في رواية : عن الرجلِ ينكحُ الجاريةَ من جواريه ومعهُ في البيتِ مَن يرى ذلكَ ويسمع قالَ : لا بأس. فكيف يكون هذا حلالاً ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : أصلُ هذا الخبرِ رواهُ الشيخُ الطوسي في تهذيبِ الأحكام، (ج ٨/ص208) عن الحُسينِ بنِ سعيدٍ عن حمّادٍ بنِ عيسى عن عبدِ اللهِ بنِ أبي يعفور عن أبي عبدِ الله عليهِ السلام عن الرجلِ ينكحُ الجاريةَ من جواريه ومعهُ في البيتِ مَن يرى ذلكَ ويسمع قالَ : لا بأس. وهو خبرٌ صحيحٌ أقرّ به علماءُ الإماميّةِ جميعُهم كما في (الزبدةِ الفقهيّةِ ج6/ص437)، والنجعةِ في شرحِ اللمعة، ج ٩، الشيخُ مُحمّد تقي التستري، ص ٦١). ثُمَّ إنّ هذا الحُكمَ غيرُ مُستغربٍ، لأنّه مِن أحكامِ الأمَةِ المعروفةِ بينَ أهلِ العلم ، وهو يختلفُ عن أحكامِ الحُرّة، فلو جامعَ الحُرّةَ على هذهِ الحالِ كانَ فعلهُ مكروهاً، ففي الكافي ( في البابِ الأوّلِ) « عن الحُسينِ بنِ زيدٍ ، عن الصّادقِ عليهِ السّلام - في خبرٍ - : وكانَ عليٌّ بنُ الحُسين عليهما السّلام إذا أرادَ أن يغشى أهلَه أغلقَ البابَ وأرخى السّتورَ وأخرجَ الخدمَ ». وعن الحُسينِ بنِ بسطام وأخوهُ في (طبِّ الأئمّةِ) عن أحمدَ بنِ الحسنِ بنِ الخليل عن محمّدٍ بنِ إسماعيل، عن النعمانَ بنِ يعلى، عن جابرٍ قالَ: قالَ أبو جعفرٍ عليهِ السلام إيّاكَ والجماعَ حيثُ يراكَ صبيٌّ يُحسِنُ أن يصفَ حالَك قلتُ: يا ابنَ رسولِ اللهِ كراهةَ الشنعةِ؟ قالَ: لا فإنّكَ إن رُزقتَ ولداً كانَ شهرةً علماً في الفسقِ والفجور. وعن خلفٍ بنِ أحمد، عن محمّدٍ بنِ مروان، عن ابنِ أبي عُمير، عن سلمةَ، عن أبي بصيرٍ، عن أبي عبدِ الله عليهِ السلام أنّه قالَ إيّاكَ أن تجامعَ أهلَك وصبيٌّ ينظرُ إليك فإنَّ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله كانَ يكرهُ ذلكَ أشدَّ كراهية. وقد قالَ الشيخُ المُفيد في هذا الصّددِ : « لا يجوزُ للرّجلِ أن يجامعَ زوجتَه وله زوجةٌ أخرى حرّةٌ تراه ، ولا بأسَ بذلكَ في الإماءِ ومُلكِ اليمين . وتجدرُ الإشارةُ إلى أنّ بعضَ العلماءِ كالحرِّ العامليّ وغيرِه يذهبُ إلى التستّرِ منَ الصبيّ ونحوِه مُطلقاً سواءٌ جامعَ زوجتَه أو أمتَه استناداً إلى بعضِ الرواياتِ التي مِنها: ففي كتابِ وسائلِ الشيعةِ للحرِّ العامليّ (ج14/ص93)، أوردَ عدّةَ رواياتٍ تؤيّدُ ذلكَ مِنها: عن البُرقي في (المحاسنِ)، عن أبيهِ، عن عبدِ اللهِ بنِ الحُسينِ بنِ زيد، عن أبيه، عن أبي عبدِ اللهِ عليهِ السّلام قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله والذي نفسي بيدِه لو أنَّ رجلاً غشى امرأتَه وفى البيتِ صبيٌّ مُستيقظٌ يراهُما ويسمعُ كلامَهما ونفسَهما ما أفلحَ أبداً إن كانَ غلاماً كانَ زانياً أو جاريةً كانَت زانيةً وكانَ عليٌّ بنُ الحُسين عليهما السلام إذا أرادَ أن يغشى أهلَه أغلقَ البابَ وأرخى الستورَ وأخرجَ الخدم. وفي (العِللِ) عن محمّدٍ بنِ الحسنِ، عن الصفّار، عن أحمدَ بنِ محمّد، عن أبيه، عن القاسمِ بنِ محمّد، عن إسحاقَ بنِ إبراهيم، عن حنانٍ بنِ سدير، عن أبيه، عن أبي عبدِ الله عليهِ السلام قالَ: سمعتُه يقول: لا يجامعُ الرجلُ امرأتَه ولا جاريتَه وفي البيتِ صبيٌّ فإنَّ ذلكَ ممّا يورثُ الزنا. وعن محمّدٍ بنِ يعقوب، عن عليٍّ بنِ إبراهيم، عن أبيه، عن القاسمِ بنِ محمّدٍ الجوهري، عن إسحاقَ بنِ إبراهيم، عن أبي أيّوب، عن ابنِ راشد، عن أبيه قالَ: سمعتُ أبا عبدِ اللهِ عليهِ السلام يقولُ: لا يجامعُ الرّجلُ امرأتَه ولا جاريتَه وفى البيتِ صبيٌّ فإنَّ ذلكَ ممّا يورثُ الزنا. وعنه، عن أبيه، عن ابنِ أبي عُمير، عن حمّادَ، عن الحلبي، عن أبي عبدِ الله عليهِ السلام قالَ: سألتُه عن قولِ اللهِ عزَّ وجل " أو لامستُم النساء " فقالَ: هوَ الجماعُ ولكنَّ اللهَ ستيرٌ يحبُّ السّترَ فلم يُسمِّ كما تُسمّون. وفي (عيونِ الأخبار) و (الخِصال) عن محمّدٍ بنِ عليّ ماجيلويه، عن عمِّه محمّدٍ ابنِ أبي القاسم، عن أحمدَ بنِ أبي عبدِ الله، عن محمّدٍ بنِ عليّ، عن أبي أيّوب، عن سليمانَ بنِ جعفرٍ الجعفري، عن الرّضا، عن آبائِه عليهم السّلام قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله: تعلّموا منَ الغُرابِ خصالاً ثلاثاً: استتارَه بالسّفاد، وبكورَه في طلبِ الرزقِ، وحذرَه. فنستنتجُ ممّا تقدّمَ أنّ جماعَ الأمةِ على الحالةِ المفروضةِ في منطوقِ السؤالِ جائزٌ، وفي الحرّةِ مكروهٌ، ولكنَّ مُقتضى الاحتياطِ في ذلكَ هوَ ما إليهِ الحرُّ العامليّ وغيرُه. ودمتُم سالِمين.
اترك تعليق