بداية وأسباب الغيبة الكبرى
لقد بدأت الغيبة الكبرى بعد وفاة السفير الرابع (علي بن محمد السمري) عام 329 ه وعندها إنقطع اتصال الشيعة بإمامهم.
لقد كانت فترة الغيبة الصغرى التي امتدت الى ما يقارب السبعين عاما تمثّل فترة إعداد الأمة لتقبّل غياب إمامها وقائدها في غيبته الكبرى.
إنّ مما لا شك فيه أنّ هنالك مجموعة من الأهداف في التقدير الإلهي للغيبة الكبرى، وبعض هذه الأهداف يمكننا أن ندركها والبعض الآخر راجع الى التقدير الإلهي الذي لا يعلمه أحد إلا هو، أو من ارتضاهم من عباده الذين أذن لهم في الاطلاع على غيبه تبارك وتعالى.
ونحن الآن لا نريد الخوض في أهداف الغيبة الكبرى، لأننّا تعرضنا لذلك في بحث مستقل برأسه، ونريد أن نتحدث عن أسباب الغيبة.
لقد اجتمعت عدة عوامل وأسباب ساهمت في تحققها، ولعلي أستطيع أن أجمل أهمها في نقاط:
النقطة الأولى: الظرف السياسي الضاغط بقوة على الامام (عليه السلام)، ولا أقصد به خصوص الظرف الذي عاشه (عليه السلام)، بل أقصد بذلك الظرف الذي امتد عقود متمادية منذ زمن الأمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) الى غيبته. فطوال هذه الفترة أخذت السلطة الغاشمة تمارس شتى أنواع الترهيب ضد فكرة المهدي الموعود، باعتباره كان يمثّل تهديدا مستداما من قبل المؤمنين به الألئك السلاطين.
النقطة الثانية: عدم تهيئ الظروف المناسبة لظهوره (عليه السلام)، وذلك لعدم الاستعداد الفكري، والروحي للأمة لقبول فكرة ظهور إمام قائم بالسيف، بعدما رأت الأمة بأم أعينها ما أصاب أجداد هذا الملهم من ويلات ومصائب، وما أصاب مناصريه كذلك. لذلك كانت الأمة تعيش روح الانكسار والهزيمة الداخلية، وهكذا أمة مهزوزة من الداخل، لا يمكن لأيّ قائد أن يتخذها منطلقا وقاعدة لدعوته.
اترك تعليق