كيف نقنع من هو ناكر للوجود والواقعية بالله؟
السلام عليكم ورحمة الله
لا أظنّ أنّ هناك عاقلاً لا يؤمن بواقعية وجوده ووجود الأشياء التي حوله، ولم يسجل لنا التاريخ مثل هذا الإنسان الناكر تماماً للوجود، حتى السفسطائيين لم ينكروا واقعية الأشياء وإنما اتخذوا التشكيك منهجاً بغرض زعزعة القناعات السائدة من أديان وأعراف شعبية، فقد كانوا يدعون إلى الاقتصار في تفسير الكون على الظواهر وحدها، من دون الاستعانة بأي مبادئ خارجية أو عوالم أخرى، ولذا تبنوا فلسفة تقوم على الجدل والمغالطات والتلاعب بالألفاظ من أجل التغلب على الثقافة الشائعة، ومن هنا اعتقد البعض أنّ السفسطائيين كانوا يقودون تياراً سياسياً معارضاً للوضع في أثينا قبل الميلاد، فاتخذوا السفسطة كأسلوب لإظهار الاعتراض على الوضع، ولم تصمد هذه الحركة أمام الفلسفة الواقعية القائمة على البرهان المنطقي على يد سقراط وتلميذه ارسطو وافلاطون، ولم يتبقَ إلا بعض التيارات التشكيكية التي تعترف بالواقع ولكن تشكك في إمكانية التعرف عليه كما هو في حقيقته الخارجية، والنقاش في هذا الموضوع له علاقة بنظرية المعرفة التي تبحث عن طبيعة المعرفة وإمكانيتها ومصادرها وغير ذلك من العناوين، وكل من يدخل في هذا النقاش لابدّ أن يسلم بوجوده أولاً ووجود حقائق خارجة عنه ثم يبحث عن حدود معرفته بها، أو كما يقول ديكارت (انا افكر إذن انا موجود) أمّا من يرفض الإعتراف بوجوده تماماً فلا سبيل إلى اقناعه إلا بتعريضه للضرب المبرح ثم يقال له أنت غير موجود فلماذا تصرخ؟
وفي المحصلة أنّ الإنسان الناكر للوجود لا يمكن إقناعهُ بوجود الله عبر البراهين والطرق المنطقية لأنه لا يعترف بالبرهان ولا يسلم بحكم العقل والمنطق، وهو في الغالب إمّا يعاني من مرض نفسي فيجب معالجته، وإمّا مجنون فمرفوعٌ عنه القلم.
اترك تعليق