قوله تعالى (ووالدٍ وما ولد) من هوَ ذلكَ الوالدُ العظيمُ الذي أقسمَ بهِ اللهُ ومَن هُم أولادُه؟
في الكثيرِ منَ الآياتِ الكريمةِ يُقسمُ اللهُ بمخلوقاتِه. والتي يمكنُ لأيّ قارئٍ أن يتعرّفَ عليها، مثلَ الشّمسِ، والقمر، والتّينِ والزّيتونِ، وطورِ سنين، وكلُّ ذلكَ معروفٌ، إلّا أنّهُ يقسمُ (بالوالدِ وما ولدَ) لابدَّ أن يكونَ هذا الوالدُ وما ولدَ لهُ منَ العظمةِ الخاصّةِ وليسَ كلُّ الآباءِ والأبناءِ، فما هوَ ذلكَ الوالدُ العظيمُ الذي أقسمَ بهِ اللهُ ومَن هُم أولادُه؟
السّلامُ عليكُم ورحمة الله وبركاته. :
لم يتّفِق أصحابُ التّفاسيرِ على تحديدِ المقصودِ مِن قولِه: (ووالدٍ وما ولد) وإنّما إختلفَت تأويلاتُهم بينَ أن يكونَ المقصودُ هوَ آدمُ (عليه السّلام)، أو أنّهُ إبراهيمُ (عليه السّلام) أو النّبيُّ محمّدٌ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) أو أنّها عامّةٌ تشملُ جميعَ الآباء، وقد جمعَ صاحبُ الميزانِ هذهِ الآراءَ ويظهرُ مِن مناقشاتِه أنّهُ يُرجّحُ أن يكونَ المقصودُ هوَ نبيُّ اللهِ إبراهيم (عليه السّلام) حيثُ يقول: ("ووالدٍ وما ولد" لزومُ نوعٍ منَ التّناسبِ والإرتباطِ بينَ القَسمِ والمُقسَمِ عليه يستدعي أن يكونَ المرادُ بوالدٍ وما ولد مَنْ بينهُ وبينَ البلدِ المُقسَمِ به نسبةٌ ظاهرةٌ وينطبقُ على إبراهيمَ وولدِه إسماعيلَ عليهما السّلام وهُما السّببانِ الأصليّانِ لبناءِ بلدةِ مكّةَ والبانيانِ للبيتِ الحرامِ قالَ تعالى: "وإذ يرفعُ إبراهيمُ القواعدَ منَ البيتِ وإسماعيل" وإبراهيمُ عليهِ السّلامُ هوَ الذي سألَ اللهَ أن يجعلَ مكّةَ بلداً آمناً قالَ تعالى: "وإذ قالَ إبراهيمُ ربِّ إجعَل هذا البلدَ آمناً". وتنكيرُ "والدٍ" للتّعظيمِ والتّفخيمِ، والتّعبيرُ بقولِه "وما ولدَ" دونَ أن يُقالَ: ومَن ولدَ، للدّلالةِ على التّعجيبِ مِن أمرِه مدحاً كما في قولِه: "واللهُ أعلمُ بما وضعَت". والمعنى وأقسمُ بوالدٍ عظيمِ الشّأنِ هوَ إبراهيمُ وما ولدَ مِن ولدٍ عجيبٌ أمرُه مباركٌ أثرُه وهوَ إسماعيلُ إبنُه وهُما البانيانِ لهذا البلدِ فمفادُ الآياتِ الثّلاثة الأقسامُ بمكّةَ المُشرّفةَ وبالنّبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّمَ الذي هوَ حلَّ فيها وبإبراهيمَ وإسماعيل اللذينَ بنياها. وقيلَ: المرادُ بالوالدِ إبراهيمُ وبما ولدَ جميعُ أولادِه منَ العربِ. ثمَّ يقولُ: وقيلَ: المرادُ بوالدٍ وما ولد، آدمُ عليهِ السّلام وذُريّتُه جميعاً بتقريبٍ أنَّ المُقسَمَ عليهِ بهذهِ الأقسامِ خلقَ الإنسانَ في كبدٍ وقَد سنَّ اللهُ في خلقِ هذا النّوعِ وإبقاءِ وجودِه سنّةَ الولادةِ فقَد أقسمَ في هذهِ الآياتِ بمحصولِ هذهِ السّنةِ وهوَ الوالدُ وما ولدَ على أنّ الإنسانَ في كبدٍ وتعبٍ بحسبِ نوعِ خلقتِه مِن حينِ يحيى إلى حينِ يموت. وهذا الوجهُ في نفسِه لا بأسَ به لكِن يبقى عليهِ بيانُ المناسبةِ بينَ بلدةِ مكّةَ وبينَ والدٍ وكلِّ مولودٍ في الجمعِ بينَهما في الأقسامِ. وقيلَ: المُرادُ بهما آدمُ والصّالحونَ مِن ذُرّيّتِه، وكأنّ الوجهَ فيهِ تنزيهُه تعالى مِن أن يُقسمَ بأعدائِه الطّغاة والمُفسدين منَ الكُفّار والفُسّاق. وقيلَ: المرادُ بهما كلُّ والدٍ وكلُّ مولودٍ وقيلَ: مَن يلدُ ومَن لا يلدُ منهُم بأخذِ " ما " في " ما ولدَ" نافيةً لا موصولةً. وقيلَ: المرادُ بوالدٍ هوَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلّمَ وبما ولدَ أمّتُه لأنّهُ بمنزلةِ الأبِ لأمّتِه وهيَ وجوهٌ بعيدةٌ) (الميزانُ، ج20، ص2919)
وكذلكَ الحالُ في تفسيرِ مجمعِ البيانِ للشّيخِ الطّوسي حيثُ لم يُحدِّد المقصودَ بوالدٍ وما ولدَ بشكلٍ واضحٍ ومُحدّدٍ حيثُ قالَ: (وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ) يعني آدمَ (عليه السّلام) وذُرّيّتَه عنِ الحسنِ ومُجاهد وقتادةَ، وذلكَ أنّهُم خليقة أعجبُ مِن هذهِ الخليقةِ وهُم عُمّارُ الدّنيا. وقيلَ آدمُ وما ولدَ منَ الأنبياءِ والأوصياء، وأتباعِهم، عَن أبي عبدِ اللهِ (عليه السّلام). وقيلَ: يريدُ إبراهيمَ (عليه السلام) وولدِه، عَن إبنِ أبي عمرانَ الجوفي، لمّا أقسمَ بالبلدِ أقسمَ بإبراهيمَ، فإنّهُ بانيهِ، وبأولادِه العرب إذ هُم المُخصّصونَ بالبلد. وقيلَ: يعني كلَّ والدٍ وولدِه، عَن إبنِ عبّاسٍ والجبائي. وقيلَ: ووالد مَن يُولدُ لهُ، وما ولدَ يعني العاقرَ، عَن إبنِ جبير. فيكونُ ما نفياً، وهوَ بعيدٌ لأنّهُ يكونُ تقديرُه: وما ولدَ فحذفَ ما الأولى التي تكونُ موصولةً، أو موصوفةً). (مجمعُ البيانِ ج 10، ص 361) وكذلكَ الحالُ في بقيّةِ التّفاسير.
ولكن بالتّدبّرِ في الآياتِ وبقرينةِ بعضِ الرّواياتِ يمكنُ ترجيحُ المقصودِ في هذهِ الآيةِ هوَ النّبيُّ محمّدٌ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) وأميرُ المؤمنينَ (عليهِ السّلام) والأئمّةُ مِن ولدِ الحسينِ (عليهم السّلام)، فإذا ما إرتكزنا على ما هوَ واضحٌ منَ الآياتِ يمكنُ أن نستنبط المعنى المقصودَ مِن (والدٍ وما ولدَ)، حيثُ يشتملُ القَسمُ على ثلاثة أشياء وهيَ في قولِه تعالى: (لَا أُقسِمُ بِهَذَا البَلَدِ (1) وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا البَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ) وما بعدَ هذهِ الآياتِ يُعدُّ جواباً للقسمِ، ومنَ الواضحِ أنَّ المقصودَ بالبلدِ هوَ مكّة المُكرّمة، والمقصودُ مِن قولِه (وأنتَ حلٌّ بهذا البلدِ) هوَ النّبيُّ الأكرمُ محمّدٌ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) وبما أنَّ السّورةَ مدنيّةٌ، فلابدَّ أن تكونَ الآيةُ بشارةً للنّبيّ بفتحِ مكّةَ وحلولِه فيها، وعليهِ تصبحُ الآياتُ واضحةً في الحديثِ عَن مكّةَ وعَن فتحِ مكّةَ على يدِ النّبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله)، وسياقُ الآياتِ يكشفُ عَن كونِها تتحدّثُ عَن أشياءَ مباشرةٍ وبينَها علاقة وتناسقٌ، حيثُ أشارَ إلى مكّةَ باسمِ الإشارةِ المباشر (هذا البلدُ) وتحدّثَ عنِ النّبيّ بشكلٍ أكثرَ مباشرةً حيثُ إستخدمَ ضميرَ (أنت)، فمنَ المُستبعدِ بعدَ ذلكَ أن تقودَنا الآيةُ التي تأتي بعدَها إلى الإشارةِ لشيءٍ آخرَ بعيداً عَن واقعِ الحالِ، وغيرُ واضحٍ الرّبط معَ ما يتمُّ الحديثُ عنهُ في التّوِّ واللحظةِ، بلِ الأقربُ للبديهيّةِ أن يكونَ المقصودُ (بالوالدِ وما ولدَ) لهُ علاقةٌ بظرفِ الآياتِ السّابقةِ وهوَ الكلامُ عَن فتحِ مكّةَ على يدِ النّبيّ، فلابدَّ حينَها أن نتوقّعَ أن تستمرَّ الآيةُ في الحديثِ عنِ النّبيّ أو بشيءٍ مُرتبطٍ بهِ بشكلٍ مُباشرٍ، وإذا عرَفنا أنَّ منزلةَ النّبيّ بالنّسبةِ لهذهِ الأمّةِ هيَ منزلةُ الوالدِ كما جاءَ في الخبرِ (أنا وعليٌّ أبوا هذهِ الأمّةِ) يصبحُ المعنى الأقربُ هو الرّسولُ ومَن تبعَه منَ المُسلمينَ، أي لا أقسمُ بمكّةَ ولا أقسمُ بكَ وأنتَ فاتحٌ لها ولا أقسمُ بكَ ومَن تبعكَ منَ المسلمينَ، وإذا تعمّقنا أكثر لوجدنا أنَّ فتحَ مكّةَ على يدِ رسولِ اللهِ يُمثّلُ بدايةَ التّحوّلِ الكبيرِ في تاريخِ الدّعوةِ الإسلاميّةِ، فلابدَّ أن يكونَ في الإشارةِ إلى الوالدِ وما ولدَ لهُ علاقة بحدثٍ آخرَ لهُ علاقةٌ بمكّةَ بحيثُ يُعدُّ أيضاً بدايةً لتحوّلٍ ما، ومنَ الواضحِ أنَّ الفتحَ الآخرَ الذي تبدأُ بهِ دولةُ العدلِ الكُبرى هوَ على يدِ الإمامِ المهديّ الذي تُعقدُ لهُ البيعةُ عندَ بيتِ اللهِ الحرام، ومنها تبدأ الإنطلاقةُ في تأسيسِ دولةِ الإسلامِ الكُبرى، وإذا صحَّ هذا الإستنتاجُ سوفَ يقودنا بالضّرورةِ إلى تخصيصِ المقصودِ بقولِه: (وما ولدَ) فلا يصبحُ المقصودُ منها مُطلقاً مِن تبعِ النّبيّ، وإنّما المقصودُ على نحوِ المصداقِ الأتمِّ هُم الأئمّةُ المعصومونَ مِن ذُرّيّتِه، وما يؤكّدُ هذا المعنى منزلةُ رسولِ اللهِ وأهل بيتِه في الإسلامِ، فالأئمّةُ مِن أهلِ البيتِ (عليهم السّلام) هُم حبلُ النّجاةِ الذي تركَهُ رسولُ اللهِ لهذهِ الأمّةِ حيثُ قالَ (تركتُ فيكُم ما إن تمسّكتُم بهِ لن تضلّوا بعدَه أبداً) كما كشفَ اللهُ في كتابِه عَن عظيمِ منزلتِهم وعلوِّ قدرِهم، حيثُ لم يطلب منَ النّبيّ أن يسألَ أجراً على رسالتِه إلّا المودّةَ لأهلِ بيتِه، وكذلكَ أوجبَ على الأمّةِ ذكرَهم والصّلاةَ عليهم، وغيرِ ذلكَ منَ النّصوصِ المتواترةِ التي تفيدُ ضرورةَ الإعتصامِ بحبلِهم، وبذلكَ يكونُ القَسمُ بهم مُبرّراً وواضِحاً بوصفِهم الإمتدادَ الطّبيعيَّ لرسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله)، وهذا الإستنتاجُ تُؤيّدُه بعضُ النّصوصِ الرّوائيّةِ، ففي الكافي عنِ الحُسينِ بنِ محمّدٍ، عَن عليٍّ بنِ محمّد، عَن أحمدَ بنِ محمّدٍ بنِ عبدِ اللهِ في قولِه تعالى: "لا أقسمُ بهذا البلدِ * وأنتَ حلٌّ بهذا البلدِ * ووالدٍ وما ولدَ". قالَ: أميرُ المؤمنينَ وما ولدَ منَ الأئمّةِ عليهم السّلام) (الكافي، ج1، ص 414)، وفي كتابِ سُليمٍ بنِ قيس الهلالي عَن أميرِ المؤمنينَ (عليه السّلام) قالَ: يا سليمُ، إنَّ أوصيائي أحدَ عشرَ رجلاً مِن ولدي أئمّةٌ هداةٌ مهديّونَ كلّهُم مُحدّثونَ. قلتُ: يا أميرَ المؤمنين، ومَن هم؟ قالَ: إبني هذا الحسنُ، ثمَّ إبني هذا الحسينُ، ثمَّ إبني هذا - وأخذَ بيدِ إبنِ إبنِه عليٍّ بنِ الحسينِ وهوَ رضيعٌ - ثمَّ ثمانيةٌ مِن ولدِه واحداً بعدَ واحد. وهُم الذينَ أقسمَ اللهُ بهِم فقالَ: (ووالدٍ وما ولد)، فالوالدُ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله وأنا، و(ما ولدَ) يعني هؤلاءِ الأحدَ عشرَ وصيّاً صلواتُ اللهِ عليهم. قلتُ: يا أميرَ المؤمنينَ، فيجتمعُ إمامان؟ قالَ: نعم، إلّا أنَّ واحداً صامتٌ لا ينطقُ حتّى يهلكَ الأوّلُ) (كتابُ سُليمٍ بنِ قيسٍ الهلالي، تحقيقُ محمّد باقر الأنصاري، ص 352)
وغيرُ ذلكَ منَ الأخبار التي تثبتُ أنّ رسولَ اللهِ والإمام عليّ أبوا هذهِ الأمّةَ فقَد جمعَ بعضَها صاحبُ البحارِ منها: (عنِ الصّادقِ عليه السّلام "وبالوالدينِ إحساناً" قالَ: الوالدانِ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وعليٌّ عليهما السّلام.
وعَن سلامٍ الجُعفي عَن أبي جعفرٍ عليه السّلام وأبانٍ بنِ تغلب عَن أبي عبدِ اللهِ عليهِ السّلام: نزلَت في رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله وفي عليٍّ عليهِ السّلام ورويَ مثلُ ذلكَ في حديثِ إبنِ جبلة.
وروى أبو المضا صبيحٍ عَن الرّضا عليه السّلام قالَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وآله: أنا وعليٌّ الوالدان.
ورويَ عَن بعضِ الأئمّةِ في قولِه: "أن أشكُر لي ولوالديكَ" أنّهُ نزلَ فيهما. النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وآله: أنا وعليٌّ أبوا هذهِ الأمّةَ، أنا وعليٌّ موليا هذهِ الأمّة.
وعَن بعضِ الأئمّةِ "لا أقسمُ بهذا البلدِ * وأنتَ حلٌّ بهذا البلدِ * ووالدٍ وما ولدَ" قالَ: أميرُ المؤمنينَ عليهِ السّلام وما ولدَ منَ الأئمّة.
الثّعلبيُّ في ربيعِ المُذكّرينَ والخركوشي في شرفِ النّبيّ عَن عمّارٍ وجابرٍ وأبي أيوب، وفي الفردوسِ عَن الدّيلمي، وفي أمالي الطّوسي عَن أبي الصّلتِ بإسنادِه عَن أنسٍ: كلِّهم عنِ النّبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآله قالَ: حقُّ عليٍّ على الأمّةِ كحقِّ الوالدِ على الولد.
وفي كتاب الخصائصِ عَن أنسٍ: حقُّ عليٍّ بنِ أبي طالبٍ على المسلمينَ كحقِّ الوالدِ على الولد.
عنِ النّبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآله: أنا وعليٌّ أبوا هذهِ الأمّةِ ولحقُّنا عليهم أعظمُ مِن حقِّ أبوي ولادتِهم، فإنّا نُنقذُهم إن أطاعونا منَ النّارِ إلى دارِ القرارِ، ونُلحقُهم منَ العبوديّةِ بخيارِ الأحرارِ، قالَ القاضي أبو بكرٍ أحمدُ بنُ كامل: يعني أنَّ حقَّ عليّ [على] كلِّ مسلمٍ أن لا يعصيهِ أبداً) (بحارُ الأنوارِ، ج 36، ص 11)
وفي المُحصّلةِ لا يمكنُ الجزمُ بالمقصودِ على نحوِ القطعِ واليقينِ، لوجودِ رواياتٍ تُفسّرُها بآدمَ وإبراهيمَ ورواياتٍ تُفسّرُها بالنّبيّ والأئمّةِ مِن أهلِ البيت.
اترك تعليق