سلسلة سؤال وجواب حول التوحيد (3)
القسم الثاني: التوحيد الأفعالي
بعد أن انتهينا من البحث في القسم الأول، وهو التوحيد الذاتي – بقسميه- فنحن الآن بصدد بيان التوحيد الأفعالي, وبيان أقسامه.
س1: ما معنى التوحيد الأفعالي؟
ج: هو أنْ نعتقد بأنّ الله سبحانه موجِد لكل الموجودات في عالم الإمكان، وهذه الموجودات غير مستقلة في وجودها، ولا في إيجاد غيرها، ونعتقد أن لا مُدبرَ في الكون إلا الله تعالى، وأنْ لا نعبد إلا إياه.
بعبارةٍ أخرى: التوحيد الأفعالي: هو الاعتقاد أنّ الله تعالى موجِد لكل الموجودات وآثارها وأفعالها، ومسبباتها، ولا تستطيع أنْ توجد أو تؤثر في غيرها إلا بأذنه تعالى، وكذلك أن نعتقد إنّ المستحق للعبادة هو سبحانه دون غيره.
ولا يخفى، إنّ هذا التعريف شاملٌ لثلاثة أنواع من التوحيد سيأتي ذكرها بعد ذلك.
ولذا على الإنسان أنْ لا يخرج عن التوحيد بكل أنواعه، وإلا فلو أعتقد وآمَن بنوعٍ دون آخر، فلا يخرج عن دائرة الشرك، والعياذ بالله، ولذا كانت هذه المواضيع من الأهمية، بحيث يتحتم علينا أنْ نُركز ونفكر جيداً، حتى لا نقع في المحذور، ودفع المحذور ليس صعباً لمن فكّرَ وتدبّرَ جيداً.
س2: ما أقسام التوحيد الأفعالي؟
ج: أقسامه ثلاثة وهي:
1- التوحيد في الخالقية.
2- التوحيد في الربوبية.
3- التوحيد في العبادة.
1- التوحيد في الخالقية
س1: ما معنى الخالقية؟
ج: معنى الخالقية: وهي صفةٌ مستقلة فيه سبحانه، ومعناها إيجاد الخلق.
س2: ما معنى التوحيد في الخالقية؟
ج: التوحيد في الخالقية : هو الاعتقاد أنْ لا خالق في الوجود إلا الله سبحانه وتعالى.
*قال السيد الطباطبائي: ((الفاعل المستقل في مبدئيته على الإطلاق، والقائم بذاته في إيجاده وعلّيته، وهو المؤثر بحقيقته معنى الكلمة، لا مؤثر في الوجود إلا هو))1 .
بعبارةٍ أخرى: يتحتم علينا أنْ نؤمن بقدرة الله تعالى اللامتناهية، وتأثيره في الخلق بحيث يستحيل لمَن أوجده الله تعالى، أنْ يستقل في التأثير والإيجاد، ولو لم نؤمن بهذه العقيدة، نكون قد زغنا عن الحق، ووقعنا في الشرك الأفعالي والعياذ بالله.
س3: هل يوجد تأثير أو فاعلية، فيما عدا تأثير أو فاعلية الله سبحانه؟
ج: نعم يوجد تأثير فيما عدا تأثير الله تعالى، ولا يلزم منه الشرك في الخالقية – كما سيأتي بيانه - لكن هذا التأثير والإيجاد والفعل الصادر من بعض الموجودات، إنّما يتبع تأثيره سبحانه، وليس مستقلاً، بمعنى، أنّه لا يوجد تأثير مستقل في الكون، إلا للموجد لهذا الكون، وهو الله جلّت قدرته وهذا لا ينافي وجود تأثير تبعي، من فيض وجوده تعالى، بل هذا عين التوحيد، وليس فيه شائبة الشرك أبداً.
_______________________
1- نهاية الحكمة، ص176.
اترك تعليق