تكفير أهل التوحيد
لا يجوز تكفير المسلمين، وهم من كانوا على ظاهر الإسلام من أهل الشهادتين والصلاة والصوم والزكاة والحج والإيمان باليوم الآخر. وعلى هذا المعنى تواترت الأخبار عن أهل البيت (عليهم السلام)، ومنها:
قال الإمام الصادق عليه السلام: ((الإسلام هو الظاهر الذي عليه الناس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصيام شهر رمضان...))(1).
وكذلك ذهب إليه كبار فقهاء الجمهور كالشيخ تقي الدين السبكي (ت756 هـ) الذي قال: (كل من خاف الله عز وجل استعظم القول بالتكفير لمن يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله... فما بقي الحكم بالتكفير إلا لمن اختاره ديناً وجحد الشهادتين وخرج عن دين الإسلام جملة)(2).
وقال الشيخ سليمان بن عبد الوهاب النجدي ـ أخ محمد بن عبد الوهاب ـ: (إن الكفر لا يكون إلا بإنكار الضروريات من دين الإسلام كالوجود والوحدانية والرسالة، أو بإنكار الأمور الظاهرة كوجوب الصلاة. وأن المسلم المقر بالرسول إذا استند إلى نوع شبهة تخفى على مثله لا يكفر، وأن مذهب أهل السنة والجماعة التحاشي عن تكفير من انتسب إلى الإسلام)(3).
قتال أهل التوحيد:
فإنّه يحرم قتال أهل التوحيد من المسلمين، وقد وردت النصوص في ذلك، منها رواية زيد بن علي عن آبائه (عليهم السلام) قال: ((قال رسول الله: إذا التقى المسلمان بسيفهما على غير سنّة فالقاتل والمقتول في النار...))(4).
الإسلام والدعوة إلى توحيد الكلمة:
لقد دعا القرآن الكريم المسلمين جميعاً إلى توحيد كلمتهم؛ وذلك بالالتفاف حول الإمام المعصوم (عليه السلام) ولزوم طاعته.
قال تعالى: ((وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا))(5).
وحذّر من الاختلاف والتخاصم والتنازع والتباعد والتباغض وكل ما يعكر صفو وحدتهم.
قال تعالى: ((وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ))(6).
ولقد أكدت الأخبار على ذلك، كما في خبر الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ((من فارق جماعة المسلمين ونكث صفقة الإمام جاء إلى الله عز وجل أجذم))(7).
نعم، لما تفرّقت الأمة عن الإمام المعصوم (عليه السلام) بمحض إرادتها، واجتمعت على غيره، وتشتت فرقاً واحزاباً وجماعات، لم يثنِ ذلك المعصوم (عليه السلام) عن ترك واجبه تجاههم، فلقد حرص أئمة أهل البيت (عليهم السلام) على تحقيق الوحدة بين صفوف المسلمين، والحيلولة دون تفّرقهم وتشرّذمهم، فآثروا السكوت وأمروا شيعتهم بالتزام الصمت؛ حفاظاً على الوحدة الظاهرية للمسلمين، إذ انّ مصلحة الإسلام العليا أهم وأكبر.
كما وقد سار فقهاء الشيعة على سيرة أئمتهم (عليهم السلام)، فحثّوا المسلمين على الاتحاد والتآلف والتآزر، واصدار بيانات وفتاوى تعكس طابع السلم والوحدة والدعوى إلى ذلك، والابتعاد عن كل ما يعكر صفو المسلمين.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل، ج1، ص 19، ب 1 من مقدمة العبادات، ح 13.
(2) نقله عنه في الفصول المهمة السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي، ص 34.
(3) الصواعق الإلهية، ص 32.
(4) الوسائل، ج15، ص 148، ب 67، من جهاد العدو، ح 1.
(5) سورة آل عمران، الآية (103).
(6) سورة الأنفال، الآية (46).
(7) الكافي، ج1، ص 405، ح 5.
اترك تعليق