سؤال من ملحد: هل أنّ الله واقع، أم وهم ؟، وإنْ كان واقعاً فهل يمكن إثباته رياضياً أو فيزيائياً؟. 

: اللجنة العلمية

 

جواب السؤال إجمالاً:

 في سؤال السائل احتمالان:

الإحتمال الأول: أنّ السائل يسأل عن إثبات نفس الذات المقدسة لله تبارك وتعالى، عن طريق الرياضيات والفيزياء، فهذا من المحالات، ومنبع الإستحالة ليس هو عدم وجود الله، بل منبعها (ليس كمثله شيء).

الإحتمال الثاني: أنّ السائل يسأل عن إثبات وجود الله عن طريق إثبات آثاره الدالة عليه رياضياً وفيزيائيا، فهذا من المسلّمات، وأنّ هنالك طرق لا حصر لها فيزيائياً ورياضياً، كلها دالة على وجود الله تبارك وتعالى، وأقول لك أخي: لولا هذه الطرق لما آمنا به نحن. 

جواب السؤال بالتفصيل:

أولاً: إذا كان السائل يسأل عن الإحتمال الأول، وهو إثبات نفس الذات المقدسة بالطرق الرياضية والفيزيائية.

فجوابنا عليه باستحالة ذلك وامتناعه، والسبب ليس هو عدم وجوده تبارك وتعالى, وإنّما السبب هو أنّ المقاييس التي بأيدينا كلها مقاييس تعمل وفق نظام مادي معين ليس بمقدوره أنْ يتحرر منها، لأنّ الفيزياء لا تستطيع أنْ تعمل في عالم اللامادي, فهي تقنن لما يطرأ على المادة من تفاعلات غير كيمياوية، ومن البديهي المعلوم أنّ الله تعالى منزه عن المادة (ليس كمثله شيء)(1)، فماذا أبقينا للفيزياء حتى تحكم قوانينها في الذات المقدسة بعد أنْ أخرجنا ساحته المقدسة من عالم الماديات؟، وكذا الكلام في الرياضيات.  

ثانياً: إذا كان السائل يسأل عن الآثار التي تدل عليه، فجوابنا: نعم فإنّ الطرق والآثار التي اثبتتها الفيزياء والرياضيات فوق الإحصاء، وسأذكر بعض الطرق للمثال ليس إلاّ:  

1- الرياضيات:

أ - إنّ الشمس تبعد عن كوكبنا بمقدار (149.600.000 كم) فلو أنّ تغييراً طفيفاً حصل على هذا البعد ستنتهي الحياة على كوكبنا..

إنّ العلم رغم تطوره وبراعته غير أنه عاجز عن إثبات الأقمار الاصطناعية الذي يزن بضع غرامات في مداره مدة تزيد على الخمسة والعشرين عاماً، أو أكثر من ذلك بقليل، في حين نرى خالق الكون قد علّق هذه المجرّات الفلكية التي لا يمكن للعقل البشري أنْ يتخيل حجمها وبعدها ملايين السنين وبأبهى صورة وبأدق نظم، ألا يدلّ هذا الأثر العظيم عن ذلك المؤثر العظيم الذي (ليس كمثله شيء).

ب - يقول الأستاذ بول ديفيس أستاذ الفيزياء والرياضيات في جامعة (اديلياد) الاسترالية، إنّ أي تغير في سرعة تمدد الكون مهما كان ضئيلاً ولو بنسبة واحد من مليار مليار, يعني هكذا 0.000,000,000,000,000,001 سيؤدي إلى نهاية مدمرة للكون, يا الله ما هذه العظمة والله جلّتْ قدرته يقول: (والسماء بنيناها بأيد وانا لموسعون)(2)، لم تزل يا إلهي موسعاً لهذا الكون وبهكذا دقة, سبحانك ما أعظمك (ليس كمثله شيء) (في كل شيء) ، طبعاً هذا المثال يصلح للرياضيات من حيث الدقة في الرقم, وللفيزياء من حيث حركة المادة.

2- الفيزياء:

أ – يقول علماء الفلك إنّ كثافة الكون لو كانت أكثر بقليل مما هي عليه الآن لأصبحت الجسيمات الذرية تجذب بعضها البعض، ولاستحال تمدد الكون، ولعاد للنقطة التي انطلق منها قبل الإنفجار العظيم، وفقاً للنظرية النسبية العامة لانشتاين. 

ولو قلّتْ كثافة المادة عند الإنفجار، لما حصل تجاذب المواد، وما حصل تشكّل الأفلاك، ولتشتت الكون فأصبح وإيانا عدماً.

ب – إنّ نسبة القوة الكهرومغناطيسية في الكون بالقياس إلى نسبة الجاذبية فيه تساوي (1 وعلى يمينه 36 صفراً) أي هكذا    1,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,00

 فلو كانت الجاذبية أضعف قليلاً لما تكوّنت النجوم ولهبطت درجة حرارة الكون إلى الهاوية السحيقة حيث الصمت المطبق فلا حياة! وإذا زادت قوة الجذب الكوني قليلاً لتكوّنت النجوم سريعاً واحترقت سريعاً لاندفاع كميّات رهيبة من الطاقة منها، وذلك لكثافتها المهولة التي تسمح بإزدياد معدل احتراق وقود النجوم النووي وانتهائه سريعا، ويترتب على ذلك احتراق أي أثر للحياة أثناء تسرب الطاقة من النجوم سريعاً ثم يخيم الموت الأسود البارد على الكون.

(أفي الله شك فاطر السماوات والأرض )(3) 

خلاصة الجواب:

1- إنّ كان السائل يسأل عن إثبات ذات الله تبارك وتعالى بتلك العلوم، فمحال، لا لعدم وجوده، بل لعجز العلوم المادية على أنْ تحيط باللامادة.

2- وإنْ كان يسأل عن إثباته تبارك وتعالى بإثبات آثاره فيزيائياً ورياضياً، فممكن جداً، والطرق إليه فوق الإحصاء.

3- إنّ الأمثلة التي ذكرتها راعيت فيها جانب الإختصار خوفاً من دخول الملالة على القارئ. 

_______________________

  (1) سورة الشورى؛ ايه 11

  (2) سورة الذاريات ؛ اية 47 

  (3) سورة ابراهيم ؛ ايه 10