وردَ عن أبي عبدِ اللهِ الصادقِ (ع)، قالَ: « مَن زارَ الحسينَ (ع) في أوّلِ يومٍ مِن رجب غفرَ اللهُ لهُ البتّة » ما معنى غفرانِ الذنوبِ البتّة؟ أرجو بيانَ الحديثِ الشريف. ؟
السلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاته،وردَت الرواياتُ المُستفيضةُ في أنّ زيارةَ الإمامِ الحُسين (عليهِ السلام) توجبُ غفرانَ الذنوب، وقد عقدَ لها المُحدّثُ الأقدمُ ابنُ قولويه القمّيّ في [كاملِ الزياراتِ ص312 وما بعدَه] باباً خاصّاً بعنوان: « بابُ أنّ زيارةَ الحُسينِ (عليهِ السلام) تحطُّ الذنوبَ »، وأدرجَ فيه تسعةَ أحاديث، وعقدَ الشيخُ المُعاصرُ المرحومُ مُحمّد حسن الاصطهباناتيّ في كتابِه الفخم [نورُ العين في المشي إلى زيارةِ الحُسين (عليهِ السلام)] أبواباً في معنى ذلك، كـ« البابِ الثالثِ والسبعون والمائة: إنّ زيارةَ الحُسين (عليهِ السلام) توجبُ كتابةَ الحسناتِ ومحوَ السيّئاتِ ورفعَ الدرجات » نقلَ فيه إثني عشرَ حديثاً، و « البابِ الرابعِ والسبعونَ والمائة: إنّ زيارتَه (عليهِ السلام) توجبُ غفرانَ الذنوب »، نقلَ فيه اثنين وثلاثينَ حديثاً، و « البابِ الخامسِ والسبعون والمائة: إنّ زيارتَه (عليهِ السلام) توجبُ غفرانَ ذنوبِ خمسينَ سنةٍ »، و « البابِ السادسِ والسبعونَ والمائة: إنّ زيارتَه (عليهِ السلام) توجبُ غفرانَ ذنوبِ سبعينَ سنة » أوردَ فيهما حديثين، نقَل هذه الأحاديثَ مِن كتبِ الحديثِ المتنوّعة؛ كالكافي للشيخِ الكلينيّ، وكاملِ الزياراتِ لابنِ قولويه القميّ، وعيونِ أخبارِ الرّضا (عليه السلام) وثوابِ الأعمالِ للشيخِ الصّدوق، وتهذيبِ الأحكامِ والأمالي لشيخِ الطائفةِ الطوسيّ، وغيرها. وهناكَ أحاديثُ أخرى لم تُدرج ضمنَ هذهِ الأبواب، وإنّما أُدرجَت في أبوابٍ أخرى، كفضلِ زيارةِ الحُسين (عليهِ السلام) في أوّلِ شهرِ رجب، وزيارتِه (عليهِ السلام) يومَ عرفة، وزيارتِه (عليه السلام) ليلةَ النصفِ مِن شعبان، وغيرِ ذلك. ومِن تلكَ الأحاديثِ: ما رواهُ الكُلينيّ في [الكافي ج4 ص582]، وابنُ قولويه في [كاملِ الزيارات ص313]، والصدوقُ في [الفقيهِ ج2 ص581، وثوابِ الأعمال ص111] عن الحُسينِ بنِ محمّد القميّ، قالَ: قالَ أبو الحسنِ موسى بن جعفر (عليهِ السلام): « أدنى ما يُثابُ به زائرُ الحُسين (عليهِ السلام) بشطِّ الفراتِ إذا عرفَ حقَّه وحرمتَه وولايتَه أن يُغفرَ له ما تقدّمَ مِن ذنبِه وما تأخّر ». ومنها: ما رواهُ الشيخُ الصّدوقُ في [الأمالي ص470]، والطوسيّ في [تهذيبِ الأحكام ج6 ص108] عن عبدِ اللهِ بنِ الفضلِ الهاشميّ، عن أبي عبدِ الله الصادقِ (عليهِ السلام) قالَ: « مَن زارَ قبر أبي عبدِ اللهِ الحُسين بنِ علي (عليهِ السلام) وهوَ يعلمُ أنّه إمامٌ منَ اللهِ مُفترضُ الطاعةِ على العبادِ غفرَ اللهُ له ما تقدّمَ مِن ذنبِه وما تأخّر ». ومِنها: ما رواهُ ابنُ قولويه في [كاملِ الزيارات ص342] عن صفوانَ الجمّال، عن أبي عبدِ الله (عليهِ السلام) قالَ: « مَن اغتسلَ بماءِ الفراتِ وزارَ قبرَ الحُسين (عليهِ السلام) كانَ كيومِ ولدَته أمّه، صفراً منَ الذنوبِ ولو اقترفَها كبائر ». ومِنها: ما رواهُ ابنُ قولويه في [كاملِ الزياراتِ ص273]، والطوسيّ في [تهذيبِ الأحكام ج6 ص44] عن قدامةَ بنِ مالك، عن أبي عبدِ الله (عليهِ السلام) قال: « مَن زارَ الحُسين (عليهِ السلام) مُحتسِباً لا أشراً ولا بطراً ولا رياءً ولا سُمعةً، مُحّصَت عنه ذنوبُه كما يُمحّص الثوبُ في الماء، فلا يبقى عليهِ دنس ». ومنها: ما رواهُ ابنُ قولويه في [كاملِ الزيارات ص274] عن عبدِ اللهِ بنِ مسكان، عن أبي عبدِ الله (عليهِ السلام) قالَ: « مَن زارَ الحُسينَ (عليه السلام) يريدُ بهِ وجهَ الله أخرجَه اللهُ مِن ذنوبِه كمولودٍ ولدَته أمّه ». وغيرُها منَ الرواياتِ الكثيرةِ، والمُستفادُ مِن هذهِ الأحاديث: أنّ زيارةَ الحُسين (عليهِ السلام) توجبُ غفرانَ الذنوبِ عن الإنسانِ كيومِ ولدَته أمّه، ولكِن بشروطٍ وقيود، كالإخلاصِ وطلبِ وجهِ الله تعالى وعدمِ الرياءِ والسمعةِ والبطر، والاعتقادِ بالعقيدةِ الحقّةِ والولايةِ الإلهيّةِ لأهلِ البيت (عليهم السلام)، ونحوِ ذلك.. ولهذا قالَ الفقيهُ السيّدُ محمّد صادِق الروحانيّ في جوابِ استفتاءٍ بهذا الخصوص: « باسمِه جلّت أسماؤه، ممّا استفاضَت به الرواياتُ: أنّ زيارةَ الإمامِ الحُسين (عليهِ السلام) مِن موجباتِ غفرانِ الذنوب، إلّا أنّها على نحوِ الاقتضاءِ لا العلّيّةِ التامّة، وهذا يعني عدمَ تحقّقِ أثرِها إلّا معَ تحقّقِ الشرائطِ وعدمِ الموانع، فهيَ نظيرُ النارِ التي تقتضي الإحراق، ولكنّها لا تؤثّرُ أثرَها إلّا معَ تحقّقِ الشرائطِ كاقترابِ الجسمِ المُحترِق منها، وارتفاعِ الموانعِ كالرطوبةِ ونحوِها » [ينظر: أجوبةُ المسائل ج1 ص319ـ320]. والحمدُ للهِ ربّ العالمين.
اترك تعليق