غياب الإمام المنتظر (عليه السلام) لا يعني ترك الساحة فارغة!!
إنّ غياب القائد الإلهي الملهم عن الساحة رغم ما يخلّفه من فراغ لا يمكن لأيّ أحد أن يملئه مهما كان، غير أنّ ذلك لا يعني ترك الساحة فارغة تماما.
ولأجل أن لا تخلوا الساحة من قائد، نرى أنّ الإمام الغائب (عجل الله فرجه الشريف) ومن قبله من أجداده أعدوا الأمة إعدادا تاما للرجوع الى الفقهاء لأخذ الاحكام الشرعية والمواقف العامة تجاه ما تواجهه الأمة من تحديات، والتاريخ بشقه الروائي حافل بذلك، وقد تعرّضت له بالتفصيل في مبحث تحت عنوان أدلة التقليد بالتفصيل، فمن أحب المزيد من الإطلاع فليراجع هناك.
إذن الائمة (عليهم السلام) لم يتركوا الأمة بلا قائد يرجعون إليه في ملماتهم، وما نراه اليوم من ثبات الأمة الإسلاميّه وصمودها، إلا من بركات ذلك التنصيب الإلهي المبارك.
لقد حدّثنا القرآن الكريم عن أمة موسى (عليه السلام) حين استخلف عليهم أخاه هارون لمدة أربعين يوم فقط، فضلّت هذه الأمة، وعدلت عن عبادة الله الواحد سبحانه الى عبادة العجل.
(وَإِذْ وَعَدْنَا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتخَذْتمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وأَنتُمْ ظالِمُونَ)(1)
وكانوا من قبل قد سألوا موسى (عليه السلام) ان يجعل لهم صنما يعبدونه قال تعالى: (وجَوَزْنَا بِبَنى إِسرائيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلى قَوْم يَعْكُفُونَ عَلى أَصنَام لَّهُمْ قَالُوا يَا مُوسى اجْعَل لَّنَا إِلَهاً كَمَا لهَمْ ءَالِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تجْهَلُونَ)(2) .
في حين أننّا نرى استحكام أمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقد غاب عنها رسولها ما يقرب من ألف وأربعمائة سنة ولم تزل هذه الأمة في بقاء وتمدد بل وتجذّر مستمرين.
وكل ذلك يعود بالفضل الى رعاية الله تعالى لهذه الأمة، وللجهود الحثيثة التي بذلها أئمة أهل البيت في ربط الأمة بالفقهاء من بعدهم باعتبار ما يمثّله الفقهاء من الجنبة الروحيّة والعلميّة والمعرفيّة المنبثقة عن السماء.
جاء في حديث إسحاق بن يعقوب، قال: (سألت محمد بن عثمان العمري (رحمه الله) أن يوصل لي كتابا سألت فيه عن مسائل أشكلت عليَّ فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه): وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنّهم حجتي عليكم وأنا حجة الله )(3).
______________________________
(1) البقرة ايه / 51
(2) الاعراف ايِة / 138
(3) وسائل الشيعة ج 16 / ص 251
اترك تعليق