مَن يتحمّلُ مسؤوليّةَ الفقرِ والبطالةِ.. الحكّامُ أم الحوزةُ العلميّة ومراجعُها؟!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : ما يؤسفُ لهُ أنَّ الفقرَ والبطالةَ منَ الظواهرِ المُنتشرةِ في العالمِ العربي والإسلامي، ومنَ الصّعبِ وضعُ اليدِ على عاملٍ واحدٍ مُتسبّبٍ في هذهِ الظاهرةِ، فطبيعةُ الظواهرِ الاجتماعيّةِ تتشكّلُ بسببِ تضافرِ مجموعةٍ منَ العواملِ بينَها حالةٌ منَ التداخل، بينَما نجدُ السّائلَ يحاولُ حصرَنا بينَ خيارين لهذهِ الظاهرة، وهُما الحكّامُ أو الحوزةُ العلميّةُ ومراجعُها، معَ عدمِ وجودِ أيّ صلةٍ موضوعيّةٍ بينَ الخيارين، فما يتعيّنُ على الحاكمِ يختلفُ تماماً عمّا يتعيّنُ على الحوزةِ، وعليهِ ليسَ هناكَ تشابهٌ بينَهما يؤدّي للغموضِ والحيرةِ حتّى نشتبهَ في أيّهما يكونُ السّببُ دونَ الآخر، مُضافاً لعدمِ وجودِ أيّ مانعٍ أن يكونَ هناكَ أكثرُ مِن سببٍ فليسَ منَ الصحيحِ أن يجعلَ السّائلُ سببَ الظاهرةِ مُنحصراً في أحدِهما دونَ الآخر. ومنَ الطبيعيّ عندَما يبحثُ الإنسانُ عن أسبابِ ظاهرةٍ عامّةٍ تشملُ أكثرَ مِن مُجتمعٍ أن يبحثَ عن العواملِ المُشتركةِ بينَ جميعِ هذهِ المُجتمعات، فليسَ منَ الصّحيحِ أن تكونَ قضيّةٌ خاصّةٌ بمُجتمعٍ دونَ المُجتمعاتِ الأخرى هيَ التي تسبّبَت في ظاهرةٍ عامّةٍ تشملُ الجميعَ، ومنَ الواضحِ أنَّ الحوزةَ العلميّةَ ومراجعَها أمرٌ مُختصٌّ بمُجتمعٍ دونَ المجتمعاتِ الأخرى، ومعَ ذلكَ نجدُ السّائلَ يُدخلها ضمنَ الأسبابِ المُحتملةِ لظاهرةِ البطالةِ والفقرِ المُنتشرةِ في جميعِ المُجتمعاتِ الإسلاميّةِ والعربيّة، فعدمُ وجودِ الحوزةِ ومراجعها في بقيّةِ البُلدانِ الإسلاميّة والعربيّة التي تُعاني منَ الفقرِ والعطالةِ لخيرُ دليلٍ على عدمِ مسؤوليّتِها عن هذهِ الظاهرةِ، وعليه يجبُ البحثُ عن الأسبابِ الأخرى التي تُشكّلُ عواملَ مُشتركةً بينَ كلِّ هذهِ الشعوب، وبما أنَّ الحاكمَ مِن تلكَ العواملِ المُشتركةِ يمكنُ تحميلهُ المسؤوليّةَ من دونِ إهمالِ العواملِ الأخرى، ومِن هُنا نجدُ الباحثينَ المُهتمّينَ بالتنميةِ الاقتصاديّةِ وضعوا مجموعةً مِنَ العواملِ المُسبّبةِ لظاهرةِ الفقرِ والبطالة، تشملُ الجوانبَ السياسيّةَ والاقتصاديّة والاجتماعيّة. فمنَ الأسبابِ السياسيّة: ويُقصدُ بها جميعَ ما يرتبطُ بسياسةِ الدولِ مثل: • انعدامِ أو ضعفِ التنميةِ سياسيّاً واجتماعيّاً واقتصاديّاً. • تفشّي الأزماتِ السياسيّةِ والحروبِ الأهليّةِ وغيرِها منَ النزاعاتِ التي ينعدمُ معَها استقرارُ الدولة. • فسادُ الحُكّامِ وهدرُ الإمكاناتِ القوميّة، بسببِ الحُكمِ الشموليّ وغيابِ المؤسّساتِ الرقابيّة. منَ الأسبابِ الاقتصاديّة: • اختلالُ الميزانِ التجاريّ بينَ الصّادرِ والمُستورَد • عدمُ الاهتمامِ بالصّناعاتِ التحويليّة وإضافةُ قيمةٍ على الموادِّ الخامِّ المحليّة، فتصديرُ الموادِّ الخامِّ واستيرادُها مُصنّعةً بقيمةٍ مُضاعفةٍ يُكرّسُ الفقرَ والعطالةَ في المُجتمع. • عدمُ دعمِ الدولةِ للمشروعاتِ الإنتاجيّة مثلَ الزراعيّةِ والصّناعيّة يضاعفُ مِن عددِ الذين يعانون من البطالةِ والفقر. منَ الأسبابِ الاجتماعيّة: • انتشارُ الجهلِ والأميّة • حالةُ الإحباطِ واللا مسؤوليّة التي أصبحَت جُزءاً منَ الثقافةِ المُجتمعيّة. • الزيادةُ المُضطردةُ لعددِ السكّانِ من دونِ أن يُرافقَها زيادةٌ في مصادرِ الإنتاج.
اترك تعليق