ما معنى (صلاةِ الله) بالصلاة على محمد وال محمد ؟
السلامُ عليكُم، ما معنى (صلاةِ الله) بقولنا (صلّى) اللهُ عليهِ وآله ، أرجو أن تكونَ الإجابةُ لغويّةً قبلَ كلِّ شيءٍ وشُكراً
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : قيلَ إنَّ الجذرَ اللغويَّ لكلمةِ صلاة هوَ (ص، ل، ي) وهوَ يعني الاتّصالَ بينَ شيئين، ولذا قيلَ للفرسِ الذي يأتي ثانياً في السباقِ بالمُصلّي أي الذي يأتي مُتّصلاً معَ الفرسِ الأوّل، وعلى ذلكَ يمكنُ أن يحملَ جذرُ الكلمةِ مفهوميّ الصِّلةِ والتصليةِ في نفسِ الوقت، فيقالُ تصلاهُ النارُ إذا مسّته واتّصلت به، وإذا اعتمَدنا كونَ الصلاةِ مأخوذةً منَ الصلةِ فحينَها تصبحُ الصلاةُ منَ العبدِ صلةً عباديّة، ومنَ اللهِ صلةَ رحمةٍ ومغفرة ومنها قولهُ تعالى: (اولَئِكَ عَلَيهِم صَلَوَاتٌ مِن رَبِّهِم وَرَحمَةٌ) وعلى ذلكَ تكونُ صلاةُ اللهِ على النبيّ بمعنى رحمةِ اللهِ وعنايتِه ومغفرتِه وتزكيتِه للنّبي، وقد وردَ بهذا التفسيرِ عدّةُ روايات. وقد اشتهرَ كونُ الصلاةِ في اللغةِ تعني الدعاءَ، وهوَ معنىً صحيحٌ إلّا أنَّ الأصحَّ بحسبِ جذرِ الكلمةِ أن يكونَ الدعاءُ هوَ أحدُ مصاديقِ الصلاةِ وليسَ تمامَ المعنى؛ وذلكَ لأنَّ الدعاءَ ليسَ هوَ الصلةَ الوحيدةَ بينَ العبدِ والرب، وقد جاءَ في القرآنِ الصلاةُ بمعنىً مُطلقِ الدينِ والعبادة، قالَ تعالى: (يَا شُعَيبُ أَصَلاَتُكَ تَأمُرُكَ أَن نَترُكَ مَا يَعبُدُ ءَابَاؤُنَا) أي أنَّ دينَك وعبادتَك تمنعُنا مِن عبادةِ ما كانَ يعبدُ آباؤنا؟ وبما أنَّ الصلاةَ في اللغةِ نحوٌ منَ الصلةِ التي يظهرُ فيها التعظيمُ والمحبّة، فكلُّ مَن يُخبرُ أو يُظهرُ محبّةً للغيرِ يكونُ قد صلّى عليه، ومِن هُنا كانَ الدعاءُ مِن أشهرِ معاني الصّلاة؛ لأنّ الدعاءَ لشخصٍ هو تعبيرٌ عن محبّتِه وإرادةِ الخيرِ له، فأصلُ الصلاةِ منَ الثناءِ الجميلِ وإبرازِ الخيرِ للغير، ولهذا تشملُ الصلاةُ في اللغةِ التحيّة، فلو حيّيتَ شخصاً قالَت العربُ بأنّك صلّيتَ عليه، ولو مدحتَ شخصاً قالت العربُ بأنّك صلّيتَ عليه؛ لأنّه يُعتبرُ نوعاً مِن إظهارِ التعظيمِ والمحبّة له، وعلى ذلكَ تكونُ صلاةُ اللهِ على النبيّ بمعنى أنَّ اللهَ يُظهرُ عظمةَ النبيّ ومحبّتَه ولذلكَ دعاءُ المؤمنينَ لفعلِ ذلكَ بتمجيدِه وتعظيمِه ومحبّتِه، ومِن هُنا كانَ الدعاءُ للنبيّ مصداقاً لإظهارِ المحبّةِ والتعظيمِ له. وذهبَ البعضُ إلى أنَّ أصلَ الصلاةِ في اللغةِ يعني الانعطافَ، فصلّى عليه أي انعطفَ نحوَه، وقد ذهبَ العلّامةُ الطباطبائيُّ إلى هذا المعنى بقولِه: (أنَّ أصلَ الصلاةِ الانعطافُ فصلاتُه تعالى انعطافُه عليهِ بالرحمةِ انعطافاً مُطلقاً لم يُقيَّد في الآيةِ بشيءٍ دونَ شيءٍ وكذلكَ صلاةُ الملائكةِ عليهِ انعطافٌ عليهِ بالتزكيةِ والاستغفارِ وهيَ منَ المؤمنينَ الدعاءُ بالرّحمة) فاللهُ ينعطفُ نحوَ العبادِ بالرّحمةِ والمحبّةِ والعنايةِ واللطفِ بهم، وينعطفُ العبادُ نحوَ بعضِهم بالتعاونِ والمحبّةِ والسلامِ والدعاءِ والمدحِ والثناء، وبذلكَ أظهرَت الآيةُ انعطافَ اللهِ للنبيّ ثمَّ أمرَت المؤمنينَ بفعلِ ذلك. ومِن كلِّ ذلكَ يتّضحُ أنَّ الصلاةَ هيَ صلةٌ وانعطافٌ فيهِ تعظيمٌ وإظهارٌ للمحبّة، وعليهِ تكونُ الصلاة ُعلى النبيّ في قبالِ مَن يؤذي النبيَّ ولذا جاءَت الآياتُ على النحوِ التالي (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيهِ وَسَلِّمُوا تَسلِيمًا * إِنَّ الَّذِينَ يُؤذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُم عَذَابًا مُهِينًا).
اترك تعليق