كيفَ نعلمُ أنَّ جبريل الذي رآهُ النبيّ صادقٌ بقولِه أنّه مرسلٌ منَ الله؟
كيفَ نعلمُ أنَّ جبريل الذي رآهُ النبيّ صادقٌ بقولِه أنّه مرسلٌ منَ الله؟ بحثتُ في كتبِ الإعجازِ فوجدتُها تناقشُ أربعةَ احتمالاتٍ لمصدرِ القرآن إمّا مِن كتابةِ النّبي أو مِن كتابةِ أحدٍ غيرِه منَ البشرِ أو منَ اللهِ ولم أجِد مَن يناقشُ الاحتمالَ الذي ذكرتُه في سؤالي
السلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه،لا يخفى أنّ الأدلّةَ والبراهينَ على صحّةِ نبوّةِ رسولِ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله) وصدقِ دعوتِه، متنوّعةٌ ومتعدّدةٌ؛ كالإعجازِ وبشائرِ الأنبياءِ السابقينَ (عليهم السلام) ومقوّماتِ شخصيّةِ النبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) وغيرِها، وهذهِ الأدلّةُ تتعاضدُ وتتكاتفُ فيما بينَها أيضاً، وأهمُّها صدورُ الإعجاز ـ الذي يُعدّ مِن أمتنِ البراهينِ العقليّةِ على إثباتِ النبوّةِ ـ على يدِ النبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله)، سواءٌ الإعجازُ العلميّ أو العمليّ، كالإخبارِ عن الغيب، وشقِّ القمر، وحنينِ الجذع، وغيرِها، وأعظمها القرآنُ الكريم ـ المُعجزُ بلفظِه ومعناه ـ الذي تحدّى فيه الإنسَ والجنّ أن يأتي أحدٌ بمثله، بل بسورةٍ مِن مثله، بل بآيةٍ مِن مثله ولو كانَ بعضُهم لبعضٍ ظهيراً، وهذا هوَ مثلٌ ما قدرَ ولن يقدرَ أحدٌ على مُعارضتِه، وتفصيلُ الكلامِ حولها موكولٌ لمحلِّه منَ الكتبِ الكلاميّةِ والعقديّة. هذه الأدلّةُ والبراهينُ مُفيدةٌ للعلمِ بأنّ هذهِ الدعوةَ صادقةٌ وأنّ النبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) مرسلٌ منَ اللهِ تعالى، وهيَ تكشفُ يقيناً عن أنّ الواسطةَ التي تنزلُ على النبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) مُرسلةٌ منَ اللهِ تعالى؛ إذ لو كانَ هذا الرسولُ غيرَ صادقٍ في قولِه بأنّه مرسلٌ منَ اللهِ لَمَا قامَت هذه البراهينُ ولَمَا صدرَت هذه المُعجزاتُ الكثيرةُ الوفيرةُ الدالّةُ على صحّةِ نبوّتِه ورسالتِه (صلّى اللهُ عليهِ وآله). ويبدو أنّ العلماءَ لم يتطرّقوا لمثلِ هذا الاحتمال؛ لظهورِ بطلانِه بأدنى تأمّلٍ في أطرافِ المسألة، فمعَ تماميّةِ البراهينِ لا وقعَ لمثلِ هذا الاحتمالِ البتّة؛ لأنّها تكشفُ بالإنّ عنها كما يكشفُ المعلولُ عن علّتها؛ إذ صحّةُ نبوّتِه مُترتّبةٌ على صدقِ كلامِ المَلَك، ومع فرضِ صحّتِها فتكونُ حينئذٍ كاشفةً عن صدقِ كلامِ الملكِ بأنّه مرسلٌ منَ اللهِ تعالى، كما هوَ واضح.
اترك تعليق