ما المراد بيوم عاشوراء، وما فضله بحسب الأدلة والروايات، وما هي الأعمال التي ينبغي أن تؤدى فيه؟

: اللجنة العلمية

الجواب الإجمالي:

المراد من يوم عاشوراء هو اليوم الذي استشهد فيه الإمام الحسين (عليه السلام) على يد الطاغية يزيد (لعنه الله) سنة (61) هـ، وهو يوم عظيم، وتؤدى فيه جملة من الأعمال والعبادات.

الجواب التفصيلي:

أولاً: يوم عاشوراء، هو اليوم العاشر من شهر محرم الحرام من السنة الهجرية, ومن أهمّ أحداثه مصرع الإمام الحسين (عليه السلام) وصحبه على يد جيش يزيد بن معاوية (لعنهما الله) في واقعة كربلاء في يوم الجمعة سنة 61 للهجرة(1) . 

وأحياناً يُسمى شهر محرم بعاشوراء، تسمية الكل باسم الجزء، وذلك لأهميته، فغلب على باق أيامه.

ثانياً: وأما فضل هذا اليوم بحسب الروايات:

فقد وردت عدة روايات في كتب الفريقين، تذكر فضل وأهمية يوم عاشوراء. 

1 - فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «من زار الحسين بن علي عليهما السلام يوم عاشوراء وجبت له الجنة»(2) .

ب- وعن أبي جعفر عليه السلام قال: «من زار الحسين بن علي عليهما السلام في يوم عاشوراء من المحرم حتى يظل عنده باكيا لقي الله عزّ وجلّ يوم يلقاه بثواب ألفي حجة وألفي عمرة وألفي غزوة، ثواب كل غزوة وحجة وعمرة كثواب من حج واعتمر وغزا مع رسول الله صلى الله عليه وآله ومع الأئمة الراشدين»(3) .

ت- وأيضاً عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: «من زار الحسين يوم عاشوراء وبات عنده كان كمن استشهد بين يديه»(4) . 

ث- وكذلك روى زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «من زار قبر الحسين بن علي عليه السلام في يوم عاشوراء عارفا بحقه كان كمن زار الله في عرشه»(5) .

ج - وقد روى الشيخ بن بابويه القمي، بسنده عن جبلة المكية قالت: سمعت ميثماً التمَّار يقول: والله لَتقتُلَنَّ هذه الأمة ابن نبيِّها في المحرم لعشر مضين منه، ولَيتَّخِذَنَّ أعداءُ الله ذلك اليوم يوم بركة، وإن ذلك لكائن قد سبق في علم الله تعالى ذكره، أعلمُ بذلك بِعهدٍ عَهِدَهُ إليَّ مولاي أمير المؤمنين (عليه السلام).

قالت جبلة: فقلت: يا ميثم، وكيف يتخذ الناس ذلك اليوم الذي يقتل فيه الحسين بن علي (عليهما السلام) يوم بركة؟ فبكى ميثم، ثم قال: سيزعمون بحديث يضعونه أنه اليوم الذي تاب الله فيه على آدم (عليه السلام)، وإنما تاب الله على آدم في ذي الحجة.

ويزعمون أنه اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح (عليه السلام) على الجودي، وإنما استوت على الجودي يوم الثامن عشر من ذي الحجة.

ويزعمون أنه اليوم الذي فلق الله فيه البحر لبني إسرائيل، وإنما كان ذلك في شهر ربيع الأول.

ويزعمون أنه اليوم الذي قبل الله فيه توبة داود (عليه السلام)، وإنما قبل الله توبته في ذي الحجة.

ويزعمون أنه اليوم الذي أخرج الله فيه يونس (عليه السلام) من بطن الحوت، وإنما أخرجه الله من بطن الحوت في ذي القعدة.

ثم قال : يا جبلة , إذا نظرتِ إلى الشمس حَمراء كأنها دم عبيط ، فاعلمي أن سيدكِ الحسين ( عليه السلام ) قد قُتِل))(6) .

ح- وفي كتب السنة، قال الذهبي في كتابه تاريخ الإسلام: قال الإمام أحمد في مسنده: «حدثنا محمد بن عبيد حدثنا شرحبيل بن مدرك عن عبد الله بن نجى عن أبيه أنه سار مع علي، وكان صاحب مطهرته، فلما حاذى نینوى وهو سائر إلى صفين، فنادى اصبر أبا عبد الله بشط الفرات. قلت وما ذاك؟ قال دخلت على النبي وعیناه تفیضان، فقال قام من عندي جبريل فحدثني أن الحسين يُقتل بشط الفرات، وقال هل لك أن أشمك من تربته؟ قلت نعم، فقبض قبضة من تراب، فأعطانيها، فلم أملك عيني أن فاضتا. وروى نحوه ابن سعد عن المدائني عن يحيى بن زكريا... وقال عمارة بن زاذان حدثنا ثابت عن أنس قال استأذن ملك القطر على النبي في يوم أم سلمة، فقال یا أم سلمة، احفظي علينا الباب لا یدخل علینا أحد. فبينا هي على الباب إذ جاء الحسين، فاقتحم الباب ودخل فجعل يتوثب على ظهر النبي، فجعل النبي يلثمه، فقال الملك أتحبّه؟ قال نعم، قال فإن أمتك ستقتله! إن شئت أريتك المكان الذي یقتل فيه. قال نعم، فجاءه بسهلة أو تراب أحمر! قال ثابت فكنا نقول إنها كربلاء. وقال إبراهيم بن طهمان عن عباد بن إسحاق وقال خالد بن مخلد واللفظ له: حدثنا موسى بن يعقوب الزمعي كلاهما عن هاشم بن هاشم الزهري عن عبد الله بن زمعة قال أخبرتني أم سلمة أن رسول الله اضطجع ذات يوم فاستيقظ وهو خاثر، ثم اضطجع ثم استيقظ وهو خاثر دون المرة الأولى، ثم رقد ثم استیقظ وفی يده تربة حمراء وهو يقبّلها»(7) .

و«عن أم الفضل بنت الحارث أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني رأيت حلماً منكراً الليلة.

قال: ما هو؟

قالت: إنّه شديد.

قال: ما هو؟

قالت: رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت، ووضعت في حجري

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت خيراً. تلد فاطمة إن شاء الله غلاماً، فيكون في حجرك.

فولدت فاطمة الحسين فكان في حجري كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخلت يوماً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوضعته في حجره، ثم حانت مني التفاتة، فإذا عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تهريقان من الدموع، قالت: فقلت: يا نبي الله، بأبي أنت وأمي ما لك ؟ قال: أتاني جبريل عليه الصلاة والسلام، فأخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا فقلت: هذا ؟ فقال: نعم، وأتاني بتربة من تربته حمراء»(8) .

ثالثاً: أهم الأمور التي ينبغي أنْ تُعمل في عاشوراء:

1- أن يمسك فيه عن السّعي في حوائج الدنيا، وعلى الموالين لأهل البيت (عليهم السلام) أن لا يدّخروا فيه شيئاً لمنازلهم، فقد رُوِيَ عن الإمام علي بن موسى الرّضا (عليه السَّلام) أنه قال: «مَنْ تَرَكَ السَّعْيَ فِي حَوَائِجِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ قَضَى اللَّهُ لَهُ حَوَائِجَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، وَ مَنْ كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمَ مُصِيبَتِهِ وَ حُزْنِهِ وَ بُكَائِهِ يَجْعَلُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَوْمَ فَرَحِهِ وَ سُرُورِهِ وَ قَرَّتْ بِنَا فِي الْجِنَانِ عَيْنُهُ، وَ مَنْ سَمَّى يَوْمَ عَاشُورَاءَ يَوْمَ بَرَكَةٍ وَ ادَّخَرَ لِمَنْزِلِهِ فِيهِ شَيْئاً لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيمَا ادَّخَرَ، وَ حُشِرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ يَزِيدَ وَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ لَعَنَهُمُ اللَّهُ إِلَى أَسْفَلِ دَرْكٍ مِنَ النَّار»(9) .

2- كما وينبغي للموالين لأهل البيت (عليهم السلام) التَّفرغ فيه للبكاء على الحسين (عليه السَّلام) وذكر مصائبه ومصائب أهل بيته، وأن يقيمُوا المآتم بهذه المناسبة الأليمة.

3- ويُستحب في يوم عاشوراء زيارة الحسين (عليه السَّلام).

4. كما ويُستحب في هذا اليوم الإجتهاد في التبرِّي ولعن قاتلي الإمام الحسين (عليه السَّلام).

5- ويُستحب تعزية المؤمنين بعضهم بعضاً بقول: «اَعْظَمَ اللهُ اُجُورَنا بِمُصابِنا بِالْحُسَيْنِ عَلَيْهَ السَّلامُ، وَجَعَلْنا وَاِيّاكُمْ مِنَ الطّالِبينَ بِثأرِهِ مَعَ وَلِيِّهِ الإمامِ الْمَهْديِّ مِنْ آلِ مُحَمَّد عَلَيْهِمُ السَّلامُ»(10) .

6- وينبغي للموالين لأهل البيت (عليهم السلام) الإمساك عن الطعام والشّراب في هذا اليوم من دُون نيّة للصّيام، وأن يفطُروا في آخر النّهار بعد العصر بما يقتات به أهل المصائب كاللّبن الخاثر والحليب و نظائرهما لا بالأغذية اللّذيذة، وقال العلامة المجلسي في زاد المعاد: والأحسن أن لا يُصام اليوم التّاسع و العاشر فانّ بني أميّة كانت تصومها شماتة بالحسين (عليه السَّلام ) و تبرّكاً بقتله، وقد افتروا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحاديث كثيرة وضعوها في فضل هذين اليومين وفضل صيامهما، وقد روي من طريق أهل البيت (عليهم السلام) أحاديث كثيرة في ذمّ الصّوم فيهما لا سيّما في يوم عاشوراء.

7- لعن قاتلي الحسين (عليه السَّلام) ألف مرّة بالقول: اَللّـهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ (عليه السَّلام)(11) .

الخلاصة:

إنّ يوم عاشوراء ورد في روايات عدة، وفي كتب الفريقين، حاصلها:

1 - أنه من أيام الأحزان، لا كما صوره المنافقون أنه من أيام الأفراح.

2- ضرورة إحياء هذا اليوم من كلّ عام، من خلال زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) وجملة من العبادات.

_______________________

  (1) الشيخ الطوسي، مصباح المجتهد، ص 72, الشيخ المفيد، المزار، ص 51.

  (2)الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام، ج 6، ص 52.

  (3) الشيخ الطوسي، مصباح المجتهد، ص 72.

  (4)الشيخ المفيد، المزار، ص 51.

  (5) النوري، مستدرك الوسائل، ج 10، ص 292.

  (6)علل الشرائع ٢٢٧ / ٣، بحار الأنوار ٤٥: ٢٠٢ / 4.

  (7)تاريخ الإسلام، ج 5، ص 102.

 الحاكم النيسابوري، المستدرك النيسابوري، ج 3، ص 177.

  (8)الحاكم النيسابوري، المستدرك النيسابوري، ج 3، ص 177.

  (9)وسائل الشيعة (تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة): 14 / 504.

  (10) المصدر نفسه.

  (11) أنظر مفاتيح الجنان، للشيخ عباس القمي.