هل يوجد حق وباطل فقط ام يوجد أمر ثالث لهما ؟
نحن اتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام نعتقد باننا على الحق ولله الحمد وهل هذا يدل بأن جميع من يخالفنا على الباطل اي كان دينه او مذهبه ام يوجد شيء اخر يمكن ان نسمي به من يخالفنا
السلام عليكم ورحمة الله
التّباينُ في المُعتقداتِ أو الإختلافُ في الآراءِ يدورُ بشكلٍ عامٍّ مدارَ الحقِّ والباطلِ أو الخطأِ والصّوابِ أو الصّالحِ والفاسدِ أو غيرِ ذلكَ منَ العِباراتِ التي تُستخدَمُ للتّمييزِ بينَ موقفينِ أو فكرتينِ، وليسَ بالضّرورةِ أن يتبنّى الإنسانُ فِكرةً أو يعتقدَ بعقيدةٍ بدافعِ الحقِّ والباطلِ فقَط، وإنّما هُناكَ دوافعُ أُخرى مثل تقليدِ المُجتمعِ والبيئةِ الثّقافيّةِ التي يعيشُ فيها أو بدافعِ المصالحِ والمكاسبِ الشّخصيّةِ، أو غيرِ ذلكَ منَ الأسبابِ، وعليهِ هُناكَ تقييماتٌ تنطلقُ منَ البُعدِ الذّاتيّ والشّخصيّ وهُناكَ تقييماتٌ موضوعيّةٌ تقتربُ منَ الأشياءِ كما هيَ بعيداً عنِ المُؤثّراتِ الخارجيّةِ، ومِن هُنا لا يمكنُ حسمُ التّباينِ في الأمورِ المُختلَفِ حولَها إلّا مِن خلالِ التّجرّدِ للحقِّ من دونِ أيّ إعتبارٍ آخر، وممّا لا شكَّ فيهِ أنَّ الحقَّ والباطلَ على طرفي نقيضٍ متى ما ثبتَ أحدُهما ثبتَ في مُقابلِه الآخرُ، والحقُّ بما أنّهُ يُعبّرُ عنِ الواقعِ فعدمُ الإعترافِ بهِ لا يُؤثّرُ في واقعيّتِه، وعليهِ ففي مرحلةِ الثّبوتِ وعينِ الواقعِ ونفسِ الأمرِ هُناكَ حقٌّ، أمّا في مرحلةِ الإثباتِ وإدّعاءِ إمتلاكِه يتوقّفُ على الدّليلِ والبُرهانِ، ومِن هُنا يقعُ الإختلافُ والتّباينُ في ما يُقدّمُه كلُّ طرفٍ مِن أدلّةٍ، ولا يمنعُ ذلكَ مِن إعتقادِ الإنسانِ بصحّةِ أدلّتِه وبالتّالي بطلان أدلّةِ الطّرفِ الآخرِ، وفي المُحصّلةِ كلُّ مَن يعتقدُ أنّهُ على حقٍّ لابُدَّ أن يعتقدَ ببُطلانِ مَن يُخالفُه، وهذهِ الحقيقةُ حاكمةٌ على الجميعِ بمُختلفِ إتّجاهاتِهم ومذاهبِهم فكلُّ صاحبِ إتّجاهٍ يعتقدُ ببُطلانِ مَن يُخالفُه، إلّا أنَّ العُمدةَ في ذلكَ ليسَ مُجرّدَ الإدّعاءِ وإنّما العُمدةُ هوَ ما يُقدّمُه مِن أدلّةٍ على صِدقِ دعواهُ. والإسلامُ في مُقابلِ بقيّةِ الأديانِ يُمثّلُ الحقَّ وما خالفَهُ باطلٌ، وأدلّتُه في ذلكَ واضحةٌ، وهكذا التّشيّعُ بوصفِه التّعبيرَ الأصدقَ للإسلامِ يُمثّلُ الحقَّ في قبالِ كلِّ المذاهبِ التي تُخالفُه، فمنَ الطّبيعيِّ أن يُقالَ أنَّ كُلَّ المذاهبِ الأُخرى باطلةٌ، إلّا أنَّ ذلكَ لا يعني ترتيبَ أثرٍ مثلَ المُخاصمةِ والتّكفيرِ، لأنَّ الحُكمَ بكونِهم على باطلٍ غيرُ ناظرٍ للنّتائجِ وإنّما ناظرٌ إلى مضمونِ الدّليلِ الذي يتبنّاهُ المُخالفُ، وفي هذهِ الحالةِ تكونُ طاولةُ الحوارِ والنّقاشِ هيَ الحكمُ بينَ المُتخاصمينَ، والشّيءُ الوحيدُ الذي يمكنُ إشهارُه في هذهِ الحلبةِ هوَ الدّليلُ ولا شيءَ غيرُه.
اترك تعليق