من أطلق لقب السيد على المسيح (ع) ؟وهل صحيح أن الرسول الكريم (ص) قال أن الله هو السيد؟ مع السؤال أن السيد ليست من أسماء الله الحسنى؟

: السيد رعد المرسومي

السلام عليكم ورحمة الله : بعدَ البحثِ والتّدقيقِ لم يثبُت لدينا عَن الرّسولِ الأكرمِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) أنّه أطلقَ لفظَ السّيّدِ على الباري جلّ وعلا, وأمّا ما يتعلّقُ بسؤالكَ عمَّنْ أطلقَ لقبَ السّيّدِ على المسيحِ عليه السّلامُ, فيبدو أنّ هذا اللّقبَ قَد تسرّبَ إلينا مِن كُتبِ (إنجيلِ متّى), ففي كتابِ (الفصلِ في المِللِ والنّحلِ) لابنِ حزمٍ الأندلسيّ القُرطبيّ الظّاهريّ (المتوفّى: 456هـ) (ج2/ص38), حينَ كانَ ينقدُ ما وردَ فيهِ منَ الحكاياتِ الباطلةِ ؛ نقلَ عن البَاب الحَادِي وَالعِشرين مِن (إنجيل مَتّى) هذهِ الحكايةَ التي تكرّرَ فيها لفظُ السّيّدِ مرّتين , وقد وضعنا تحتَهُما خطٌّاً للإيضاحِ, وهذا هوَ نصُّ الحكايةِ: فَلَمَّا تدانى المَسِيحُ مِن برشلام وَكَانَ فِي مَوضِعٍ يُقَالُ لَهُ بَيتُ فاجي جوار جبلِ الزَّيتُون بعثَ رجلَينِ من تلاميذِه وَقَالَ لَهما: إمضيا إِلَى الحصنِ الَّذِي يقابلُكما وستجدانِ فِيهِ حمارةً مربوطةً بفلوها فحُلّا عَنهُمَا وأقبلا إِلَيّ بهما فَإِنَّ تعرّضَكُما أحدٌ فقولا: إِنّ السَّيِّد يُرِيدهُمَا فيدعُكما مِن وقتِه, وَكَانَ ذَلِك ليتمَّ بِهِ قَولُ النَّبِيّ القَائِل قُولُوا لِابنِهِ صهيون سيأتيكَ ملكُك متواضعاً على حمارةٍ وابنُ أتان فَتوجّهَ التّلميذانِ وفعلا كَمَا أَمرهُمَا بِهِ وَأَقبلَ بالحمارةِ وفولِها وألقيا ثيابَهما عَلَيهِمَا وأجلساهُ من فَوقِهمَا وَفِي البَابِ التَّاسِعِ مِن آخرِ إنجيلِ مارقش فَلَمَّا بلغَ المَسِيحُ بَيتَ فاجي عِندَ جبلِ الزّيتُونِ أرسلَ اثنَينِ مِن تلاميذِه وَقَالَ لَهما اذهَبَا إِلَى الحصنِ الَّذِي بحيالكُما فَإِذا دخلتُما ستجدانِ فَلَواً مربوطاً لم يركَبه بعدُ أحدٌ منَ الآدَمِيّينَ حلّاهُ وأقبلا بِهِ إِلَيّ فَإِن قَالَ لَكُمَا أحدٌ مَا هَذَا الَّذِي تفعلانِ فقولا لَهُ: إِنّ السَّيِّد المَسِيح يحتَاجُ إِلَيهِ فيُخليهِ لَكُمَا فَانطَلقَا ووجدا الفلوَ مربوطاً قبالةَ رحبةِ البَابِ فِي زقاقينِ فحلّاهُ فقالَ لَهما بعضُ الوُقُوفِ هُنَالكَ مَا لَكمَا تحلّانِ الفلوَ فَقَالَا لَهُ كَالَّذي أَمرَهمَا يسوعُ فَتَرَكُوهُ لَهما وساقا الفلوَ إِلَى يسوع فحملا عَلَيهِ ثيابَهما وَركبَ من فَوق. 

وكلُّ العُلماءِ والمُصنّفينَ مِـمّن جاؤوا مِن بعدِ ذلكَ كانوا يُردّدون عبارةَ (السّيّد المسيحِ عليه السّلام) مِن بابِ التّبجيلِ والتّوقيرِ لأحدِ أنبياءِ أولي العزمِ عليهم السّلام , كما في كتابِ (تخجيلِ مَن حرَّفَ التّوراةَ والإنجيل) للمؤلّفِ: صالحٍ بنِ الحُسينِ الجعفريّ أبو البقاءِ الهاشميّ (المُتوفّى: 668هـ), وكتابُ: (الإنتصاراتِ الإسلاميّة في كشف شبه النّصرانيّةِ) للمؤلّفِ: سُليمانَ بنِ عبدِ القوي بنِ الكريمِ الطّوفيّ الصّرصريّ، أبو الرّبيعِ، نجمُ الدّين (المُتوفّى: 716هـ), وكتابُ: (لوامعِ الأنوارِ البهيّةِ وسواطعِ الأسرارِ الأثريّةِ) لشرحِ الدّرّةِ المضيّةِ في عقدِ الفرقةِ المرضيّةِ, للمؤلّفِ: شمسِ الدّين، أبو العون محمّدٍ بن أحمدَ بنِ سالمٍ السّفارينيّ الحنبليّ (المتوفّى: 1188هـ).وهكذا هوَ الحالُ عندَ العُلماءِ المُعاصرينَ والباحثينَ وخصوصاً عندَ مدرسةِ أهلِ السّنّةِ , إذ تراهُم في بحوثِهم ومُنتدياتِهم يطلقونَ عبارةَ السّيّدِ المسيحِ مِن بابِ التّبجيلِ والتّوقيرِ. ودمتُم سالِمينَ.