ممكن تفسير قوله تعالى (لقَد خلقنا الإنسانَ في كبَد)
قال تعالى:( لقد خلقنا الانسان في كبد) لو فسرنا الكبد هو العضو الفيسولوجي فان حقيقة الخلق ان الكبد في الانسان لا الانسان في الكبد! كيف تفسير ذلك! اجبه عنه مع كتابة المصدر.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: ننقلُ إليكَ بعضاً مِـمّا وردَ عَن أهلِ العلمِ في بيانِ قولِه تعالى (لقَد خلقنا الإنسانَ في كبَد)، لتكُن على بيّنةٍ مِن هذا الأمر: ففي كتابِ (مُفرداتِ ألفاظِ القرآنِ للرّاغبِ الأصفهانيّ في مادّة (كبد) (ص695)، قالَ: والكبدُ : المشقّةُ . قالَ تعالى : (لقَد خلقنا الإنسانَ في كبَد)، تنبيهاً أنّ الإنسانَ خلقَهُ اللهُ تعالى على حالةٍ لا ينفكُّ منَ المشاقِّ ما لم يقتحِم العقبةَ ويستقرَّ بهِ القرارُ، كما قالَ تعالى: (لتركبُنَّ طبقاً عن طبق).
وفي تفسيرِ مجمعِ البيانِ للشّيخِ الطّبرسيّ (ج ١٠/ص ٣٦٢): قالَ عندَ بيانِه لقولِه تعالى: (لقَد خلقنا الإنسانَ في كبد ) أي في نصبٍ وشدّة ،...،والحسنُ قالَ: يكابدُ مصائبَ الدّنيا وشدائدَ الآخرة . وقالَ : إبنُ آدمَ لا يزالُ يكابدُ أمراً حتّى يفارقَ الدّنيا . وقيلَ : في شدّةِ خلقٍ مِن حملِه وولادتِه ورضاعِه وفطامِه ومعاشِه وحياتِه وموتِه . ثمَّ إنَّهُ سُبحانَه لم يخلِق خلقاً يكابدُ ما يكابدُ إبنُ آدمَ ، وهوَ أضعفُ الخلقِ . وقيلَ : في كبدٍ أي قائماً على قدميهِ مُنتصِباً ، وكلُّ شيءٍ خُلقَ ، فإنّهُ يمشي مُكبّاً ، إلّا الإنسان فإنّهُ خُلقَ مُنتصِباً . فالكبدُ : الإستواءُ والإستقامةُ ، وهوَ روايةُ مقسم ، عَن إبنِ عبّاس ، وهوَ قولُ مجاهد وأبي صالح وعكرمةَ وقيلَ : يريدُ شدّةَ الأمرِ والنّهي أي : خلقناهُ ليعبدُنا بالعباداتِ الشّاقّةِ مثلَ الإغتسالِ منَ الجنابةِ في البردِ، والقيامِ إلى الصّلاةِ منَ النّومِ ، فينبغي لهُ أن يعلمَ أنَّ الدّنيا دارُ كبدٍ ومشقّة ، والجنّةَ دارُ الرّاحةِ والنّعمة.
وفي تفسيرِ كنزِ الدّقائقِ وبحرِ الغرائبِ للشّيخِ المشهديّ، (ج ١٤/ص ٢٨٤) عندَ تعرّضِه لبيانِ قولِه تعالى: (لقَد خلقنا الإنسانَ في كبد). قالَ: قيلَ: في تعبٍ ومشقّة . مِن كبدَ الرّجلُ كبداً : إذا رجعَت كبدُه . ومنهُ المكابدة . والإنسانُ لا يزالُ في شدائدَ مبدؤها ظلمةُ الرّحمِ ومضيقُه ، ومنتهاها الموتُ وما بعدَه . وهوَ تسليةٌ للرّسولِ بما كانَ يكابدُه مِن قريش.
وفي تفسيرِ عليٍّ بنِ إبراهيم ( 2/422 ) : « لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ فِي كَبَد » ، أي : منتصباً.
وفي كتابِ عللِ الشّرائعِ ( 495 ) ، بإسنادِه إلى حمّادٍ بنِ عثمان قالَ : قلتُ لأبي عبدِ اللَّهِ - عليهِ السّلام - : إنّا نرى الدّوابَّ في بطونِ أيديها الرّقعتينِ ، مثلَ الكيّ ، فمِن أيّ شيءٍ ذلكَ ؟ فقالَ : ذلكَ موضعُ منخريهِ في بطنِ أمّهِ ، وإبنُ آدمَ منتصبٌ في بطنِ أمّهِ ، وذلكَ قولُ اللَّهِ - تعالى - : « لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ فِي كَبَد » . وما سوى إبن آدمَ ، فرأسُه في دبرِه ويداهُ بينَ يديه.
وفي أصولِ الكافي ( 1/121 ) : عليٌّ بنُ محمّدٍ ، مرسلاً ، عَن أبي الحسنِ الرّضا - عليه السّلام - حديثٌ طويلٌ ، وفيهِ يقولُ - عليه السّلام - : وهوَ قائمٌ ليسَ على معنى إنتصابٍ وقيامٍ على ساقٍ في كبدٍ ، كما قامَت الأشياءُ ، ولكِن قائمٌ يخبرُ أنّه حافظٌ ، كقولِ الرّجلِ : القائمُ بأمرِ [ نا ]. ودمتُم سالِمين.
اترك تعليق