كيف نرى الله؟ وماذا قبل الله؟ سؤال من احد الشباب البسيط في فكره العقائدي ممكن جواب بسيط ومفهوم

سالني احد الشباب البسيط في فكره العقائدي: كيف نرى الله؟ وماذا قبل الله؟ ومن هذا النوع من الاسئلة التي ترد في الخواطر يرجى التفضل باعداد جواب مبسط يكون بمستوى شاب فكره بسيط حاصل على الابتدائية مثلا لنقله له

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلام عليكم ورحمة الله

مثلُ هذهِ الأسئلةِ لها وجودٌ في بعضِ الأوساطِ التي تفتقرُ إلى التّوعيةِ الدّينيّةِ والبعيدةِ عنِ المراكزِ والمُؤسّساتِ المُهتمّةِ بالإرشادِ الدّينيّ مثلِ المساجدِ والحُسينيّاتِ والحوزاتِ وغيرِ ذلكَ منَ المنابرِ التي تهتمُّ بنشرِ الوعي الدّينيّ، ولِذا يجبُ أن ننصحَ أوّلاً الشّبابَ المُسلمَ أن يهتمَّ بطلبِ العلمِ الدّينيّ، حيثُ حضَّت معظمُ النّصوصِ على طلبِ العلمِ والتّشجيعِ عليهِ إلى درجةٍ يُفهمُ منها الوجوبُ والإلزامُ، وقَد إتّفقَت الأمّةُ على أنَّ العلمَ الواجبَ على جميعِ المُكلّفينَ هوَ معرفةُ اللهِ تعالى وصفاتِه وأفعالِه وكلِّ ما يتعلّقُ بأصولِ الدّينِ والإعتقادِ، مُضافاً إلى العلمِ بالأحكامِ التي يلتزمُ بها المُكلّفُ في عباداتِه ومعاملاتِه والتي يُصطلحُ عليها بفروعِ الدّينِ، وكلٌّ منهُما ينقسمُ إلى فرضِ عينٍ وفرضِ كفايةٍ، فهذهِ أربعةُ أقسامٍ ويمكنُ توضيحُها كالتّالي: 

1- الواجبُ العينيُّ مِن أصولِ الدّينِ: معرفةُ اللهِ وصفاتِه وأفعالِه بنحوٍ يحصلُ لهُ الإطمئنانُ بها وتسكنُ نفسُه لصِحّتِها وإن لَم يتمكَّن مِن ردِّ الشّبهاتِ والإشكالاتِ لعدمِ معرفتِه باصطلاحاتِ العُلماءِ. 

2- الواجبُ الكفائيُّ مِن أصولِ الدّينِ: معرفةُ ذلكَ بمستوى ردِّ الشّبهاتِ وحلِّ الإشكالاتِ ودفعِ المُغالطاتِ. 

3- الواجبُ العينيُّ مِن فروعِ الدّينِ: معرفةُ أحكامِ المسائلِ -منَ العباداتِ والمُعاملاتِ- التي يكونُ في معرضِ الإبتلاءِ بها والحاجةِ لها. 

4-  الواجبُ الكفائيُّ مِن فروعِ الدّينِ: معرفةُ أحكامِ المسائلِ بأدلّتِها التّفصيليّةِ وهوَ المُصطلحُ عليهِ بالإجتهادِ. 

وقَد أشارَت روايةُ الإمامِ مُوسى بنِ جعفرٍ (عليه السّلام) إلى ما يجبُ على المُكلّفِ العلمُ بهِ، حيثُ قالَ: (وجدتُ علمَ النّاسِ في أربعٍ:

أوّلُها: أن تعرفَ ربّكَ ومفادُها وجوبُ معرفةِ اللهِ تعالى التي هيَ اللُّطفُ. 

وثانيها: أن تعرفَ ما صنعَ بكَ منَ النّعمِ التي يتعيّنُ عليكَ لأجلِها الشّكرُ والعبادةُ. 

وثالثُها: أن تعرفَ ما أرادَ منكَ: فيما أوجبَهُ عليكَ وندبَك إلى فعلِه لتفعلَهُ على الحدِّ الذي أرادَهُ منكَ فتستحقَّ بذلكَ الثّوابَ. 

ورابعُها: أن تعرفَ ما يُخرجُكَ مِن دينِك، وهيَ أن تعرفَ الشّيءَ الذي يُخرجُكَ عَن طاعةِ اللهِ فتتجنّبَه)  

أمّا فيما يخصُّ الإجابةَ على هذهِ الأسئلةِ بشكلٍ بسيطٍ فنقولُ: لابُدَّ منَ الإيمانِ أوّلاً أنَّ كُلَّ ما نراهُ ونعرفُه مِن عالمِ الوجودِ هوَ خلقٌ للهِ تعالى، وعليهِ كلُّ ما يجري على هذا الخلقِ لا يجري على خالقِه، فكلُّ صفةٍ يتّصفُ بها المخلوقُ مُنتفيةٌ في الخالقِ، مثلَ الجسميّةِ، والكُتلةِ، واللّونِ، والشّكلِ، وإمكانيّةِ الرّؤيةِ، والحلولِ في المكانِ والزّمانِ، وغيرِ ذلكَ مِن صفاتِ المَخلوقِ، والسّببُ في ذلكَ أنَّ الخالقَ لَو كانَ يُشبهُ المخلوقَ في صفاتِه لكانَ جُزءاً منهُ وداخلاً فيهِ، وحينَها يكونُ مخلوقاً ولا يكونُ خالِقاً، وإذا ثبتَ كونُ اللهِ تعالى مُنزّهاً عَن صفاتِ المخلوقِ لا يُقالُ في حقِّه لماذا لا نراهُ؛ لأنَّ الرّؤيةَ لا تقعُ إلّا على مَن كانَ لهُ جهةٌ وحدودٌ وكُتلةٌ وغيرُ ذلكَ مِن شروطِ الرّؤيةِ، وكلُّ ذلكَ مِن صفاتِ المخلوقِ وليسَ الخالقِ. ولا يُقالُ لهُ أينٌ؛ لأنَّ السّؤالَ عنِ الأينِ سؤالٌ عَن مكانٍ واللهُ سُبحانَه هوَ الذي خلقَ المكانَ فلا يحتويهِ مكانٌ. ولا يُقالُ لهُ متى كانَ؛ لأنَّ السّؤالَ عنِ المتى سؤالٌ عَن زمنِ الحدوثِ واللهُ سُبحانَه قديمٌ غيرُ مسبوقٍ بزمانٍ، وهكذا يتنزّهُ اللهُ عَن كُلِّ ما يجري على المخلوقِ، فمَن لا مثلَ لهُ لا يمكنُ أن يُقالَ فيهِ كيفَ هوَ، ومَن لا عددَ لهُ لا يُقالُ فيهِ كَم هوَ، ومَن لا أوّلَ لهُ لا يقالُ لهُ مِمَّ كانَ، ومَن لا مكانَ لهُ لا يقالُ فيهِ أينَ كانَ، فعَن أميرِ المُؤمنينَ (عليهِ السّلام) قِيلَ لَهُ أَين اللهُ، فَقَالَ إِنَّ الَّذِي أَيَّنَ الأَينَ لَا يُقَالُ لَهُ أَين، فَقيل لَهُ كَيفَ اللهُ، فَقَالَ إِنَّ الَّذِي كَيَّفَ الكَيفَ لَا يُقَال لَهُ كَيفَ) وهناكَ الكثيرُ منَ الرّواياتِ الشّريفةِ عَن أئمّةِ الهُدى مِن أهلِ البيتِ (عليهم السّلام) حريٌّ بشبابِ هذهِ الأمّةِ الإطلاعُ عليها والتّدبّرُ في معانيها.