ما هوَ منشأ تعريف السّنّة بأنّها قولُ المعصومِ وفعله وتقريرُه؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
نكتفي في الإجابةِ على هذا السّؤالِ بما ذكرَه العلّامةُ المُظفّرُ في كتابِه أصولُ الفقهِ حيثُ قال: (السنّةُ في اصطلاحِ الفقهاءِ: قولُ النبيّ أو فعله أو تقريرُه، ومنشأ هذا الاصطلاحِ أمرُ النبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلّم) باتّباعِ سُنّتِه، فغلبَت كلمةُ "السُنّةِ" حينَما تُطلقُ مُجرّدةً عن نسبتِها إلى أحدٍ على خصوصِ ما يتضمّنُ بيانَ حُكمٍ منَ الأحكامِ منَ النبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم) سواءٌ كانَ ذلكَ بقولٍ أو فعلٍ أو تقرير.
أمّا فقهاءُ الإماميّةِ بالخصوصِ فلمّا ثبتَ لديهم أنَّ المعصومَ مِن آلِ البيتِ يجري قوله مجرى قولِ النبيّ مِن كونِه حُجّةً على العبادِ واجبِ الاتّباعِ فقد توسّعوا في اصطلاحِ "السنّةِ" إلى ما يشملُ قولَ كلِّ واحدٍ منَ المعصومينَ أو فعلَه أو تقريرَه، فكانَت السنّةُ باصطلاحِهم: "قولُ المعصومِ أو فعلُه أو تقريرُه".
والسرُّ في ذلكَ: أنَّ الأئمّةَ مِن آلِ البيتِ (عليهم السّلام) ليسوا هُم مِن قبيلِ الرواةِ عن النبي والمُحدّثينَ عنهُ ليكونَ قولهم حُجّةً مِن جهةِ أنّهم ثقاتٌ في الروايةِ، بل لأنّهم هُم المنصوبونَ منَ اللهِ تعالى على لسانِ النبي لتبليغِ الأحكامِ الواقعيّة، فلا يحكونَ إلّا عن الأحكامِ الواقعيّةِ عندَ اللهِ تعالى كما هي، وذلكَ مِن طريقِ الإلهامِ كالنّبي مِن طريقِ الوحي، أو مِن طريقِ التلقّي منَ المعصومِ قبلَه، كما قالَ مولانا أميرُ المؤمنينَ (عليهِ السّلام) "علّمني رسولُ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلّم) ألفَ بابٍ منَ العلمِ ينفتحُ لي مِن كلِّ بابٍ ألفُ باب) (الشيخُ المُظفّرُ، أصولُ الفقه، ج3، ص 64 – 65).
وعليه، فليسَ بيانُهم للأحكامِ مِن نوعِ روايةِ السنّةِ وحكايتِها، ولا مِن نوعِ الاجتهادِ في الرّأي والاستنباطِ مِن مصادرِ التشريع، بل هُم أنفسُهم مصدرٌ للتشريعِ، فقولُهم سُنّةٌ لا حكاية السنّة.
اترك تعليق