هل هناك روايات صحيحة السند في إثبات رجعة الإمام الحسين (ع)بعد ظهور الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صرّح جماعةٌ من علمائنا بإستفاضةِ وكثرة الرواياتِ النّاصّةِ على رجوع الإمام الحسين (ع) في حياة الإمام المهدي (عج) ، وأنهُ أوّل مَن يرجع الى الدنيا من الأئمّةِ المعصومين (ع) .
قال الحرّ العاملي : رويَ من طرق كثيرة إنّ أوّل من يرجع إلى الدنيا الحسين (عليه السلام) في آخر عمر المهدي فإذا عرفهُ الناس ماتَ المهدي وغسّلهُ الحسين (عليه السلام) . الإيقاظ من الهجعة للحرّ العاملي ص ٣٧٩ .
وقال الشيخ محمّد السّند : وغيرها من الأحاديث المستفيضة في أنّ أوّل من يرجع الحسين (ع) .
والمرادُ من الأولية هنا ، هو أنهُ أوّل من يرجع من أئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وستأتي جملة من الروايات أنّ الحسين (ع) يرجعُ والمهدي (ع) حيّ ، أي أنّ رجوعه في أواخر عمر المهدي الحجّة بن الحسن العسكري (عج) قبل إستشهاده ، فيعّرف الإمام المهدي (ع) الناسَ بأنّ الحسين سبط النبيّ وسيد الشهداء الذي يؤمنون به هو هذا قد رجع إلى الدنيا ، حتى تستقرّ معرفة الناس به ، ثم يستشهد الإمام المهديّ الحجة بن الحسن العسكري (عج) . الرجعة بين الظهور والمعاد لمحمّد السّند ج ١ ص ٢٣٧ .
وإليكَ بعض الروايات الناصّة على رجعته وكرّته وخروجه سلام الله عليه :
الحديث الأول : روى ابن قولويه بسندٍ صحيح عن بريد بن معاوية العجلي ، قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : يا بن رسول الله أخبرني عن إسماعيل الذي ذكره الله في كتابه حيث يقول : ( واذكر في الكتاب إسماعيل إنهُ كان صادق الوعدِ وكانَ رسولاً نبيا ) ، أكان إسماعيل بن إبراهيم (عليه السلام) ، فإنّ الناسَ يزعمون أنهُ إسماعيل بن إبراهيم ، فقال (عليه السلام) : إنّ إسماعيل مات قبل إبراهيم ، وإنّ إبراهيم كان حجة لله كلها قائماً صاحب شريعة ، فإلى من أرسل إسماعيل إذن ، فقلت : جعلت فداك فمن كان .
قال (عليه السلام) : ذاك إسماعيل بن حزقيل النبيّ (عليه السلام) ، بعثهُ الله إلى قومه فكذبوه فقتلوهُ وسلخوا وجهه ، فغضبَ الله له عليهم فوجّه إليه اسطاطائيل ملكَ العذاب ، فقال له : يا إسماعيل أنا اسطاطائيل ملكُ العذاب وجّهني إليك ربّ العزّة لأعذبَ قومك بأنواع العذاب إن شئت ، فقال له إسماعيل : لا حاجة لي في ذلك .
فأوحى الله إليه فما حاجتك يا إسماعيل ، فقال : يا ربّ إنّك أخذت الميثاق لنفسك بالربوبية ولمحمّدٍ بالنبوّة ولأوصيائه بالولاية وأخبرت خير خلقك بما تفعل أمته بالحسين بن علي (عليهما السلام) من بعد نبيها ، وإنّك وعدتَ الحسين (عليه السلام) أن تكرّهُ إلى الدنيا حتى ينتقم بنفسه ممّن فعل ذلك به ، فحاجتي إليك يا ربّ أن تكرّني إلى الدنيا حتى أنتقم ممّن فعل ذلك بي كما تكرّ الحسين (عليه السلام) ، فوعد الله إسماعيل بن حزقيل ذلك ، فهو يكرّ مع الحسين (عليه السلام) . كامل الزيارات لابن قولويه ص ١٣٨ - ١٣٩ .
أقول : وهذا الحديث نصّ على أنّ كرّته ( = رجعته ) من الميعاد .
الحديث الثاني : وروى العياشي في تفسيره عن رفاعة بن موسى قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : إنّ أوّل من يكرّ إلى الدنيا الحسين بن علي عليه السلام وأصحابه ويزيد بن معاوية وأصحابه فيقتلهم حذوَ القذة بالقذة ثم قال أبو عبد الله عليه السلام : ( ثم رددنا لكمُ الكرّة عليهم وأمددناكم بأموال وبنينَ وجعلناكم أكثر نفيرا ) . تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٢ .
الحديث الثالث : روى الكليني بإسناده عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ القَاسِمِ البَطَلِ عَن أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قَوْلِهِ تَعَالى : { وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ } قَالَ : قَتْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَطَعْنُ الحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ . { وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً } قَالَ : قَتْلُ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ . { فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما } : فَإِذَا جَاءَ نَصْرُ دَمِ الحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { بَعَثْنا عَلَيْكُم عِباداً لَنا أُولِي بأسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ } ؛ قَوْمٌ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ قَبْلَ خُرُوجِ القَائِمِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَلَا يَدَعُونَ وِتْراً لآِلِ مُحَمَّدٍ إِلَّا قَتَلُوهُ . { وَكانَ وَعْداً مَفْعُولًا } : خُرُوجُ القَائِمِ عَلَيْهِ السَّلَامُ . { ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الكَرَّةَ عَلَيْهِم } : خُرُوجُ الحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي سَبْعِينَ مِن أَصْحَابِهِ ، عَلَيْهِمُ البَيضُ المُذَهَّبُ ، لِكُلِّ بَيْضَةٍ وَجْهَانِ ، المُؤَدُّونَ إِلَى النَّاسِ أَنَّ هذَا الحُسَيْنَ قَد خَرَجَ حَتّى لَايَشُكَّ المُؤْمِنُونَ فِيهِ ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِدَجَّالٍ وَلَا شَيْطَانٍ ، وَالحُجَّةُ القَائِمُ بَيْنَ أَظْهُرِهِم ، فَإِذَا اسْتَقَرَّتِ المَعْرِفَةُ فِي قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ أَنَّهُ الحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، جَاءَ الحُجَّةَ المَوْتُ ، فَيَكُونُ الَّذِي يُغَسِّلُهُ وَيُكَفِّنُهُ وَيُحَنِّطُهُ وَيَلْحَدُهُ فِي حُفْرَتِهِ الحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ، وَلَا يَلِي الوَصِيَّ إِلَّا الوَصِيُّ . الكافي للكليني ج ١٥ ص ٤٧٥ ( طبعة دار الحديث ) .
الحديث الرابع : روى الكليني وابن قولويه بالإسناد عن حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : قلت له : جعلت فداك ما أقلّ بقاءكم أهل البيت وأقربَ آجالكم بعضها من بعض مع حاجةِ هذا الخلق إليكم ، فقال : إنّ لكلّ واحدٍ منا صحيفة فيها ما يحتاج إليه أن يعمل به في مدّته ، فإذا انقضى ما فيها ممّا أمر به عرف أنّ أجله قد حضر ، وأتاه النبيّ (صلى الله عليه وآله) ينعى إليه نفسه وأخبره بما له عند الله ، وأنّ الحسين (عليه السلام) قرأ صحيفته التي أعطيها وفسّر له ما يأتي وما يبقى ، وبقي منها أشياء لم تنقض ، فخرج إلى القتال .
فكانت تلك الأمور التي بقيت أنّ الملائكة سألت الله في نصرته ، فاذن لهم ، فمكثت تستعدّ للقتال وتأهّبت لذلك حتى قتل ، فنزلت الملائكة وقد انقطعت مدّته وقتل (عليه السلام) ، فقالت الملائكة : يا ربّ أذنت لنا بالإنحدار وأذنت لنا في نصرته فانحدرنا وقد قبضته ، فأوحى الله تبارك وتعالى إليهم أن الزموا قبّته حتى ترونه وقد خرج فانصروه ، وابكوا عليه وعلى ما فاتكم من نصرته ، وأنّكم خصصتم بنصرته والبكاء عليه ، فبكت الملائكة حزناً وجزعاً على ما فاتهم من نصرة الحسين (عليه السلام) ، فإذا خرج (عليه السلام) يكونون أنصاره . كاملُ الزيارات لابن قولويه ص ١٧٨، الكافي للكليني ج 1 ص ٩٤٩ .
الحديث الخامس : روى الحسن بن سليمان بإسناده عن جابر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال إنّ لعلي (ع) في الأرض كرّةً مع الحسين ابنه صلوات الله عليهما يقبل برايته حتى ينتقم له من أمية ومعاوية وآل معاوية ومن شهد حربه ثم يبعث الله إليهم بأنصاره يومئذ من أهل الكوفة ثلاثين ألفاً ومن سائر الناس سبعين ألفاً فيلقاهما بصفين مثل المرة الأولى حتى يقتلهم ولا يبقى منهم مخبرٌ ثم يبعثهم الله عز وجل فيدخلهم أشدّ عذابه مع فرعون وآل فرعون . مختصرُ البصائر للحلي ص ٣٣
الحديث السادس : وروى الحسن بن سليمان بإسناده عن المعلي ابن خنيس وزيد الشحّام عن أبي عبد الله عليه السلام قالا سمعناه يقول : إنّ أول من يكرّ في الرجعة الحسين بن علي عليهما السلام ويمكث في الأرض أربعين سنة حتى يسقط حاجباه على عينيه . مختصرُ البصائر للحلي ص 22 .
الحديث السابع : وروى الحسن بن سليمان بإسناده عن حمران بن أعين عن أبي جعفر (ع) قال إنّ أول من يرجع لجاركم الحسين (ع) فيملك حتى تقع حاجباه على عينيه من الكبر . مختصرُ البصائر للحلي ص 31 .
الحديث الثامن : وروى الحسن بن سليمان بإسناده عن محمد بن مسلم قال سمعت حمران بن أعين وأبا الخطاب يحدثان جميعاً قبل أن يحدث أبو الخطاب ما أحدث أنّهما سمعا أبا عبد الله (ع) يقول أول من تنشقّ الأرض عنه ويرجع إلى الدنيا الحسين بن علي عليهما السلام . مختصرُ البصائر للحلي ص 28 .
الحديث التاسع : روى القمّي بسند صحيح عن أبي خالد الكابلي عن علي بن الحسين عليه السلام في قوله : " إنّ الذي فرض عليك القرآن لرادّك إلى معاد " قال يرجع إليكم نبيكم صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام والأئمة عليهم السلام . تفسير القمّي ج 2 ص 147 .
وهذا الحديث الأخير وغيره دالّ على رجوع جميع الأئمّة عليهم السلام .
وغيرها من الروايات التي يطول بنا إستقصاؤها .
وهذا المقدار من الأحاديث كافٍ في القطع بصدورها عن المعصومين عليهم السلام .
اترك تعليق