نبذةٌ عَن حياةِ عليٍّ الأكبرِ ( عليهِ السّلامُ )
ممكِن أن تعطونَا نبذةً عَن حياةِ عليٍّ الأكبرِ .. نشأتهُ ، ولادتهُ ، وهَل هوَ متزوّجٍ ؟ ومَن هيَ زوجتهُ ؟ وإذا كانَ متزوّجاً هَل لديهِ أطفالٌ؟ ومَن هُم أطفالهُ وكَم عمرهُ ؟
عليٌّ الأكبرُ ( عليهِ السّلامُ ) هوَ حفيدُ النّبوّةِ ، وسليلُ الرّسالةِ ، أبوهُ الحُسينُ ( عليهِ السّلامُ ) ، وأمّهُ ليلى بنتُ أبي مرّةَ بنِ عروةَ بنِ مسعودٍ الثّقفيّ ، سمّاهُ أباهُ الحسينُ ( عليهِ السّلامُ ) عليّاً كما سمّى أخوينِ لهُ بهذا الاِسمِ، حتّى يبقى هذا الاِسمُ مذكوراً عندَ النّاسِ ردّاً على مَنْ أرادَ طمسَ فضائلهِ وذكرهِ .
وُلدَ ( رضوانُ اللهِ عليهِ ) في الحادي عشرَ مِنْ شعبانَ سنةَ 33 هجريّة في المدينةِ المنوّرةِ .
مِنْ سماتهِ الظّاهريّةِ أنّهُ كانَ معتدلَ القامةِ عريضَ المنكبينِ، أبيضَ اللّونِ مَشروباً بحُمرةٍ، أسودَ العينينِ كثَّ الحاجبينِ، إذا مشى كأنّهُ ينحدرُ منَ الأرضِ، يلتفتُ بتمامِ بدنهِ، نظرهُ إلى الأرضِ أكثرُ مِن نظرهِ إلى السّماءِ، وتفوحُ منهُ رائحةُ المسكِ والعنبرِ [ فرسانُ الهيجاءِ ، للسّماويّ ، ص 294]
وهوَ كانَ أشبهَ النّاسِ خلقاً وخُلقاً ومنطِقاً بجدّهِ رسولِ اللهِ ( صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ ) ، كمَا وصفهُ أبوهُ الحسينُ ( عليهِ السّلامُ ) حينَ برزَ لقتالِ القومِ في كربلاءَ .
ذكرَ المؤرّخونَ أنّهُ لمَّا كانَ في آخرِ اللّيلةِ التي باتَ بهَا الحُسينُ (ع ) عندَ قصرِ بني مقاتل، أمرَ بالاستسقاءِ منَ الماءِ، ثمَ أمرَ بالرّحيلِ، فلمّا ارتحلوا مِن قصرِ بني مُقاتل وساروا ساعةً، خفقَ الحُسينُ (ع ) برأسهِ خفقةً، ثُمَّ انتبهَ وهوَ يقولُ: إنّا للهِ وإنّا إليهِ راجعونَ، والحمدُ للّهِ ربِّ العالمينَ. قالَ ذلكَ مرّتينِ أو ثلاثاً. فأقبلَ إليهِ عليُّ بنُ الحسينِ (ع ) على فرسٍ لهُ، فقالَ: إنّا للهِ وإنّا إليهِ راجعونَ والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، يا أبتِ جُعِلتُ فداكَ ممَّ حمدتَ اللّهَ واسترجعتَ؟ قالَ: يا بُنيَّ إنّي خفقْتُ برأسِي خفقةً، فعنَّ لي فارسٌ على فرسٍ، فقالَ: القومُ يسيرونَ والمنايا تَسري إليهِم، فعلمتُ أنّها أنفسُنَا نُعيَتْ إلينَا.
قالَ لهُ عليهِ السّلامُ : يا أبتِ لا أراكَ اللّهُ سُوءاً ألسْنَا على الحقِّ؟ قالَ : بلى والّذي إليهِ مرجعُ العِبادِ. قالَ: يا أبتِ إذاً لا نُبالي أنْ نموتَ مُحقّينَ، فقالَ لهُ: جزاكَ اللّهُ مِنْ ولدٍ خيرَ ما جزى ولداً عَن والدهِ [ أبو مُخنفٍ، وقعةُ الطّفِّ، ص 276]
كانَ أوّلَ شهيدٍ سقطَ مِنْ بني هاشمٍ يومَ عاشوراءَ [ أبو الفرجِ الأصفهانيّ، مقاتلُ الطّالبيّينَ، ص 86.؛ أبو مُخنفٍ، وقعةُ الطّفِّ، ص 276] وقَد جاءَ في متنِ زيارةِ الشّهداءِ المعروفةِ: السَّلامُ عليكَ يا أوّلَ قتيلٍ مِنْ نَسلِ خَيرِ سليل [ القمِّي، مُنتهى الآمالِ، ج 2، ص 867].
( كلماتُ الإمامِ الحُسينِ عليهِ السّلامُ في حقِّ ولدهِ عليٍّ الأكبرِ )
لمَّا رأى الإمامُ الحُسينُ ( عليهِ السّلامُ ) إصرارَ ولدهِ عليٍّ الأكبرِ في النّزولِ إلى ساحةِ القتالِ ، صاحَ: "يا بنَ سعدٍ قطعَ اللهُ رَحمكَ كما قطعتَ رحمِي ولَم تحفظنِي في رسولِ اللهِ، وسلّطَ عليكَ مَنْ يذبحُكَ على فراشكَ". ثُمَّ قالَ: "اللّهمَّ اِشهَدْ على هؤلاءِ فقَد برزَ إليهِم أشبهُ النّاسِ برسولكَ محمّدٍ خَلقاً وخُلقاً ومنطقاً، و كنّا إذا اشتقنَا إلي رُؤيةِ نَبيّك نَظرنا اِليه". ثمَّ قالَ: "اللّهمَّ امنعُهمْ بركاتِ الأرضِ، وفرّقهُمْ تفريقاً، ومزّقهُمْ تمزيقاً، واجعلهُمْ طرائقَ قِدداً، ولا تُرضِ الولاةَ عنهُم أبداً، فإنّهم دَعونا لينصرونَا ثُمَّ عَدَوا علينَا يقاتلوننَا". ثمَّ رفعَ صوتهُ وتلا: "إنّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وآلَ إبراهِيمَ وآلَ عِمْرانَ على العالَمين * ذُريةً بَعضُها مِنْ بعض واللهُ سَميعٌ عليمٌ". [ الخوارزمي، مقتلُ الحسينِ، ج 2، ص 35، إبنُ طاووسَ، اللّهوفُ، ص 139]
أمّا عن زواجهِ وأولادهِ فقَد اُختلِفَ في ذلكَ بينَ الإثباتِ والعدمِ ، ويميلُ البعضُ إلى وجودِ ذُريّةٍ لهُ بدليلينِ :
الأوّلِ : روايةُ البزنطيّ عنِ الإمامِ الرّضا ( عليهِ السّلامُ ) : عَن أبي الحسنِ الرّضا ( عليهِ السّلامُ ) قالَ : قلتُ لهُ : بلغنَا عَن أبيكَ أنَّ عليّاً بنَ الحُسينِ ( عليهِمَا السّلامُ ) تزوّجَ إبنةَ الحسنِ بنِ عليٍّ ( عليهِمَا السّلامُ ) وأمَّ ولدِ الحسنِ وذلكَ أنَّ رجلاً مِن أصحابِنَا سألنِي أنْ أسألكَ عَنها ، فقالَ : ليسَ هكذا إنّما تزوّجَ عليُّ بنُ الحسينِ ( عليهمَا السّلامُ ) إبنةَ الحسنِ وأمَّ ولدٍ لعليٍّ بنِ الحُسينِ المقتولِ عندَكُم ( الكافي 5: 361)
فهذهِ الرّوايةُ يُستفادُ مِنهَا أنَّ عليّا الأكبرَ - المقتولِ في كربلاءَ - كانَتْ لهُ أمُّ ولدٍ ، أي جاريةٌ مملوكةٌ لهُ مِنهَا ولدٌ ، ومِنَ البعيدِ أن تكونَ أمُّ ولدٍ لغيرهِ وهوَ مالكٌ لهَا فقَط .
الثّاني : مَا وردَ في الزّيارةِ المرويّةِ عنِ الإمامِ الصّادقِ عليهِ السّلامُ ، حينَ يقولُ فيها مُخاطِباً عليّاً الأكبرَ : صلّى اللهُ عليكَ ، وعلى عترتِكَ ، وأهلِ بيتِكَ ، وآبائِكَ وأبنائِكَ ، وأمّهاتِكَ الأخيارِ ( بحارُ الأنوارِ 98 : 186) .
فهُنا في هذهِ الزّيارةِ نجدُ إشارةً واضحةً إلى وجودِ أبناءٍ لهُ ( عليهِ السّلامُ ) ولكِن خفيَتْ عنّا أسماؤهُم .. واللهُ العالمُ.
ودُمتُم سالِمينَ.
اترك تعليق