ما هوَ تفسيرُ قولِه تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسئَلُوا عَن أَشياءَ إِن تُبدَ لَكُم تَسُؤكُم وإِن تَسئَلُوا عَنها حِينَ يُنَزَّلُ القُرآنُ تُبدَ لَكُم، عفا الله عنها والله غفور رحيم)

: السيد رعد المرسومي

السلامُ عليكُم ورحمة اللهسنُبيّنُ تفسيرَ هذهِ الآيةِ بما وردَ عن أئمّةِ أهلِ البيتِ عليهم السلام. ففي تفسيرِ العيّاشي ( 1/346 ) : عن أحمدَ بنِ محمّدٍ قالَ : كتبتُ إلى أبي الحسنِ عليهِ السّلام وكتبَ في آخرِه : أو لم تنتهوا عن كثرةِ المسائلِ، فأبيتُم أن تنتهوا . إيّاكُم وذلكَ، فإنّما هلكَ مَن كانَ قبلَكم بكثرةِ سؤالِهم. فقالَ اللَّه: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسئَلُوا عَن أَشياءَ» إلى قولِه: «كافِرِينَ» . وفي مجمعِ البيانِ للطبرسيّ (2/250)، عن أميرِ المؤمنينَ عليهِ السّلام: خطبَ رسولُ اللَّه - صلَّى اللَّهُ عليهِ وآله - فقالَ: إنّ اللَّهَ كتبَ عليكم الحجّ. فقامَ عكاشةُ بنُ محصن، ويروى سراقةُ بنُ مالك، فقالَ: أفي كلِّ عامٍ يا رسولَ اللَّه؟ فأعرضَ عنهُ حتّى عادَ مرّتينِ أو ثلاثاً. فقالَ رسولُ الله: ويحَك ، وما يؤمنُكَ أن أقولَ: نعم . واللهِ لو قلتُ: نعَم ، لوجبَت . ولو وجبَت ما استطعتُم، ولو تركتُم لكفرتُم، فاتركوني كما تركتُكم، فإنّما هلكَ مَن كانَ قبلَكم بكثرةِ سؤالِهم، واختلافِهم على أنبيائِهم. فإذا أمرتُكم بشيءٍ، فأتوا منهُ ما استطعتُم. وإذا نهيتُكم عَن شيءٍ، فاجتنبوهُ. وفي تفسيرِ عليٍّ بنِ إبراهيم ( 1/88 ) : حدّثني أبي ، عن حنانٍ بنِ سديرٍ ، عن أبيهِ ، عن أبي جعفرٍ عليهِ السّلام : أنّ صفيّةَ بنتَ عبدِ المُطَّلبِ ماتَ ابنٌ لها . فأقبلَت فقالَ لها عُمر: غطّي قُرطَك ، فإنّ قرابتَك مِن رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وآله لا تنفعُك شيئاً. فقالَت لهُ : هل رأيتَ لي قرطاً يا بنَ اللَّخناء ؟ ثمّ دخلَت على رسولِ الله، فأخبرَتهُ بذلكَ وبكَت. فخرجَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وآله فنادى: الصّلاةَ جامعةً. فاجتمعَ النّاسُ. فقالَ: ما بالُ أقوامٍ يزعمونَ أنّ قرابتي لا تنفع. لو قد قُرّبتُ المقامَ المحمودَ، لشفعتُ في أحوجِكم . لا يسألني اليومَ أحدٌ مَن أبوهُ إلَّا أخبرتُه. فقامَ إليهِ رجلٌ فقال: مَن أبي يا رسولَ الله؟ فقالَ: أبوك غيرُ الَّذي تدعى له . أبوكَ فلانٌ بنُ فلان. فقامَ آخر : قالَ : مَن أبي يا رسولَ الله؟ فقالَ: أبوكَ الَّذي تدعى له. ثمّ قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وآله : ما بالُ الَّذي يزعمُ أنّ قرابتي لا تنفعُ لا يسألني عَن أبيه ؟ فقامَ إليهِ عُمر ، فقالَ له : أعوذُ باللهِ يا رسولَ اللهِ مِن غضبِ اللهِ وغضبِ رسولِه، اعفُ عنّي عفا اللهُ عنك، فأنزلَ الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ( الآية).  وفي كتابِ كمالِ الدّينِ وتمامِ النّعمةِ ( 2/458 ) : حدّثنا محمّدٌ بنُ محمّدٍ بنِ عصامَ الكلينيّ رضيَ اللهُ عنه قالَ : حدّثنا محمّدٌ بنُ يعقوبَ الكلينيّ ، عن إسحاقَ بنِ يعقوب قالَ : سألتُ محمّداً بنَ عثمانَ العمريّ رضيَ اللهُ عنه أن يوصلَ لي كتاباً ، قد سألتُ فيهِ عن مسائلَ أشكلَت عليَّ . فوردَ في التّوقيعِ بخطِّ مولانا صاحبِ الزّمان : وأمّا ما وقعَ منَ الغيبةِ ، فإنّ اللهَ عزّ وجلّ يقول : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسئَلُوا عَن أَشياءَ إِن تُبدَ لَكُم تَسُؤكُم . ». إنّه لم يكُن أحدٌ مِن آبائي ، إلَّا وقد وقعَت في عنقِه بيعةٌ لطاغيةِ زمانِه . وإنّي أخرجُ حينَ أخرج ، ولا بيعةَ لأحدٍ منَ الطواغيتِ في عُنقي . وفي أصولِ الكافي (5/300  ) : عليٌّ بنُ إبراهيم ، عن أبيهِ عن محمّدٍ بن عيسى ، عن يونسَ ، عن حمّادَ ، عن عبدِ اللهِ بنِ سنان ، عن أبي الجارودِ قالَ : قالَ أبو جعفرٍ عليهِ السّلام : إذا حدّثتكم بشيءٍ ، فسألوني مِن كتابِ الله ثمّ قالَ في بعضِ حديثِه : إنّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وآله نهى عن القيلِ والقال ، وفسادِ المال ، وكثرةِ السّؤالِ. فقيلَ له : يا بنَ رسولِ الله ، أينَ هذا مِن كتابِ الله؟ قالَ : إنّ اللهَ عزّ وجلّ يقول : لا خَيرَ فِي كَثِيرٍ مِن نَجواهُم إِلَّا مَن أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَو مَعرُوفٍ أَو إِصلاحٍ بَينَ النَّاسِ. وقاَل: ولا تُؤتُوا السُّفَهاءَ أَموالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ الله لَكُم قِياماً. وقالَ : « لا تَسئَلُوا عَن أَشياءَ إِن تُبدَ لَكُم تَسُؤكُم . » . وفي الكافي (5/300): عليٌّ بنُ إبراهيم عن أبيهِ، عن محمّدٍ بنِ عيسى، عن يونسَ وعدّةٍ مِن أصحابنا عن أحمدَ بنِ أبي عبدِ اللهِ عن أبيهِ جميعاً عن عبدِ اللهِ بنِ سنان وابنِ مسكان عن أبي الجارودِ قالَ: قالَ أبو جعفرٍ عليهِ السّلام: إذا حدّثتُكم بشيءٍ، فسألوني مِن كتابِ الله. ثمّ قالَ في حديثِه: إنّ اللهَ نهى عن القيلِ والقال. وذكرَ مثله. « عَفَا اللَّهُ عَنها » : صفةٌ أخرى « لأشياء » ، يعني : أشياءٌ عفا اللَّه عنها، ولم يكلِّف بها. ويؤيّدُه ما رويَ سابقاً عن أميرِ المؤمنينَ عليهِ السّلام. ودمتُم سالمين.