدع أحد من الصحابة أنه سمع هذا الحديث من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وحتى عائشة إنما ترويه عن أبيها فقط، وكان أبو بكر في مقام خصومة مع فاطمة (عليها السلام)، وإيراد الحديث من طرف الخصم وحده من غير شاهد عليه، لا يقبل في باب الخصومات .

 فهذا الحديث غير مقبول جملة وتفصيلاً حسب الموازين الشرعية والعلمية .