هل يتواصل المرجع مع الإمام المهدي؟

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلام عليكم ورحمة الله

منذ وفاة السفير الرابع علي بن محمد السمري، انتهت فترةُ الغيبة الصغرى وبدأت الغيبة الكبرى، فأصبحت نيابة الإمام الحجّة نيابة عامة بعد أن كانت نيابة خاصة، وبدأ الشيعة بالرجوع إلى الفقهاء العدول لأخذ معالم دينهم والتعرفِ على تكاليفهم الشرعية، وقد مهّد أئمة أهل البيت (عليهم السلام) لهذه المرحلة بمجموعةٍ من الأحاديث التي تؤكد مرجعية الفقهاء في وقت غياب الامام، فعن الأمام الهادي (عليه السلام) قال: (لولا من يبقى بعد غيبة قائمنا من العلماء الداعين إليه، والدالين عليه، والذابين عن دينه بحجج الله، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته، ومن فخاخ النواصب لما بقي أحدٌ إلا ارتدّ عن دين الله، ولكنهم الذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة، كما يمسك صاحب السفينة سكانها، أولئك هم الأفضلونَ عند الله عز وجل) ( ) حيث كشف الإمام عن أهمية العلماء ودورهم في حفظ الشيعة من الإنحراف، ثم يؤكّد الإمام العسكري (عليه السلام) على ضرورة الرجوع إلى العلماء والتمسك بهم بقوله: (من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً على هواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوامّ أن يقلدوه) ( ). حيث بيّنَ سلام الله عليه صفات الفقيه الذي يجوز الرجوع إليه في التقليد، والذي يجب أن تتوافر فيه هذه الصفات وهي: صيانة النفس، وحفظ الدين، ومخالفة الهوى، وإطاعة أمر الله تعالى. وفي حديث آخر عن الإمام الصادق (عليه السلام) يكشف عن حُجية قول الفقهاء وحرمة الردّ عليهم، بقوله: (انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكماً فإني قد جعلته عليكم حاكماً، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه، فإنما بحكم الله استخف، وعلينا رد، والرادّ علينا رادٌّ على الله، وهو على حدّ الشرك بالله عز وجل) ( ). وبذلك تعيّن الطريق بالنسبة لعامّة الشيعة للبقاء في ظلّ إمامة الإمام المهدي (عليه السلام) هو الرجوع للفقهاء، وهذا ما نصّ عليه الإمام المهدي نفسه فيما روى الصدوق في كتاب اكمال الدين بقوله: (وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله عليهم) ( ).

ويفهم من ذلك انتفاءُ السفارة الخاصّة والتعيين المباشر لمن ينوب عن الإمام المهدي (عليه السلام) فقد كانت فترة الغيبة الصغرى تمهيداً للغيبة الكبرى التي يكون فيها تحديدُ النائب عن الإمام مسؤولية الشيعة ضمن الضوابط والمواصفات التي ذكرها الائمة من أهل البيت (عليهم السلام) وعليه لا وجود لاتصالٍ مباشر بين الفقهاء والإمام المهدي (عليه السلام)، أمّا الكلام عن إمكانية رؤية الإمام المهدي أو ظهوره لبعض المؤمنين أو توجيهه لبعض الأمور كما هو مشهورٌ من قصص العلماء والثقات فإنها غير خاصّة بالمراجع وإنما تشملُ غيرهم وبالتالي ليس فيها دلالة عن وجود تواصل مباشرٍ بين الإمام (عليه السلام) والمراجع.