مُمكن رأي الشيخ المفيد في تسليمِه بجوازِ التّمثيلِ بابنِ ملجم اللعين؟ 

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : 

لم نعثر على رأي خاصّ للشّيخِ المُفيدِ يجيزُ فيهِ التّمثيلَ بابنِ ملجم، وكلُّ ما وجدناهُ سردٌ تاريخيٌّ لتفاصيل إستشهادِ أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السّلام) في كتابِه الإرشاد، وقد نقلَ تفاصيلَ هذهِ الأخبار عَن بعضِ المُؤرّخينَ مِن دونِ أن يُعلّقَ عليها برأيه حتّى نستشفَّ موقفَه الخاصَّ، وإنّما نسبَها لبعضِ المؤرّخينَ بقولِه: (ما رواهُ جماعةٌ مِن أهلِ السّير: منهُم أبو مخنفٍ لوط بنُ يحيى، وإسماعيلُ بنُ راشدٍ، وأبو هشامٍ الرّفاعي، وأبو عمرو الثّقفي، وغيرُهم) ومنَ الواضحِ أنَّ ذكرَه لتلكَ الأحداثِ لا يعني موافقتَه لكلِّ ما جاءَ فيها مِن تفاصيل، ومِن هُنا لا يمكنُنا الجزمُ بقبولِ الشّيخِ المُفيدِ للمقطعِ الذي جاءَ فيهِ التّمثيُل بإبنِ ملجم، حيثُ نسبَ للمؤرّخينَ قولهم: (وجاءَ النّاسُ إلى أميرِ المؤمنينَ عليه السّلام فقالوا له: يا أميرَ المؤمنين مُرنا بأمرك في عدوِّ اللهِ، فلقَد أهلكَ الأمّةَ وأفسدَ الملّةَ. فقالَ لهم أميرُ المؤمنينَ عليه السّلام: " إن عشتُ رأيتُ فيه رأيي، وإن هلكتُ فاصنعوا بهِ ما يُصنعُ بقاتلِ النّبيّ، إقتلوهُ ثمَّ حرّقوهُ بعدَ ذلكَ بالنّار". قالَ: فلمّا قضى أميرُ المؤمنينَ عليهِ السّلام، وفرغَ أهله مِن دفنِه، جلسَ الحسنُ عليه السّلام وأمرَ أن يُؤتى بابنِ ملجم، فجيئَ به، فلمّا وقفَ بينَ يديهِ قالَ له: "يا عدوَّ اللهِ، قتلتَ أميرَ المؤمنينَ، وأعظمتَ الفسادَ في الدّين" ثمَّ أمرَ بهِ فضُربَت عنقُه، وإستوهبَت أمُّ الهيثمِ بنتُ الأسودِ النّخعيّةُ جيفتَه منهُ لتتولى إحراقَها، فوهبَها لها فأحرقَتها بالنّار). ومن َالواضحِ أنَّ هذهِ الرّوايةَ مُخالفةٌ لوصيّةِ أميرِ المؤمنينَ التي نهاهُم فيها عنِ التّمثيلِ بهِ حيثُ قالَ لولدِه الحسنِ (عليهم السّلام): (فإن أنا متُّ فاقتصَّ منهُ بأن تقتلَه وتضربَه ضربةً واحدةً، ولا تمثِّل بالرّجلِ فإنّي سمعتُ جدّكَ رسولَ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم) يقولُ: إيّاكُم والمثلةُ ولو بالكلبِ العقورِ) وقد رواها الشّيخُ المُفيدُ في كتابِ الإختصاصِ بسندِه عَن أميرِ المؤمنينَ (عليه السّلام) أنّهُ قالَ لابنِه الحسنِ يا بُنيَّ أقتُل قاتِلي وإيّاكَ والمثلةَ فإنَّ رسولَ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) كرهَها ولو  بالكلبِ العقورِ) وعليهِ لا يمكنُ حملُ ما ذكرَهُ الشّيخُ المُفيدُ في كتابِ الإرشادِ مِن بعضِ التّفاصيلِ التّاريخيّةِ أنّهُ مُسلّمٌ بصحّةِ ما جاءَ فيها أو أنّها تُمثّلُ عقيدتَه في الأمر.