هل عصا موسى وخاتمُ سُليمان موجودانِ عندَ الإمامِ المهدي؟
السلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه،
دلّت الأحاديثُ الشريفةُ المتواترةُ على أنّ الأئمّةَ المعصومينَ (عليهم السّلام) ورثةُ الأنبياءِ (عليهم السّلام)؛ إذ ورثوا منهم العلومَ الإلهيّةَ والكتبَ السماويّةَ والفضائلَ النفسيّةَ والهباتِ الربانيّةَ وغيرَ ذلكَ ممّا اختُصّوا به، ومِن جُملتِها: قميصُ إبراهيم (عليهِ السّلام) وصُحفه، وعصا موسى (عليهِ السّلام) وألواحُه، وخاتمُ سُليمانَ (عليهِ السّلام) وبساطه، وسلاحُ رسولِ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله) ومُختصّاته، وغيرُ ذلكَ مِن آثارِ الأنبياء (عليهم السّلام).
وهذهِ الأشياءُ مِن مُختصّاتِ المنصبِ الإلهيّ، تكونُ معَ الإمامِ المعصوم، يرثُها عن الإمامِ السابقِ ويورّثها للإمامِ اللاحق، فهيَ تدورُ حيثُ دارَت الإمامةُ، وهيَ إحدى الأماراتِ التي يُعرَفُ بها الإمام، وقد جاءَ في بعضِ الرواياتِ: أنّ الأئمّةَ (عليهم السّلام) كانوا يحتجّونَ على بطلانِ دعوى بعضِ مُدّعي الإمامةِ بعدمِ حيازتِهم لآثارِ النبيّ الأكرمِ وغيرِه منَ الأنبياءِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله وعليهم).
ثمّ إنّ الأحاديثَ الواردةَ في خصوصِ وراثةِ آثارِ الأنبياءِ (عليهم السّلام) ـ كالعصا والخاتم والسيفِ ونحوها ـ كثيرةٌ، قد عقدَ لها الشيخُ الصفّارُ في [بصائرِ الدرجاتِ ج1 ص316] باباً بعنوان: « بابُ ما عندَ الأئمّةِ (عليهم السلام) مِن سلاحِ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) وآياتِ الأنبياء، مثلَ عصا موسى وخاتمِ سُليمان والطستِ والتابوتِ والألواحِ وقميصِ آدم »، أوردَ فيه 56 حديثاً مِن طريقه.
وهذه المُختصّاتُ انتهَت إلى خاتمِ الأوصياء، بقيّةِ اللهِ الأعظم، الحُجّةِ المُنتظر (عجّلَ اللهَ فرجَه)، فورثَ سائرَ مُختصّاتِ الأنبياءِ والأئمّةِ (عليهم السّلام) واجتمعَت لديه، ومِن جُملتِها: عصا موسى وخاتمُ سُليمان (عليهما السّلام)، وقد نصّت جملةٌ منَ الرواياتِ على أنّ هذهِ المواريثَ ستكونُ مع بقيّةِ اللهِ الأعظمِ (صلواتُ اللهِ عليه) عندَ ظهورِه المُقدّس، منها:
1ـ روى الشيخُ الصّدوقُ في [كمالِ الدين ص376] بإسنادٍ صحيحٍ عن الريّانِ بنِ الصّلت، قالَ: « قلتُ للرّضا (عليهِ السّلام): أنتَ صاحبُ هذا الأمر؟ فقالَ: أنا صاحبُ هذا الأمر، ولكنّي لستُ بالذي أملأها عدلاً كما مُلئَت جوراً، وكيفَ أكونُ ذلكَ على ما ترى مِن ضعفِ بدني، وإنّ القائمَ هوَ الذي إذا خرجَ كانَ في سنّ الشيوخِ ومنظرِ الشبّان، قويّاً في بدنِه حتّى لو مدَّ يدَه إلى أعظمِ شجرةٍ على وجهِ الأرضِ لقلعَها، ولو صاحَ بينَ الجبالِ لتدكدكَت صخورُها، يكونُ معهُ عصا موسى، وخاتمُ سليمان (عليهما السّلام)، ذاكَ الرابعُ مِن ولدي، يغيّبُه اللهُ في سترِه ما شاء، ثمَّ يُظهرُه فيملأ به الأرضَ قِسطاً وعدلاً كما مُلئَت جوراً وظلماً ».
2ـ روى الشيخُ الكُلينيّ في [الكافي ج1 ص231] والشيخُ الصّدوقُ في [كمالِ الدّين ص674] بإسنادِهما عن محمّدٍ بنِ الفيض ، عن أبي جعفرٍ (عليهِ السّلام) قال : « كانَت عصا موسى لآدمَ (عليهما السّلام)، فصارَت إلى شُعيب، ثمَّ صارَت إلى موسى بنِ عمران، وإنّها لعندنا، وإنَّ عهدي بها آنفاً، وهيَ خضراءُ كهيئتِها حينَ انتُزعَت مِن شجرتِها، وإنّها لتنطقُ إذا استُنطقَت، أُعدَّت لقائمِنا (عليهِ السّلام)، يصنعُ بها ما كانَ بها موسى بنُ عمران (عليهِ السّلام)، وإنّها لتروعُ و تلقفُ ما يأفكونَ وتصنعُ ما تُؤمر.. ».
3ـ روى الشيخُ النّعمانيّ في [الغيبةِ ص244] بالإسنادِ عن زيادٍ بنِ المُنذر قالَ: قالَ أبو جعفرٍ محمّدٌ بنُ علي (عليهما السّلام): « إذا ظهرَ القائمُ (عليهِ السّلام) ظهرَ برايةِ رسولِ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله)، وخاتمِ سُليمان، وحجرِ موسى وعصاه.. ».
والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.
اترك تعليق