ما صحه الحديث..((الغدر بأهل الغدر وفاء)) وماحكم هذه المقوله في الحياة اليوميه؟
هل هناك صحه لقول الامام علي عليه السلام..((الغدر بأهل الغدر - عند الله..والوفاء لأهل الغدر غدر عند الله)) وماحكم هذه المقوله في الحياة اليوميه..وفي التعاملات مع الناس..خاصتآ بعد شيوع الغدر والخيانه في المجتمع .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه المقالة وردت في قصار كلمات أمير المؤمنين عليه السلام في كتاب نهج البلاغة، وهي من الحِكَمِ المشهورة والمعروفة عن أمير المؤمنين عليه السلام، ولا إشكال في صحّتها، لكن لبيان معناها ينبغي تقديم مقدمة: الأفعال من حيث الحسن والقبح على قسمين، فمنها ما كان حسنه ذاتياً وهما صفتان العدل والظلم، فالأول حسنه ذاتي والآخر ظلمه ذاتي، وأما باقي الأفعال فحسنها وقبحها اقتضائي، بمعنى أن بعض الأفعال تكون غالباً حسنة، لكن في بعض الأحيان تكون قبيحة، وكذا في بعضها الآخر الذي يكون في أغلب الأحيان قبيحاً لكن أحياناً يصير حسناً، كالصدق فهو غالباً حسنٌ لكن إذا استلزم الضرر البليغ على النفس او على الغير فيكون قبيحاً، وكذا الكذب، الذي يكون غالباً قبيحاً لكن إذا استلزم انقاذ مؤمن من الهلكة صار حسناً، ولعل الضابط في ذلك: أن كل فعل اندرج تحت العدل صار حسناً؛ لأن حسنه ذاتي، وكل فعل اندرج تحت الظلم صار قبيحاً؛ لذات العلة، وعليه فالوفاء بالعهد إن اندرج تحت العدل صار حسناً، وإن اندرج تحت الظلم صار قبيحاً، والنصوص الدينية صريحة في أن الأصل فيه انه فعل حسن، وهذا ما اكده امير المؤمنين عليه السلام في عهده لواليه على مصر مالك الأشتر، حيث قال: فحط عهدك بالوفاء وارع ذمتك بالأمانة واجعل نفسك جنة دون ما أعطيت فإنه ليس من فرائض الله عزوجل شيء الناس أشد عليه إجتماعاً مع تفريق أهوائهم وتشتيت آرائهم من تعظيم الوفاء بالعهود وقد لزم ذلك المشركون فيما بينهم دون المسلمين لما استوبلوا من عواقب الغدر فلا تغدرن بذمتك ولاتخيسن بعهدك ولاتختلن عدوك فإنه لا يجترئ على الله إلا جاهل شقي وقد جعل الله عهده أمناً افضاه بين العباد برحمته وحريماً يسكنون إلى منعته ويستفيضون إلى جواره.
فالأصل في العهود الوفاء لا النكث، لكن في بعض الأحيان يكون قبيحاً، كما في الحرب، فإن الحرب خدعة كما ورد عن النبي الأكرم صلى الله عليه واله، وكما في مورد التعامل مع من لا حريجة له في الدين، فمن شروط الايفاء بالعهد كون الشرط لا يخالف الكتاب والسنة، والحديث محل السؤال ورد لبيان هذا الاستثناء، فالأصل في العهد الوفاء، إلا اذا استلزم ما يخالف الدين، ومن موارد العهود المخالفة العهد مع أهل الغدر.
.ثُمَّ إنّ عدم الوفاء بالعهد لمن عرف بالغدر يُعَـدُّ في حقيقة الأمر جزاءً من جنس العمل، مع التنبيه على أنْ لا يترتّب على عدم وفائه بالعهد مع الطرف الآخر ضررٌ نفسيٌّ أو معنويٌّ، وكلُّ حالة ينبغي أنْ تقدّر بضرفها الخاصّ بها وكيفيّة التعامل معها، ودمتم سالمين.
اترك تعليق