هل تصدّقونَ تأويلَ الآيةِ التي جعلَت المُسلمينَ يغتصبونَ سبايا أوطاس ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
لم يثبُت بدليلٍ قاطعٍ أنَّ رسولَ اللهِ إسترقَّ النّساء في حروبِه، وكلُّ ما هوَ مشاعٌ في التاريخِ الإسلامي هوَ بفعلِ الخلفاءِ الذينَ استلموا الحُكمَ بطرقٍ غيرِ شرعيّة، وما ذكرَه بعضُ المؤرّخينَ بأنَّ رسولَ اللهِ في غزوةِ أوطاس سبى نساءَ هوازن وقسّمَ السّبايا بينَ المُسلمينَ، وأجازَ لهم الدّخولَ بهنَّ، كلُّ ذلكَ لا يمكنُ قبولهُ لكونِه لا ينسجمُ مع سماحةِ القرآنِ ولا معَ شخصيّةِ الرّسولِ الذي أدّبَه ربُّه فأحسنَ تأديبَه، مُضافاً إلى أنَّ معظمَ هذهِ الرّواياتِ التاريخيّةِ مِن طرقِ أهلِ السنّةِ وبطرقٍ غيرِ مُعتمدَةٍ، وما جاءَ في بعضِ المصادرِ الشيعيّةِ مثلما رواهُ الشيخُ الطّوسي في التهذيبِ (ج8، ص176) عن الحسنِ بنِ صالحٍ عنِ الصّادقِ، غيرُ مقبولٍ لأنَّ الحسنَ بنَ صالح بتريٌّ مجهولٌ، والخبرُ الذي ذكرَه إبنُ شهرِ آشوب ضعيفٌ لكونِه جاءَ مُرسلاً، هذا غيرُ التناقضِ والاختلافِ في مضامينِ هذهِ الرّواياتِ التاريخيّةِ ممّا يجعلنا نشكُّ في حدوثِ مثلِ هذا الأمرِ منَ الأساس، فمثلاً كيفَ يجيزُ لهم الرّسولُ نكاحَ نساءِ هوازن وهنَّ وثنيّاتٌ كما يذكرُ المُؤرّخونَ، وقد حرّمَ الإسلامُ نكاحَ الوثنيّاتِ حتّى وإن كُنَّ أسيرات، هذا مُضافاً إلى أنَّ نكاحَ المرأةِ ذاتِ الزّوجِ منَ الأفعالِ القبيحةِ في عاداتِ العربِ، فكيفَ يدعوهم الرّسولُ إلى أمرٍ تنفرُ منهُ طباعُهم وتترفّعُ عنهُ نفوسُهم؟ وعليهِ حتّى لو كانَت هناكَ بعضُ الآراءِ الفقهيّةِ بينَ المدارسِ الإسلاميّةِ تجيزُ ذلكَ، فهيَ تظلُّ محكومةً بدائرةِ الاجتهادِ الذي لا يتحمّلُ الإسلامُ كلَّ ما فيه، وعلى أقلِّ تقديرٍ يصبحُ الأمرُ منَ المُتشابهاتِ التي يجبُ ردُّها إلى مُحكماتِ الإسلامِ التي تؤكّدُ على كرامةِ الإنسانِ، ولو سلّمنا بصحّةِ بعضِ الرّواياتِ في هذا البابِ فيجبُ ردُّ علمِها إلى أهلِ البيتِ ولا يجوزُ تركُ المُحكماتِ مِن أجلِ روايةٍ نحنُ لا نعلمُ تمامَ معناها وفي أيّ سياقٍ تاريخيٍّ وردَت.
فالثابتُ أنَّ رسولَ اللهِ لم يكُن لهُ أسيراتٌ مِن حروبِه، وبالتّالي لم يُدخِل رسولُ اللهِ جواريَ جُدداً في المُجتمعِ على ما كانَ موجوداً قبلَ الإسلام، وإنّما تعاملَ الإسلامُ معَ ما كانَ موجوداً في المُجتمع.
اترك تعليق