هل يوجد عالم قبل عالم الذر وما هو؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
إنّ العوالمَ كثيرةٌ، ولا يمكنُ الوصولُ إليها إلّا عَن طريقِ الوحي؛ لأنّها منَ الغيبِ الذي لا يمكنُ دركُه بالعقولِ البشريّةِ القاصرةِ.. وأمّا بالنّسبةِ لوجودِ عالمٍ قبلَ عالمِ الذّرّ فنقولُ:
إنّ المُستفادَ مِن بعضِ الرّواياتِ أنّ (عالمَ الأرواحِ) مُتقدّمٌ على (عالمِ الذّرّ)؛ وذلكَ لأنّ أهلَ عالمِ الذّرِّ مركّبونَ مِن أرواحٍ وأبدانٍ لطيفةٍ، بينَما أهلُ عالمِ الأرواحِ هُم أرواحٌ مُجرّدةٌ عنِ الأبدانِ، وقد وردَ في أخبارٍ كثيرةٍ: أنَّ اللهَ تباركَ وتعالى خلقَ الأرواحَ قبلَ الأبدانِ بألفي عامٍ. (ينظر: بصائرُ الدّرجاتِ ص106ـ109، ص375ـ376، الكافي ج1 ص438، دلائلُ الإمامةِ ص485، وغيرُها).
منها: روى الشّيخانِ البرقيّ والصّفّارِ بإسنادِيهما عَن بكيرٍ بنِ أعين، قالَ: كانَ أبو جعفرٍ عليهِ السّلام يقولُ: « إنّ اللهَ أخذَ ميثاقَ شيعتِنا بالولايةِ لنا وهُم ذرٌّ ـ يومَ أخذَ الميثاقَ على الذّرّ ـ، والإقرارِ لهُ بالرّبوبيّةِ ولمُحمّدٍ صلّى اللهُ عليهِ وآله بالنّبوّةِ، وعرضَ اللهُ على محمّدٍ أمّتَه في الطّينِ وهُم أظلّةٌ، وخلقَهُم منَ الطّينةِ التي خلقَ منها آدم، وخلقَ اللهُ أرواحَ شيعتِنا قبلَ أبدانِهم بألفي عامٍ، وعرضَهم عليهِ وعرّفَهم رسولَ اللهِ وعرّفَهم عليّاً، ونحنُ نعرفُهم في لحنِ القولِ ». (بصائرُ الدّرجاتِ ص109). وهذهِ الرّوايةُ صريحةٌ في أنّ الأرواحَ مخلوقةٌ قبلَ الأبدانِ بألفي عامٍ، وظاهرةٌ في خلقِ الأشباحِ ـ أي الذرّ ـ بعدَ الأرواحِ.
هذا بالنّسبةِ لعامّةِ البشر، أمّا بالنّسبةِ لأهلِ البيتِ عليهم السّلام فإنّ المُستفادَ منَ الرّواياتِ الشّريفةِ أنّهم أوّلُ ما خلقَ اللهُ تباركَ وتعالى، ووجودُهم متقدّمٌ على سائرِ ما خلقَهُ اللهُ، منها: ما رواهُ الشّيخُ الكُلينيّ بإسنادِه عَن محمّدٍ بنِ سنان، قالَ: كنتُ عندَ أبي جعفرٍ الثّاني عليهِ السّلام، فأجريتُ إختلافَ الشّيعةِ، فقالَ: «يا مُحمّدُ، إنّ اللهَ تباركَ وتعالى لم يزَل مُتفرِّداً بوحدانيّتِه، ثمّ خلقَ محمّداً وعليّاً وفاطمةَ، فمكثوا ألفَ دهرٍ، ثمّ خلقَ جميعَ الأشياءِ، فأشهدَهُم خلقَها وأجرى طاعتَهم عليها.. ». (الكافي ج1 ص511).
اترك تعليق