حكمُ الشّكِّ في الضّرورياتِ

لبيكَ يا مهديّ عج/: هلِ الشّكُّ فِي اللهِ تعالى أو فِي الرّسالةِ أو فِي الإمامةِ أو فِي ضرورةٍ مِن ضروريّاتِ الدّينِ والمذهبِ يُعدُّ كفراً؟ والشّاكُّ كافراً؟ أم لا؟ أريدُ جواباً معَ ذكرِ المصادرِ، جزاكمُ اللهُ خيراً.

: اللجنة العلمية

الأخُ المحترمُ، السّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ 

لا يَخفى أنَّ المرادَ بالضّروريّ هوَ مَا ثبتَ باليقينِ والبرهانِ أنّهُ منَ الدّينِ، قالَ المقدّسُ الأردبيليّ (رحمهُ اللهُ) فِي فوائدهِ ـ وهوَ يُعطِي ضابطةً لتحديدِ المرادِ منَ الضّروريّ ـ: «إنَّ المُرادَ بالضّروريّ الذي يكفَّرُ مُنكِرهُ، الذي ثبتَ عندهُ يقيناً كونهُ منَ الدّينِ، ولو بالبرهانِ ولو لم يكُن مُجمعَاً عليهِ». [مجمعُ الفائدةِ والبرهانِ 3:199].

فالضّرورةُ هيَ الثّبوتُ والوضوحُ عندَ الشّخصِ كوجوبِ الصّلاةِ أو صيامِ شهرِ رمضانَ أو وحدانيّةِ اللهِ أو نبوّةِ النّبيّ المُصطفَى (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ)، فهذهِ الأمورُ تعدُّ منَ الضّروريّاتِ أي منَ الواضحاتِ الثّابتاتِ التي لا نزاعَ فيهَا بينَ المسلمينَ، فمَنْ أنكرهَا منَ المسلمينَ فالحكمُ بكفرهِ وارتدادهِ محلُّ إجماعٍ بينَ المسلمينَ.

نعَم، يوجدُ تفصيلٌ فِي عدّةِ أمورٍ فِي الموضوعِ، منهَا التّفصيلُ بينَ القاصرِ والمقصّرِ في الموضوعِ، قالَ السّيّدُ الخوئيّ (قدّسَ سرّهُ): 

(إنَّ الحكمَ بكفرِ منكرِ الضّروريّ عندَ استلزامهِ لتكذيبِ النّبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ) لا تختصُّ بالأحكامِ الضّروريّةِ، لأنَّ إنكارَ أيّ حكمٍ فِي الشّريعةِ المقدّسةِ إذا كانَ طريقاً إلى إنكارِ النّبوّةِ أو غيرهَا منَ الأُمورِ المُعتبرةِ فِي تحقّقِ الإسلامِ على وجهِ الموضوعيّةِ فلا محالةَ يقتضِي الحكمَ بكفرِ منكرهِ وارتدادهِ.

هذا وعَن شيخِنا الأنصاريّ (قدّسَ سرّهُ) التّفصيلُ فِي الحكمِ بارتدادِ منكرِ الضّروريّ بينَ المقصِّرِ وغيرهِ بالحكمِ بالارتدادِ في الأوّلِ لإطلاقِ الفتاوى والنّصوصِ دونَ غيرهِ). انتهَى [شرحُ العروةِ الوثقَى: كتابُ الطّهارةِ (الموسوعةُ):57]. 

ومنهَا اِنعدامُ الموانعِ، بمعنَى لا يكفَّرُ منكرُ الضّروريّ إذا كانَ إنكارهُ عَن إكراهٍ أو خطأٍ أو جهلٍ أو وجودِ شبهةٍ مِن تأويلٍ ونحوهِ، وبلحاظِ ما تقدّمَ يتّضحُ الجوابُ على سؤالكُم عَنِ الشّكِّ فِي الضّروريّاتِ، فالمدارُ فِي التّكفيرِ يدورُ مدارَ العلمِ بالضّروريّ وعدمهِ، ومدارَ انتفاءِ الموانعِ التي تقدّمَ ذكرهَا.

ودمتُم سالِمينَ.