لماذا لم يقرر النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بأن تكتب الاحاديث المروية عنه كما امر بجمع القرآن واحاديث اهل البيت كما تدعون على انها حجة عليكم لماذا لانتكفي بالقرآن
في سؤال ورد عن بعض الاخوة اتباع مذهب اهل السنة حفظهم الله يقول لماذا لم يقرر النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بأن تكتب الاحاديث المروية عنه كما امر بجمع القرآن واحاديث اهل البيت كما تدعون على انها حجة عليكم لماذا لانتكفي بالقرآن ولو كانت الاحاديث والرويات هي مفسرة ومكملة للقرآن لكان الواجب تدوينها لكي لايقع الناس في اشكال والتباس جزاكم الله خيرا
أوّلاً: القولُ المشهورُ عندَ المُخالفين أنَّ القُرآنَ قَد تمَّ جمعُه زمنَ خلافةِ عُثمان، نعَم هُناكَ مَن ذهبَ منهُم إلى أنّهُ قَد جُمعَ في زمنِ النّبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآلِه) إلّا أنّهُ مِمّا لا يساعدُ عليهِ الواقعُ، لكثرةِ المصاحفِ الموجودةِ عندَ الصّحابةِ وإنكارِ بعضِهم لبعضِ السّورِ كإنكارِ ابنِ مسعودٍ للمُعوّذتينِ أو الشّكِّ في أنَّ بعضَ السّورِ زيدَ أو أُنقِصَ منها كما في قصّةِ الدّاجنِ. ثانياً : قولُهم (لو كانَت الأحاديثُ والرّواياتُ هيَ مُفسِّرةً ومُكمّلةً للقُرآنِ لكانَ الواجبُ تدوينَها لكَي لا يقعَ النّاسُ في إشكالٍ والتباس)، وهذا الإشكالُ وجيهٌ وواردٌ على مَن دوّنَ السّنّةَ بعدَ ما يقربُ مِن 90 سنةٍ مِن شهادةِ النّبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) وبعدَ فقدِ الكثيرِ مِن رواياتِ النّبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) بسببِ إحراقِ أبي بكرٍ لكَمٍّ كبيرٍ منَ الرّواياتِ التي كتبَها الصّحابةُ بعدَ سماعِهم لهَا مِن رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآلِه)، أو منعِهم مِن قِبلِ عُمر أن يتحدّثوا بما سمعوهُ مِن رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآلِه). أمّا عندَنا فهذا الإشكالُ غيرُ واردٍ مِن أصلِه لسببينِ أساسيّين: أ ـ نعتقدُ أنَّ المنبعَ الوحيدَ الذي نستقي منهُ الآثارَ النّبويّةَ هوَ منبعُ العِترةِ الطّاهرةِ بِدءاً مِن أميرِ المُؤمنينَ (صلواتُ اللهِ عليه) وانتهاءً بوليّ اللهِ الأعظمِ الإمامِ المهديّ (عجّلَ اللهُ فرجَه) وهؤلاءِ أئمّةٌ هُداةٌ معصومونَ مُطهّرونَ، وقَد جعلَهُم النّبيُّ (صلّى اللهُ عليهِ وآلِه) عدلاً للقُرآنِ الكريمِ بنصِّ حديثِ الثّقلين. وعنِ الصّادقِ (عليهِ السّلام) أنّهُ قالَ: حديثي حديثُ أبي، وحديثُ أبي حديثُ جدّي، وحديثُ جدّي حديثُ الحُسينِ، وحديثُ الحُسين حديثُ الحسنِ، وحديثُ الحسنِ حديثُ أميرِ المُؤمنينَ، وحديثُ أميرِ المؤمنينَ حديثُ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وحديثُ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه قولُ اللهِ عزَّ وجلَّ. بحارُ الأنوارِ - العلّامةُ المجلسيّ - ج ٢ - الصّفحة ١٧٩ ب ـ ومِن بابِ حفظِ الآثارِ النّبويّةِ قامَ كبارُ أصحابِ الأئمّةِ (عليهمُ السّلام) بتدوينِها وحفظِها ونسخِها وتُعرَفُ تلكَ الآثارُ بالأصولِ الأربعمائة وميّزةُ هذهِ المُصنّفاتِ أنّها لمَن سمعُوا الرّواياتِ شِفاهاً منَ الأئمّةِ. ثالثاً: الإكتفاءُ بالقرآنِ دونَ السّنّةِ مُخالفٌ لضروريّ الدّين وصريحِ الكتابِ العظيم، كيفَ وقَد أمرَ اللهُ تعالى بالأخذِ عمّا يصدرُ مِن نبيّهِ الأعظمِ (صلّى اللهُ عليهِ وآلِه) حيثُ قالَ عزَّ مِن قائلٍ: (ما آتاكُم الرّسولُ فخذوه وما نهاكُم عنهُ فانتَهوا) وقولُه (لتحكُمَ بينَ النّاسِ) وقولُه تعالى: (فلا وربّكَ لا يؤمنونَ حتّى يُحكّموكَ فيما شجرَ بينَهُم). وهذا إمامُ الحنابلةِ البربهاري قَد حكمَ على صاحبِ هذا القولِ بالزّندقةِ، حيثُ قال : "وإذا سَمِعْتَ الرَّجُلَ تأتيهِ بالأثَرِ فلا يُرِيدُهُ، وَيُريدُ القرآنَ، فلا [تشك] أنَّه رَجُلٌ قد احُتَوى على الزَّنْدَقَةِ، فَقُمْ مِن عِنْدِهِ [وَدَعْهُ]". شرح السُّنَّة ص119-120 فقرة 135 .
اترك تعليق