مركز العواطف والإدراك
أرجو من جنابكم الكريم بيان ما مدى دقة هذا الكلام (( أن المركز الأصلي للإدراك، والعواطف، والجامع لهما في الواقع، والحقيقة هي :( الروح ) إلا أن ادراك الروح للمسائل العقلية، وإحساسها بالقضايا العاطفية، إنما يكون بواسطة الجسم المادي، فإنَّ الروح وإن كانت مجردة في ذاتها، ولكنها ليست مجردة في أفعالها، فإنها في عالم الملك، والشهادة مفتقرة فعلاً إلى الجسم لتوقف فعلها عليه، وإستخدامها له في حاجاتها . وحينئذ فإن إدراك الروح الإدراكات، والمدركات الحسية، وغيرها يكون بواسطة الدماغ، باعتبار أنه مركز الإدراك في الجسم المادي، فإن ردود فعل الفهم، والإدراك تظهر أولاً في جهاز الدماغ، لذلك نشعر أننا نستقبل المسائل الفكرية بدماغنا حيث يتم تحليلها، وتفسيرها . وبما أن مركز العواطف في الجسم هو القلب المادي الصنوبري الشكل، باعتبار أن ردود فعل القضايا العاطفية، كالحب، والبغض، والخوف، والسكينة، والفرح، والهم، تظهر في القلب المادي بشكل واضح، ويحسها الإنسان في هذا الموضع من الجسم، فإن بواسطة هذا القلب الصنوبري يكون إحساس الروح بالمسائل العاطفية، وأول ما تؤثر، فإنها تؤثر على هذا المركز، حيث تنقدح الشرارة الأولى )) وشكرا لكم مقدما .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: ما تفضّلَ به السّائلُ صحيحٌ، فالإدراكُ والعاطفةُ وكلُّ ما هوَ شعورٌ مِن قضايا الروح، والجسدُ بما هوَ مادّةٌ (مِن دونِ روح) لا يكونُ مصدراً لتلكَ الإدراكات، وعندَما تتلبّسُ الروحُ بالجسدِ تقومُ بالاستعانةِ به لتحقيقِ الإدراكِ والشعور، فتبصرُ بالعينِ، وتسمعُ بالأذن، وتتكلّمُ باللسان، وهكذا يتمُّ إحساسُ الروحِ بالمُحيطِ الخارجي عبرَ الجسد، وعلى ذلكَ يمكنُ القولُ إنَّ الروحَ تستعينُ بالمُخِّ للتعقّلِ وبالقلبِ للعاطفة، وعندَما تنفصلُ الروحُ عن الجسدِ سواءٌ كانَ بالموتِ أو حتّى في المنامِ يحصلُ لها الإدراكُ والشعورُ من دونِ واسطةِ الجسد، ففي عالمِ البرزخِ يكونُ النعيمُ والعذابُ روحيّاً وليسَ جسديّاً، كما أنَّ في المنامِ ترى الروحُ بلا عينٍ مادّيّةٍ وتسمعُ بلا أذنٍ وتشعرُ بالألمِ أو السّعادةِ من دونِ توسّطِ الجسد. الأمرُ الذي يؤكّدُ مسؤوليّةَ الروحِ عن كلِّ تلكَ الإدراكات.
اترك تعليق