لماذا اغلب المراجع الدينية يذهبون إلى لندن للعلاج بينما البلاد الإسلامية لديها أجهزة طبية متطورة؟

هناك إشكالية واتهام للمراجع. هو لماذا اغلب المراجع الدينية يذهبون إلى لندن للعلاج بينما البلاد الإسلامية والعربية لديها أجهزة طبية متطورة وحديثة وأطباء على مستوى عالي نتعرض إلى هذا السؤال دائما نتمنى من حظراتكم التوضيح

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:  يجبُ عدمُ الالتفاتِ إلى الإشكالاتِ السخيفةِ التي لا تصدرُ إلّا مِن عقولٍ مريضةٍ، فالاستجابةُ لها والتفاعلُ معها يُعطي صاحبَها أهميّةً ومقداراً، ولا يعني أنّنا لا نسمحُ بالنقدِ الموضوعيّ والإشكالِ العلميّ، بل على العكسِ تماماً لعِلمنا بأنَّ النقدَ البنّاءَ والإشكالاتِ التي تبحثُ عن نقاطِ الخللِ في الأفكارِ مُفيدةٌ جدّاً لتطويرِ واقعِنا الفكريّ والمعرفي، أمّا إطلاقُ الكلامِ على عواهنِه وإصدارُ التُّهمِ والافتراءاتِ فإنّها لا تعبّرُ إلّا عن نفسيّةٍ حاقدةٍ تبحثُ فقط عن السخريةِ والازدراءِ، فلو أخذنا هذا السؤالَ مثالاً فحتّى نعتبرَه إشكالاً لابدَّ أن يُبيّنَ صاحبُه مجموعةً منَ الأمور، أوّلاً: لابدَّ مِن تقديمِ إحصائيّةٍ علميّةٍ يثبتُ فيها أنَّ مُعظمَ مراجعِ الشيعةِ يتعالجونَ في لندن. ثانياً: لابدَّ مِن بيانِ المحذورِ الشرعيّ والعقليّ في حالِ ثبوتِ النُّقطةِ الأولى، ثالثاً: إثباتُ أنَّ سفرَهم إلى لندن يدلُّ على رغبتِهم في السفرِ إلى تلكَ البلادِ أو العيشِ فيها ممّا جعلَهم يتحجّجونَ بالمرضِ لتحقيقِ ذلك. وكلُّ ذلكَ غيرُ واضحٍ حتّى نعترفَ بكونِه إشكالاً، فبالنسبةِ للنُّقطةِ الأولى فإنَّ العكسَ هو الصحيحُ فإنَّ مُعظمَ مراجعِ الشيعةِ يتعالجونَ في أوطانِهم وهناكَ بعضُ الحالاتِ النادرةِ جدّاً التي استوجبَت العلاجَ خارجَ الوطن، فلو رصَدنا في المائةِ سنةٍ الأخيرةِ أسماءَ مراجعِ الشيعةِ في العراقِ وإيران ومِن ثمَّ بحَثنا عن مَن تعالجَ منهُم في أوروبا لوجَدنا القليلَ النادرَ الذي لا يُمثّلُ حتّى نسبةَ واحدٍ منَ المئة، وعليهِ فإنَّ التعميمَ القائمَ على مُلاحظاتٍ محدودةٍ يُعدُّ مِن أكبرِ المُغالطاتِ المنطقيّة، أمّا بالنسبةِ للنّقطةِ الثانية، فنحنُ لا نجدُ أيَّ محذور عقليٍّ أو شرعيّ إذا تعالجَ المرجعُ في لندن، فلو كانَ العلاجُ في الغربِ حراماً فهوَ حرامٌ على الجميعِ وليسَ على المراجعِ وحدِهم، فلا وجودَ لأحكامٍ شرعيّةٍ خاصّةٍ بالمراجعِ دونَ غيرِهم، فهل يمكنُ التسليمُ بحُرمةِ ذلكَ على الجميع؟ أمّا بالنسبةِ للنقطةِ الثالثة، فماذا تمثّلُ لندن أو غيرُها منَ العواصمِ الغربيّة بالنسبةِ للمراجع؟ فلو أرادوا السفرَ إليها أو العيشَ فيها فبإمكانِهم فعلُ ذلكَ وليسَ هناكَ مانعٌ مِن أن يكونَ مرجعاً وهوَ يعيشُ في أوروبا، فلو كانوا يبحثونَ عن الحياةِ ويهتمّونَ بملذّاتِها لما اختاروا السفرَ إلى لندن وهُم في هذهِ الأعمارِ المُتقدّمةِ وفي حالةٍ منَ المرضِ والعجز، وعليهِ لا تمثّلُ أوروبا أيَّ هوىً في نفوسِهم ولذا اختاروا الزهدَ والتقشّفَ في مسكنِهم وملبسِهم ومأكلِهم وحالُهم جميعاً يدلُّ على ذلك.