هل يعلمُ الميّتٌ بموتِه قبلَ أيّام؟
السلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه،إنَّ شعورَ بعضِ الناسِ بدنوّ أجلِهم واقترابِ موتِهم أمرٌ متحقّقٌ في الجُملة، فإنّ الكثيرَ منّا سمعَ عن حالاتٍ جرَت معَ بعضِ الناسِ الذينَ ماتوا وكانوا يقولونَ قبلَ موتِهم أنّهم يموتونَ بهذا المرضِ أو خلالَ فترةٍ قصيرة ونحو ذلكَ ثمَّ يتحقّقُ كلامُهم. ولكنَّ هذا الشعورَ ـ عادةً ـ ليسَ على نحوِ البتِّ واليقين، بل على نحوِ الظنّ، ويشهدُ لهذا: وجودُ حالاتٍ كثيرةٍ لمرضى يشعرونَ بالموتِ ويُخبرونَ عن دنوّ ساعةِ وفاتِهم، لكنّهم بعدَ ذلكَ يسلمونَ منَ المرضِ ويعيشونَ سنواتٍ مديدة. ويحدثُ مثلُ هذا الشعورِ عادةً عندَ وجودِ حالةٍ مرضيّةٍ، يجدُها المريضُ لا تتلاءمُ معَ عمومِ حالتِه الصحيّة، أو يلهمُ اللهُ تعالى الإنسانَ بدنوّ اقترابِ أجلِه، ليُهيّءَ نفسَه للرّحيل، بالتزوّدِ بما يستطيعُ منَ الطاعاتِ والخيرات، وبتلافي ما فاتَه منَ الطاعةِ والتوبة، وبالوصيّةِ في الأهلِ والأولادِ والأموالِ والحقوقِ والطاعاتِ والمبرّاتِ وغيرِ ذلك. وهذا الشعورُ غيرُ مُحدّدٍ بمدّةٍ مُعيّنةٍ كأسبوعٍ مثلاً، بل قد يكونُ قبلَ موتِه بيومٍ أو يومين أو شهرٍ أو شهرين، فالأمرُ مُختلفٌ بينَ شخصٍ لآخر، ومِن حالةٍ لأخرى، فلا مجالَ للجزمِ بأنّه يشعرُ بذلكَ قبلَ أسبوعٍ مثلاً. ثمّ إنّ مثلَ هذا الشعورِ ليسَ عامّاً لكلِّ أحدٍ، فإنَّ (موتَ الفُجأة) الذي يحدثُ كثيراً ممّا يستبعدُ فيهِ أن يكونَ الميّتُ قد شعرَ بموتِه قبلَ أيّام، فإنّ الشعورَ باقترابِ الموتِ يكونُ عادةً عندَ وجودِ علاماتٍ وأماراتٍ تنبئُ عن ذلكَ كما تقدّمَت الإشارةُ إليه. هذا ما يمكنُ أن يُقال، والقضيّةُ غيرُ واضحةٍ جدّاً لنا إذ لم نجرِّب الموتَ، كما لم نعثُر على روايةٍ معصوميّةٍ تشرحُ ذلكَ لنعتمدَ عليها في المقام. والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.
اترك تعليق