إنّ خروج الإمام الحسين (عليه السلام) إلى العراق، وحدوث معركة كربلاء، لابد له من أسباب، فما هي تلك الأسباب؟
الجواب الإجمالي:
إنّ السبب الأساسي الذي دعا الإمام الحسين (عليه السلام) إلى الخروج، هو الإصلاح العقائدي والسلوكي في أمة جده النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله).
وذلك بعد أن استحوذ بنو أمية (معاوية ومن بعده يزيد وغيرهم) على الحكم وخرجوا على تعاليم الدين الإسلامي(1) وعاثوا في الأرض الفساد.
الجواب التفصيلي:
ثبت بالأدلة القطعية إنّ الإمام الحسين (عليه السلام) من الأئمة المعصومين (عليهم السلام) وخامس أصحاب الكساء، ومعنى ذلك أنّ كلامه وفعله وتقريره حجة، بلا إشكال.
وخروجه على طاعة السلطة الظالمة تكليف إلهي تعين عليه أنْ يفعله، ونذكر هنا بعض الأسباب الرئيسية التي دعته للخروج إلى العراق، رغم أنه (عليه السلام) قد صرح بذلك في إحدى رسائله حيث قال: (وإنِّي لم أخرج أشِراً ولا بَطِراً، ولا مُفسِداً ولا ظَالِماً، وإنَّما خرجتُ لطلب الإصلاح في أُمَّة جَدِّي (صلى الله عليه وآله)، أُريدُ أنْ آمُرَ بالمعروفِ وأنْهَى عنِ المنكر، وأسيرُ بِسيرَةِ جَدِّي، وأبي علي بن أبي طَالِب)(2).
ومن الأسباب التي دعت الإمام الحسين (عليه السلام) للخروج إلى العراق:
أ- السيطرة على الخلافة والسلطة بغير وجه حق، من قبل الأمويين، وتحريف عقائد المسلمين.
ب- سياسة القتل والإرهاب، وسفك الدماء الذي كانت تنفّذها السلطة الأموية.
ت- العَبَث بأموال الأُمَّة الإسلامية، ممَّا أدَّى إلى نشوء طبقة مترفة على حساب طبقة محرومة.
ث- الإنحراف السلوكي، وانتشار مظاهر الفساد الاجتماعي.
ج- غياب قوانين الإسلام في كثير من المواقع المُهمَّة، وتحكُّم المِزاج والمصالح الشخصية.
ح- ظهور طبقة من وضَّاع الأحاديث والمحرِّفين لسُنَّة النبي (صلى الله عليه وآله)، وذلك لتبرير مواقف السلطة.
الخلاصة:
لم يكن خروج الإمام الحسين (عليه السلام) إلا من أجل هوية الدين الإسلامي الذي حاول الأمويون طمسها، وتحريفها.
فأعاد (عليه السلام) هوية الإسلام إلى نصابها، مضحياً بدمه الشريف هو وأهل بيته وأنصاره، كل ذلك في سبيل الله تعالى.
فالإصلاح في أمة النبي (صلى الله عليه وآله) والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، كان السبب الأساس في خروجه (عليه السلام).
ـــــــــــــــــــــــــ
(1) إنّ معاوية بن أبي سفيان الذي يترضى عليه بعض المسلمين ويعتقدونه خليفةً، ويحاولون إظهار صورته بشكل حسن، ما هو إلا قاتل للنفس للمحترمة –وغيرها الكثير- قال الله تعالى: (مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)(المائدة: 32). ومعاوية يجهر بقتله للأبرياء، ولذا سنذكر بعض جرائمه في قتله للأبرياء من الصحابة والصالحين، ومن كتب السنة :
1- الحسن بن علي عليهما السلام.
قال ابن عبد البر - الإستيعاب (1/115): وقال قتادة وأبو بكربن حفص سم الحسن بن علي (ع)
سمته امرأته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي ، وقالت طائفة :كان ذلك بتدسيس معاوية إليها وما بذل لها في ذلك ، والله أعلم ".
وروى الطبراني : " عن أبي بكر بن حفص أن سعدا والحسن بن علي (رض)
ماتا في زمن معاوية (رض) فيرون أنه سمه ، قال محقق الكتاب : " إسناده إلى قائله صحيح ".
2- عبد الرحمن بن خالد بن الوليد.
قال ابن عبدالبر - الاستيعاب (2/373): " لما أراد معاوية البيعة ليزيد ابنه ، خطب أهل الشام وقال لهم : يا أهل الشام ، إنه قد كبرت سني وقرب أجلي ، وقد أردت أن اعقد لرجل يكون نظاما لكم ، وإنما أنا رجل منكم فأروا رأيكم ، فأصفقوا واجتمعوا ، وقالوا : رضينا بعبد الرحمن بن خالد ، فشق ذلك على معاوية ، وأسرها في نفسه ، ثم أن عبد الرحمن مرض، فأمر معاوية طبيبا عنده يهوديا – وكان عنده مكينا – أن يأتيه فيسقيه سقية يقتله بها ، فأتاه فسقاه
فانحرق بطنه ، فمات... وقصته هذه مشهورة عند أهل السير والعلم بالآثار
والأخبار اختصرناها " .
وقال ابن الجوزي : " وكان قد عظم شأن عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بالشام ومال أهلها إليه لموضع غنائه عن المسلمين وآثار أبيه حتى خافه معاوية وخشي على نفسه منه لميل الناس إليه فدس إليه عدي بن أثال شربة مسمومة فقتله بها فمات بحمص ".
3- معاوية يقتل مالك الأشتر بالسم.
إبن كثير - البداية والنهاية - رقم الجزء : ( 7 ) - رقم الصفحة : ( 346 ) - فلما سار الأشتر إليها وإنتهى إلى القلزم إستقبله الخانسار وهو مقدم على الخراج ، فقدم إليه طعاماً وسقاه شراباً من عسل فمات منه، فلما بلغ ذلك معاوية وعمراً وأهل الشام قالوا : إن لله جنوداً من عسل.
- وقد ذكر إبن جرير في تاريخه : أن معاوية كان قد تقدم إلى هذا الرجل في أن يحتال على الأشتر ليقتله ووعده على ذلك بأمور ففعل ذلك وفي هذا نظر ، وبتقدير صحته فمعاوية يستجيز قتل الأشتر لأنه من قتلة عثمان (ر) ، والمقصود أن معاوية وأهل الشام فرحوا فرحاً شديداً بموت الأشتر النخعي ، ولما بلغ ذلك علياً تأسف على شجاعته وغنائه ، وكتب إلى محمد بن أبي بكر بإستقراره وإستمراره بديار مصر.
إبن سعد - الطبقات الكبرى - طبقات البدريين من الأنصار- الأشتر : وإسمه مالك بن الحارث بن عبد يغوث بن مسلمة بن ربيعة بن الحارث بن جذيمة بن سعد بن مالك بن النخع من مذحج
روى ، عن خالد بن الوليد أنه كان يضرب الناس على الصلاة بعد العصر، وكان الأشتر من أصحاب علي بن أبي طالب وشهد معه الجمل وصفين ومشاهده كلها ، وولاه علي (ع) مصر فخرج إليها فلما كان بالعريش شرب شربة عسل فمات.
البخاري - التاريخ الكبير - رقم الجزء : ( 7 ) - رقم الصفحة : ( 311 ) 1325 - مالك الأشتر قال لي عبد الله بن محمد، نا : عبد الرزاق قال : ، أرنا : معمر ، عن الزهري قال : بعث علي الأشتر أميراً على مصر حتى بلغ قلزم فشرب شربة من عسل فكان فيها حتفه ، فقال عمرو بن العاص : أن لله جنوداً من عسل ، وبعث علي محمد بن أبي بكر أميراً على مصر.
4- معاوية يقتل عمار بن ياسر.
صحيح البخاري - الجهاد والسير - مسح الغبار عن الرأس في سبيل الله - رقم الحديث : ( 2657 )
- حدثنا : إبراهيم بن موسى ، أخبرنا : عبد الوهاب ، حدثنا : خالد ، عن عكرمة أن إبن عباس قال له ولعلي بن عبد الله إئتيا أبا سعيد فإسمعا من حديثه ، فأتيناه وهو وأخوه في حائط لهما يسقيانه فلما رآنا جاء فإحتبى وجلس ، فقال : كنا ننقل لبن المسجد لبنة لبنة وكان عمار ينقل لبنتين لبنتين فمر به النبي (ص) ومسح ، عن رأسه الغبار، وقال : ويح عمار تقتله الفئة الباغية عمار يدعوهم إلى الله ويدعونه إلى النار.
صحيح مسلم - الفتن وأشراط الساعة - لا تقوم الساعة ... - رقم الحديث : ( 2916 )
- وحدثنا : أبوبكر بن أبي شيبة ، حدثنا : إسماعيل بن إبراهيم ،
عن إبن عون ،عن الحسن ، عن أمه ، عن أم سلمة قالت : قال رسول الله (ص) : تقتل عماراً
الفئة الباغية.
5- معاوية يأمر بقتل محمد بن أبي بكر ويضع جثتة في بطن حمار..!!
إبن أبي شيبه - المصنف - كتاب الأمراء
30116 - حدثنا : أسود بن عامر قال : ، حدثنا : جرير بن حازم قال : سمعت محمد بن سيرين قال : بعث علي بن أبي طالب قيس بن سعد أميراً على مصر ، قال : فكتب إليه معاوية وعمرو بن العاص بكتاب فأغلظا له فيه وشتماه وأوعداه ، فكتب إليهما بكتاب لأن يغار بهما ويطمعهما في نفسه ، قال : قال : فلما آتاهما الكتاب كتبا إليه بكتاب يذكران فضله ويطمعاًنه فيما قبلهما ، فكتب إليهما بجواب كتابهما الأول يغلظ فلم يدع شيئاً إلاّ قاله ، فقال أحدهما للآخر : لا والله ما نطيق نحن قيس بن سعد ، ولكن تعال نمكر به عند علي ، قال : فبعثا بكتابه الأولى إلى علي، قال : فقال له أهل الكوفة : عدو الله قيس بن سعد فإعزله ، فقال علي : ويحكم أنا والله أعلم هي إحدى فعلاته ، فأبوا إلاّ عزله فعزله ، وبعث محمد بن أبي بكر ، فلما قدم على قيس بن سعد قال له قيس : إنظر ما آمرك به ، إذا كتب إليك معاوية بكذا وكذا فإكتب إليه بكذا وكذا ، وإذا صنع بكذا فإصنع كذا ، وإياك أن تخالف ما أمرتك به ، والله لكأني أنظر إليك إن فعلت قد قتلت ثم أدخلت جوف حمارفأحرقت بالنار ، قال : ففعل ذلك به.
(2) بحار الأنوار 44 صفحة 329.
اترك تعليق