هل بالامكان (عصرنة) المفاهيم القديمة في القضية المهدوية؟
السلام عليكم ورحمة الله
السؤال ليس واضحاً بشكل دقيق، وبخاصة أنّه لم يذكر مثالاً لهذه المفاهيم القديمة في القضية المهدوية، إلا أنهُ يمكن أن نحمل السؤال على إمكانية تأويل الروايات المهدوية بما يتناسب مع الدلالات المعاصرة، فمثلاً نحمل قتاله بالسيف على القتال بالأسلحة الحديثة، بحيثُ تصبح كلمة السيف في الروايات المقصود منها مطلق السلاح وليس السيف كنوع محدّد ومحصور، أو تأويل الصّيحة التي يسمعها أهل الأرض كلٌّ بلغتهِ على الأقمار الصناعية وشبكات التلفزة والأخبار، أو تأويل سفر أصحابه عبر السحاب بالطائرات وغير ذلك، وإن كان هذا جائز في نفسه بحسب الاجتهاد في دلالة النصوص إلا أنهُ لا يورث القطع واليقين، فقد يكون وقد لا يكون، ومن هنا جاز للبعض التمسك بظواهر النصوص وإبقاء الكلمات على معانيها من غير تأويل، فيقال: أنّ قتال المهدي يكون بالسيف ولا مانع من ذلك إذا تمّ الأمر على نحو الإعجاز كأن يبطل الله مفعول كلّ الأسلحة الحديثة مثلاً، وإنّ الصّيحة التي يسمعها جميعُ أهل الأرض إنما بقدرة إلهية من دون الحاجة للأقمار الصناعية أو مكاتب الترجمة، وكذلك إمكانية تسخير الرياح والسحاب لنقل أنصار الامام من دون الحاجة إلى طائرات، ففي كتاب الخرائج والجرائح للراوندي (٢/٩٣۰) عن الإمام الباقر عليه السلام : (إنّ ذا القرنين كان عبداً صالحاً ناصحَ الله سبحانهُ فناصحه وسخّر له السحاب وطويت له الأرض ، وبسط له في النور فكان يبصر بالليل كما يبصر بالنهار، وإنّ أئمة الحقّ كلهم قد سخّر الله تعالى لهم السحاب وكان يحملهم إلى المشرق والمغرب لمصالح المسلمين ولإصلاح ذات البين، وعلى هذا حال المهدي عليه السلام ولذلك يسمّى: صاحب المرأى والمسمع، فله نور يرى به الأشياء من بعيد كما يرى من قريب، ويسمع من بعيد كما يسمع من قريب، وإنهُ يسيح في الدنيا كلها على السحاب مرة وعلى الريح أخرى، وتطوى له الأرض مرة، فيدفع البلايا عن العباد والبلاد شرقاً وغرباً). وعليه إنّ قضية المهدي (عليه السلام) من الأمور الغيبية التي لا ينكشف للإنسان كلّ أسرارها وعوالمها، فلا يمكن أن يحيط الإنسان بها بعقله البسيط وبتجاربه المحدودة، فعن الإمام الصادق قال: يا ابن الفضل: إنّ هذا الأمر أمرٌ من أمر الله تعالى وسرٌّ من سرّ الله وغيبٌ من غيب الله، ومتى علمنا أنهُ عز وجلّ حكيمٌ صدقنا بأنّ أفعاله كلها حكمة وإن كان وجهها غير منكشف) (علل الشرائع ١/٢٤٥)
وفي المحصلة لا مانع من التأويل والاجتهاد في دائرة الشروط العقلائية إلا أنّ النتيجة لا يمكنُ أن تكون جازمة وغير قابلة للشك والتردد، بمعنى يجب على الذي يؤول أن لا يحكم بخطأ من لا يؤولها.
اترك تعليق